قتل 91 شخصا على الأقل وأصيب مئات آخرون في اشتباكات في بنغلادش الأحد عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق عشرات الآلاف من المحتجين المطالبين باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.
وعدد القتلى الذي يشمل 13 شرطيا على الأقل هو الأعلى في يوم واحد في تاريخ بنغلادش الحديث متجاوزا 67 وفاة في 19 تموز عندما خرج طلاب للشوارع للمطالبة بإلغاء نظام للحصص بالوظائف الحكومية.
وأعلنت الحكومة حظر التجول في أنحاء البلاد إلى أجل غير مسمى اعتبارا من الساعة السادسة مساء (1200 بتوقيت غرينتش) الأحد، وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة مثل هذه الخطوة خلال الاحتجاجات الحالية التي بدأت الشهر الماضي. كما أعلنت عطلة عامة لثلاثة أيام اعتبارا من الاثنين.
والاضطرابات، التي دفعت الحكومة إلى قطع خدمات الإنترنت، هي أكبر اختبار لرئيسة الوزراء منذ الاحتجاجات الدامية التي أعقبت فوزها بفترة رابعة على التوالي في المنصب في انتخابات جرت في يناير وقاطعها حزب بنغلادش الوطني، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.
واتهم معارضون، إلى جانب جماعات لحقوق الإنسان، حكومة الشيخة حسينة باستخدام القوة المفرطة لإخماد الحراك، وهو ما تنفيه رئيسة الوزراء والوزراء.
وأغلق متظاهرون طرقا سريعة رئيسية الأحد، وبدأ طلاب حملة احتجاج للضغط من أجل استقالة الحكومة، وانتشر العنف في أنحاء البلاد.
وقالت الشيخة حسينة بعد اجتماع للجنة الأمن القومي بحضور قادة الجيش والشرطة والجهات المعنية الأخرى “أولئك الذين يحتجون في الشوارع الآن ليسوا طلابا ولكنهم إرهابيون يريدون زعزعة استقرار البلاد”.
وأضافت “أناشد مواطنينا أن يقمعوا هؤلاء الإرهابيين بقوة”.
واستهدف المحتجون مراكز للشرطة وبعض مقار الحزب الحاكم وسط أعمال عنف بأنحاء البلد الذي يبلغ عدد سكانه 170 مليون نسمة.
وقال مسؤول الشرطة بيجوي بوساك إن 13 شرطيا تعرضوا للضرب حتى الموت في منطقة سيراجانج شمال غرب البلاد. وقتل تسعة آخرون في المنطقة حيث أضرمت النيران بمنزلي اثنين من النواب.
وقالت الشرطة وشهود إن 11 على الأقل قتلوا، بينهم طالبان ومسؤول كبير في الحزب الحاكم، وأصيب عشرات وسط اشتباكات عنيفة في عدة أماكن بالعاصمة داكا.
وحثت وزارة الخارجية الهندية مواطنيها بعدم السفر إلى بنغلادش حتى إخطار آخر.
إصابات بطلقات نارية
وقال شهود إن اثنين من عمال البناء قتلا بينما كانا في الطريق إلى العمل وأصيب 30 آخرون في منطقة مونسيجانج بوسط البلاد خلال اشتباكات بين المحتجين والشرطة وناشطين من الحزب الحاكم.
وقال مدير مستشفى المنطقة إن اثنين “نقلا إلى المستشفى وقد فارقا الحياة بسبب إصابات بطلقات نارية”.
قالت الشرطة إنها لم تطلق الذخيرة الحية.
وقال شهود إن ثلاثة على الأقل قتلوا وأصيب 50 آخرون في منطقة بابنا في شمال شرق بنغلادش خلال اشتباك بين محتجين وناشطين من حزب رابطة عوامي الحاكم.
وقال وزير الصحة سامانتا لال سين، بعد أن قامت مجموعة بتخريب مستشفى كلية الطب في داكا وإضرام النيران في مركبات منها سيارة إسعاف، “الهجوم على مستشفى أمر غير مقبول… يجب على الجميع الامتناع عن هذا”.
وقالت شركات تشغيل شبكات الهواتف المحمولة إن الحكومة عطلت للمرة الثانية خلال الاحتجاجات في الآونة الأخيرة خدمات الإنترنت عالية السرعة. ولم يعد متاحا استخدام منصتي فيسبوك وواتساب حتى عبر خدمات النطاق العريض.
وأفادت مذكرة سرية للحكومة اطلعت عليها رويترز بأن السلطات أصدرت تعليمات لشركات الاتصالات في وقت سابق الأحد بإغلاق خدمات الجيل الرابع وهو ما يوقف فعليا خدمات الإنترنت.
وجاء في المذكرة التي أصدرها المركز الوطني لمراقبة الاتصالات، وهي وكالة مخابرات حكومية “أنتم مطالبون بإغلاق جميع خدمات الجيل الرابع حتى إشعار آخر، يُسمح فقط بعمل خدمات الجيل الثاني”.
وقال مصدر مطلع لرويترز إن شركات الاتصالات أُبلغت في وقت سابق بأن تراخيصها ستلغى إذا لم تمتثل لأوامر الحكومة.
ولم يرد المركز على اتصالات من رويترز للتعليق.
وقُتل الشهر الماضي ما لا يقل عن 150 شخصا وأصيب آلاف فيما ألقت الشرطة القبض على نحو 10 آلاف خلال أعمال عنف اندلعت بسبب احتجاجات قادتها مجموعات طلابية اعتراضا على نظام لشغل الوظائف الحكومية قائم على الحصص.
وتوقفت الاحتجاجات مؤقتا بعد أن ألغت المحكمة العليا معظم الحصص لكن الطلبة عادوا إلى الشوارع في احتجاجات متفرقة الأسبوع الماضي مطالبين بالعدالة لأسر القتلى.
وذكر بيان أن رئيس أركان الجيش الجنرال واكر الزمان أصدر توجيهات إلى ضباطه بضمان أمن الأفراد وممتلكاتهم والمنشآت الحكومية المهمة تحت أي ظرف من الظروف.
ونقل البيان عنه قوله “جيش بنغلادش هو رمز لثقة الشعب. الجيش موجود دائما وسيكون دائما موجودا لمصالح الشعب ولأي احتياجات للدولة”.
“قلق بالغ”
وشدّد المفوّض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الأحد على “وجوب وضع حد للعنف المروّع في بنغلادش”، وحضّ الحكومة على الكف عن استهداف محتجّين سلميين، بحسب ما نقل عنه موقع “الأمم المتحدة” على الإنترنت.
وأعرب تورك في بيان عن “قلق بالغ من وقوع مزيد من الخسائر البشرية وحصول تدمير أوسع نطاقا بعد دعوة إلى مسيرة حاشدة في دكا غدا وتعبئة الجناح الشبابي في الحزب الحاكم ضد المحتجين”.
وأضاف تورك في بيانه “أناشد بصورة عاجلة القيادة السياسية وقوات الأمن التقيّد بواجبها حماية الحق في الحياة وحرية التجمع السلمي والتعبير”.
وشدد على ضرورة أن “يتوقف فورا الجهد المستمر لقمع السخط الشعبي، بما في ذلك من خلال الاستخدام المفرط للقوة، والنشر المتعمد للمعلومات المضللة والتحريض على العنف”. (الحرة)