شهادات مروّعة من تورا بورا وغوانتانامو إسرائيل… تعذيب حتى الموت

1 أغسطس 2024
شهادات مروّعة من تورا بورا وغوانتانامو إسرائيل… تعذيب حتى الموت


تناولت صحيفة “واشنطن بوست” مقالًا عن التعذيب الذي يتعرّض له الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية التي شبّهتها الصحيفة بمعتقل”غوانتانامو” الشهير.
وكشفت الصحيفة عن العنف والحرمان في السجون الإسرائيلية، بعد شهادات من 11 فلسطينيًا سابقًا وعدد من المحامين وإستعراض تقارير التشريح.

Advertisement

وبحسب الصحيفة، بعض المعتقلين الفلسطينيين لقوا حتفهم جراء تمزق الطحال وكسور الأضلاع بعد تعرضهم للضرب من قبل حراس السجون الإسرائيليين.
والبعض الآخر تعرّض للموت المؤلم بسبب عدم معالجة حالة مزمنة، وصاح آخر طلبًا للمساعدة لساعات قبل وفاته.
وروى شهود عيان للصحيفة تفاصيل وفاة السجناء وأكدها أطباء من منظمة “أطباء إسرائيليون من أجل حقوق الإنسان”، الذين حضروا تشريح الجثث. الرجال الثلاثة هم من بين ما لا يقل عن 12 فلسطينيا من الضفة الغربية وإسرائيل ماتوا في السجون الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول، كما توفي عدد غير معروف من السجناء من قطاع غزة.
وأكدت جمعيات حقوق الإنسان للصحيفة إن الظروف في السجون الإسرائيلية المزدحمة تدهورت بشكل خطير منذ 7 تشرين الأول، ووصف سجناء فلسطينيون سابقون ضربات روتينية غالبًا ما تنفذ على خلايا أو أقسام كاملة، عادةً باستخدام الهراوات وأحيانًا بإستخدام الكلاب.
وقالت الجمعيات إن بعض السجناء حُرموا من الغذاء والرعاية الطبية الكافية وتعرضوا للإساءة النفسية والجسدية.
وتحدثت الصحيفة إلى 11 سجينًا سابقًا وعدد من المحامين، وفحصت سجلات المحكمة وراجعت تقارير التشريح، مما كشف عن العنف والحرمان الواسع والمميت في بعض الأحيان من قبل سلطات السجون الإسرائيلية.
وفي حين تركز الإهتمام الدولي والإدانة على وضع المحتجزين الغزاويين خاصة في الموقع العسكري سيء السمعة “سدي تيمان”، قال دعاة حقوق الإنسان إن هناك أزمة أعمق وأكثر منهجية في نظام العقوبات في إسرائيل.
“العنف منتشر”، قالت جيسيكا مونتيل، المديرة التنفيذية لمجموعة حقوق الإنسان الإسرائيلية التي تعمل منذ سنوات مع السجناء الفلسطينيين. “السجون مكتظة جدًا”.
تال شتاينر، المديرة التنفيذية للجنة لمناهضة للتعذيب في إسرائيل، تعزو الإساءة، جزئيًا، إلى جو من الإنتقام في إسرائيل بعد هجوم حماس، وقالت: “إنه مزيج من المشاعر الفردية السلبية والعنيفة جدًا، ودعم صانعي السياسات، وعدم وجود مساءلة”.
وتابعت الصحيفة: “في “سدي تيمان”، إندلعت الفوضى الإثنين بعد أن إحتجز الجيش الإسرائيلي تسعة من جنود إحتياط للتحقيق في قضية إساءة معاملة سجين.
عندما سُئلت عن السجناء الذين لقوا حتفهم في السجون منذ 7 تشرين الأول، وكذلك عن الإدعاءات الأخرى، قالت خدمة السجون الإسرائيلية في بيان: “لسنا على علم بالإدعاءات التي وصفتها، وعلى حد علمنا، لم تحدث مثل هذه الأحداث. ومع ذلك، يحق للسجناء والمعتقلين تقديم شكوى سيتم فحصها ومعالجتها بالكامل من قبل السلطات الرسمية”.
وقالت خادمة السجون: إن نظام السجون، الذي بُني لإحتواء 14,500 سجين، كان يضم 21,000، بإستثناء حوالي 2,500 معتقل من غزة.
وتبحث المحكمة الجنائية الدولية في إصدار مذكرات إعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بشأن سلوك إسرائيل في غزة.
وكشفت الصحيفة أن الظروف في السجون قد تؤدي إلى المزيد من الإجراءات القانونية الدولية.
“وتابعت الصحيفة: “إسرائيل تواجه صعوبة في صد الإدعاءات ضدها، وبعضها قائم على أسس جيدة”.
“أزمة الإحتجاز تخلق تهديدات للأمن القومي الإسرائيلي، وعلاقاته الخارجية، وقدرته على تحقيق الأهداف الحربية.
تورا بورا وشهادات مروّعة
بالنسبة لعبد الرحمن بحاش، البالغ من العمر 23 عامًا، أصبح السجن حكمًا بالإعدام.
وقالت عائلته إنه كان عضوًا في كتائب شهداء الأقصى وإعتُقل على خلفية إشتباكات مسلحة مع القوات الإسرائيلية في مدينة نابلس بالضفة الغربية.
وفي السياق، قالت خدمة السجون الإسرائيلية إنها لا يمكنها تحديد التهم التي وُجهت إلى بحاش.
وقال سجين يبلغ من العمر 28 عامًا، إن الضباط داهموا جميع الزنازين في الجناح وقيدوا السجناء قبل ضربهم. ومثل هذه الضربات حدثت مرتين في الأسبوع أثناء فترة إعتقاله.
قال السجين إن الحراس هاجموهم “بطريقة مجنونة”. إستخدموا هراواتهم وركلونا في كل أنحاء أجسادنا.”
وبعد الضرب، تم نقل بحاش وأعضاء آخرين في زنزانته إلى منطقة من غرف العزل تُسمى “تورا بورا”، نسبة إلى شبكة الكهوف الأفغانية التابعة للقاعدة.
“وتابع السجين: “كان صوت الصراخ في كل القسم”، عاد بحاش مع كدمات عميقة، يشتكي من أن أضلاعه قد تكون مكسورة،وعندما طلب المساعدة، قال زميله، خذ مسكن ألم بسيط”.
“وروى السجين أن بحاش لم يكن قادرًا على الوقوف، وساعدناه في المشي كما لو كان طفلاً”.
وتوفي بحاش بعد حوالى ثلاثة أسابيع، وكشف تشريح الجثة عن “علامات إصابة على الصدر الأيمن والبطن الأيسر، مما تسبب في كسور متعددة في الأضلاع وإصابة الطحال، ربما نتيجة اعتداء”، وفقًا لتقرير من دانيال سولومون، الطبيب الذي حصل على إذن من السلطات لحضور التشريح.
وصنّف سولومون الفشل التنفسي الناتج عن الإصابات كأسباب محتملة للوفاة، وتم حجب نتائج التشريح عن العائلة، وكذلك جثمان بحاش.
قال صائب عريقات، شقيق زوجته، إن الشاب كان في قمة لياقته البدنية قبل السجن. واصفًا “مجيدو” بالـ”مقبرة”.
عبد الرحمن المعري، البالغ من العمر 33 عامًا، توفي في مجيدو في 13 تشرين الثاني، وكان في السجن منذ شباط 2023، وفقًا لشقيقه إبراهيم، الذي قال إنه اعتقل وإتهم بالإنتماء إلى حماس وحيازة سلاح.
فقدت الأسرة الاتصال به بعد 7 تشرين الأول، وما زالوا يحاولون معرفة تفاصيل وفاته.
وقال تقرير من الطبيب الشرعي داني روزين أن “الكدمات كانت مرئية على الصدر الأيسر، مع كسر في الأضلاع، كانت الكدمات مرئية على الظهر والأرداف والذراع اليسرى والفخذ، والجانب الأيمن من الرأس والرقبة”.
وقال السجين خيري حمد، إن المعري تعرض للركل بينما كان مكبل اليدين – كعقاب على التحدث للحرَّاس خلال تفتيش غرفة حيث كان السجناء عراة ويضربون.
وتوفي لاحقًا بعد صراخه من الألم، بحسب المحامي ساري خوريه.
“كان يصرخ طوال اليوم والليل”، قال خوريه. “أحتاج إلى طبيب”.
في الصباح، إستمع خوريه إلى الحراس، وسمعهم يحاولون إنعاش المعري، ثم رآه يُنقل في حقيبة جثث.
الإكتظاظ والإهمال
ووفقًا لروزين، هناك تقارير عن إهمال المساعدة الطبية للسجناء، وكان يمكن تجنب وفاة عدد كبير منهم لو تمت معالجة حالتهم المزمنة.
وتمت معالجة سجناء آخرين مثل “الكلاب”، قالت مجموعة حقوق الإنسان
وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الفلسطينية، عدد قياسي من 9,700 سجين فلسطيني كان يحتجز في السجون الإسرائيلية في ايار، حوالي 3,380 منهم كانوا معتقلين إداريين بدون تهمة أو محاكمة، وتلك الأعداد لا تشمل السجناء من غزة.
 
