وكتب محموديان في موقع “ناشونال إنترست” أن اهتمام إيران بضرب إسرائيل لا يتعلق هذه المرة بإظهار القوة وحسب، بل أيضاً بممارسة القوة وإلحاق الألم والأضرار الكبيرة بالإسرائيليين.
وأشار إلى أنّ إيران تواجه مشكلة كبيرة، ففي حين أنها قادرة على إلحاق الضرر عبر ضربة أولى، فإنها تفتقر إلى الوسائل العسكرية والقدرة على حماية نفسها من الضربات الانتقامية من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو من كلتيهما معاً إضافة إلى حلفائهما، وبالتالي، فإن السيناريو الأفضل لإيران ينطوي على ضربة تولد سلسلة من ردود الفعل التي تشغل إسرائيل، بحيث لا تتمكن من شن هجوم مضاد فوري أو فعال.
ويمكن أن يكون أحد الأهداف المحددة هو المنطقة بين الضفة الغربية وغزة، وللإسرائيليين قواعد عسكرية عديدة في هذه المنطقة لضمان حمايتهم. وفي حالة توجيه ضربة، قد تهدف إيران إلى إلحاق الضرر بهذه القواعد العسكرية، على أمل أن يؤدي الاستياء والغضب المتراكم في الضفة الغربية على مدى الأشهر الثمانية الماضية إلى ثورة ضد الإسرائيليين.
ومن المؤشرات على أن إيران قد تستهدف هذه المنطقة أن 4 من القواعد العسكرية السبع المستهدفة في قائمة الأهداف التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية تقع في هذا القطاع.
مع هذا، تُعوّل إيران على إمكانية أن يتحول الغضب في الضفة الغربية، إلى جانب الصراع المستمر في غزة والتوترات مع حزب الله في الشمال، إلى تغذية متقاطعة لوضع لا يمكن السيطرة عليه بالنسبة إلى إسرائيل. وفي هذا السياق، قد تنظر إيران إلى هذا الشريط من الأرض باعتباره عقب أخيل إسرائيل.
ملاحظة مهمة
من خلال ممارسة الضغط العسكري على هذه المنطقة، قد تأمل إيران توليد فرصة لحماس في غزة والفصائل في الضفة الغربية للتواصل أو على الأقل للتسبب بالمزيد من المشاكل لجيش إسرائيلي منتشر بشكل مفرط.
كذلك، فإنّ هجوماً كهذا قد يعرض للخطر النقل والاتصالات البرية بين شمال وجنوب إسرائيل، مما يولد عقبات لوجستية كبرى.
ومن المهم أيضاً ملاحظة أن إيران كانت تحاول تسليح الضفة الغربية، وثمة فرصة في أن تكون إيران قد نجحت بالفعل في إتمام ذلك.
وفي أعقاب الهجوم، تأمل إيران أن يؤدي هذا الوضع إلى إثارة العنف على نطاق واسع. وفي هذا السيناريو، قد تكون الخطوة التالية لإيران هي ترك الفوضى التي تلي ذلك لحزب الله، وإبقاء إسرائيل مشغولة، بينما تعيد إيران تجميع صفوفها أو تسعى إلى بدء المفاوضات.
مشكلة لم تُحل
إلى ذلك، ذكر محموديان أن المعضلة التي لا يزال الإيرانيون يواجهونها هي أنه لا يوجد ما يضمن أن يكون هناك تقسيم للعمل بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هكذا سيناريو.
مع هذا، ستواجه إسرائيل اضطرابات في الضفة الغربية وغزة وأراضيها، بينما ستواجه الولايات المتحدة إيران بشكل مباشر.
ويشكل انعدام اليقين هذا تحدياً كبيراً لإيران، بخاصة في ظل الانتخابات الأميركية المقبلة. ووفقاً لمحموديان، فإنّ عدم الاستجابة أو الاستجابة الضعيفة لحماية حليف رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد يكون مكلفاً لحزب الرئيس بايدن ومرشحة حزبه، كامالا هاريس.
وقد يكون حل إيران لمثل هذا السيناريو هو إطلاق العنان للوكلاء الشيعة كي يشنوا هجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا والأردن، ومن الممكن القول إن هذا الجزء من الانتقام قد بدأ بالفعل.
وعندما يتعلق الأمر بمهاجمة القوات الأميركية، قد يبرز وكلاء إيران في سوريا كلاعبين رئيسيين، حيث إن القوات الأميركية في التنف في محافظة حمص السورية أكثر عرضة للخطر بالمقارنة مع تلك الموجودة في العراق.
في غضون ذلك، قد يواصل الحوثيون هجماتهم ضد إسرائيل، وضرب ميناء إيلات وتصعيد مضايقاتهم لحركة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر، مما يتسبب بارتفاع تكاليف الشحن والضغوط المالية على الغرب.
مشكلة استخدام الوكلاء
وفي حين أن كل هذه الإجراءات يمكن أن تمارس ضغوطاً على الولايات المتحدة وإسرائيل، لا يزال استخدام الوكلاء عاجزاً عن حل المشكلة الرئيسية لإيران، وهي عدم التوازن في القوة بينها وبين الشراكة الإسرائيلية الأميركية.
وفي هذا السياق، يجب على إيران أن تكون حذرة، أي استخدام متهور للوكلاء يمكن أن يؤدي إلى رد فعل شديد يعرض للخطر شبكة الوكلاء التي أمضت أربعة عقود في بنائها.
وهذا لن يضر إيران فحسب، بل أيضاً شريكتيها الدوليتين الرئيسيتين، الصين وروسيا، وسيزيد استمرار الصراع في البحر الأحمر كلفة التجارة بالنسبة إلى الصين التي كانت تشكو لإيران.
بالإضافة إلى ذلك، إن استخدام الوكلاء في سوريا يشكل ضربة كبيرة لجهود روسيا ومكاسبها في سوريا، وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء الزيارة المفاجئة التي قام بها سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو إلى طهران. (24)