على مدار عقود نفذت إسرائيل وواجهت اتهامات بالوقوف وراء عمليات اغتيال لقيادات الحركات الفلسطينية المسلحة أو الدول المعادية لها خلال فترات زمنية مختلفة، وكان آخرها مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بالعاصمة الإيرانية طهران.
لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن مقتل هنية، لكنها أكدت أنها وراء استهداف القيادي في حزب الله، فؤاد شكر، بضربة على الضاحية الجنوبية في بيروت.
كذلك، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، الخميس، إنه تأكد استخباراتيا من مقتل قائد الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، إثر غارات استهدفت منطقة خان يونس في قطاع غزة.
هذه الأسماء القوية في حركتي حماس وحزب الله لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة في سياسة الاغتيالات الإسرائيلية التي طالما استخدمتها إسرائيل.
وانقسم محللون وخبراء حول هذه السياسة، فمنهم من يرى أنها تأتي بنتائج قصيرة المدى، كون هؤلاء القادة يستبدلون بآخرين يواصلون نفس النهج، فيما يرى البعض الآخر أن ما حدث هو تنفيذ لوعد الحكومة باستهداف كل من كان ضالعا في هجوم السابع من تشرين الاول، وإيصال رسائل للرأي العام الداخلي.
وأشار بيان الجيش الإسرائيلي، الخميس، إلى أن الضيف كان من المبادرين والمدبرين لتنفيذ هجمات السابع من تشرين الاول، التي أودت بحياة نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفقا لبيانات رسمية.
إظهار قوة أم خداع للنفس؟
يرى الداعمون لهذه السياسة أن الضربتين الأخيرتين اللتين أسفرتا عن مقتل هنية وشكر، تشكلان عملية ضرورية لاستعادة قدرة إسرائيل على الردع والثقة بالنفس، التي تراجعت بشدة.
ووفقا لتحليل لصحيفة “هآرتس”، فإن هذه السياسة وأنباء اغتيال قيادات من حماس وحزب الله سوف ترفع من “معنويات الجمهور المكتئب، الذي يعاني يوميا من حرب رهيبة لا نهاية في الأفق لها”، بجانب إظهار استمرار الاختراقات الإسرائيلية الأمنية لحزب الله في لبنان ولإيران.
وفي تصريحات لموقع “الحرة”، قال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو الشوبكي، إن استخدام إسرائيل لسياسية الاغتيالات مسألة موجهة “للرأي العام الداخلي، وأيضا له علاقة بالبحث عن إنجازات ولو شكلية”.
وتابع: “في الوقت الذي نجحت فيه إسرائيل بالفعل في تفكيك جانب كبير من قوة حماس العسكرية وقضت على الكثير من عناصرها، لكنها تحتاج في ظل الحكومة المتطرفة الحالية إلى جوانب استعراضية تجعلها قادرة على الحديث عن انتصار”.
“تأثير مؤقت”
نفذت إسرائيل أو اتهمت بتنفيذ عشرات الاغتيالات بحق زعماء وقياديين للفصائل الفلسطينية، وكان أبرزهم الزعيم الروحي لحركة حماس، أحمد ياسين، الذي قتل في غارة جوية عام 2004، لكن اسمه بات يطلق على أحد صواريخ الحركة التي تستهدف إسرائيل.
وفي هذا الشأن، يواصل الشوبكي حديثه لـ “الحرة” قائلا: “من الناحية العملية ستأتي قيادات أخرى ولن يقضي ذلك على حركة حماس أو غيرها، لكنها أمور مطلوبة بشدة للرأي العام ورسالة إلى أن هناك انتصارات تحدث على الأرض”.
كما أشار إلى أن ما يحدث “هي دائرة عنف وعنف مضاد، والمفاوضات من أجل الوصول لوقف إطلاق نار متعثرة بالأساس لأسباب هيكلية بسبب (رئيس الوزراء بنيامين) نتانياهو وتملّصه من المقترح الذي عرضه الرئيس الأميركي، جو بايدن. الاغتيالات قد تعقد الأمور لكن المفاوضات بالفعل متعثرة من قبل ذلك”.
وذكر تحليل صحيفة “هآرتس” أن الضربات التي استهدفت كل من هنية وشُكر لا تمثل “تغييرا في قواعد اللعبة”، ففي الماضي نفذت إسرائيل عمليات اغتيالات ضد “فلسطينيين وعلماء نوويين إيرانيين”.
كما قال التحليل إنه طالما اتضح عبر عشرات الاغتيالات السابقة التي طالت “شخصيات رفيعة وقيادات، فإن تأثيرها على المنظمات كان مؤقتا، وسرعان ما تم تعيين آخرين في مكانهم. وحماس حركة شعبية ذات جذور عميقة، ولهذا فإنها سوف تنجو من فقدان شخصيات مثل الضيف تماما كما نجت من اغتيال مؤسس الحركة، أحمد ياسين، وغيره من كبار الشخصيات، بما في ذلك أحمد الجعبري، ومروان عيسى، وغيرهم”. (الحرة)