وقال سجناء سابقون للصحيفة: “كانت الزنزانات المخصصة لستة أشخاص تحتوي أحيانًا على ضعف هذا العدد”.
وتمت إزالة الأغطية من نوافذ الزنزانات في الشتاء لتعرضهم للبرد،وقال آخرون إن النشيد الوطني الإسرائيلي كان يعزف بشكل مستمر بأصوات عالية، وتُركت الأضواء ليلًا لإزعاج نومهم.
وتم ضرب سجين فلسطيني أمام قاضٍ، وفقًا لمحاميه وسجلات المحكمة التي راجعتها الصحيفة.
“يمكننا سماع الآن في الخلفية صرخات أشخاص يتعرضون للضرب”، قالت محاضر المحكمة، وتوقّفت الصرخات عندما تدخل القاضي
“أنفي مكسور”، قال المتهم، “أطلب ألا تنتهي الجلسة قبل أن يعدوا بعدم ضربي.”
الطعام القليل جدًا
رافق العنف والإهمال الطبي حرمان من الطعام، وفقًا لشهادات السجناء السابقين.
قال الصحفي معاذ عمارة، البالغ من العمر 37 عامًا، الذي سجن لمدة ستة أشهر في مجيدو، إن زنزانته التي كانت مخصصة لستة أشخاص كانت تحتوي على ما يصل إلى 15 شخصًا.
وكان السجناء يتشاركون الطعام وكان كل سجين يحصل على نصف كوب من الأرز، وكان لديهم وصول محدود إلى مياه الشرب.
ورفعت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل دعوى قضائية إلى المحكمة العليا بشأن ما وصفته بـ “سياسة التجويع”.
ووصف بعض المساجين المعتقلات الإسرائيلية بـ”غوانتانامو”.