ذكرت صحيفة “The Guardian” البريطانية أنه “في 31 تموز، قامت إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وحتى اللحظة لم يصدر أي تبني إسرائيلي للعملية. وفي الحقيقة، كانت عملية الاغتيال بمثابة فشل استخباراتي مهين آخر لإيران. للمرة الثانية هذا العام، تقف المنطقة على شفا حرب كبرى فيما تدرس إيران الرد على استفزاز إسرائيلي كبير. ومن وجهة نظر المحللين الإيرانيين، فإن مثل هذه الاستفزازات هي بمثابة “فخاخ” نصبها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يريد جر إيران إلى حرب أوسع نطاقا، خاصة مع تصاعد الضغوط من أجل وقف إطلاق النار في غزة”.
Advertisement
وبحسب الصحيفة، “من غير المرجح أن يظل نتنياهو، الذي لا يحظى بشعبية متزايدة، رئيسا للوزراء في أعقاب وقف إطلاق النار، فلأعوام كان يبالغ في تقدير التهديد الذي تفرضه إيران من أجل تغذية صعوده السياسي، وهو الآن يسعى إلى الحرب مع إيران لتجنب سقوطه الشخصي. لقد تجنبت إيران هذا الفخ مرة واحدة من قبل. ففي 1 نيسان، أدت غارة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وكان رد إيران على الهجوم غير مسبوق. فقد تم إطلاق وابل من الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية من الأراضي الإيرانية باتجاه إسرائيل. وساعد الجيش الأميركي في تنسيق الدفاع الإسرائيلي، والذي أدى إلى الحد من الأضرار”.
وتابعت الصحيفة، “لم يقم الرد الإيراني المدروس باستعادة قوة الردع، فقد ظل نتنياهو يتمتع بالقدر الكافي من الجرأة لاستهداف هنية في طهران بعد بضعة أشهر فقط، ولكنه كشف عن حدود الضمانة الأمنية الأميركية “الصارمة”. لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لدعم الهجوم الإسرائيلي المضاد، ووعد الرئيس الأميركي جو بايدن “برد دبلوماسي” على إيران. وعندما ردت إسرائيل بالضربة في 19 نيسان، فعلت ذلك من جانب واحد، واستهدفت منشأة عسكرية واحدة. وبذلك، تم تجنب حرب أوسع نطاقا. ولكن الآن، بعد وفاة هنية، تطالب جيران إيران والدول الغربية طهران مرة أخرى بممارسة ضبط النفس”.
وأضافت الصحيفة، “ربما تكون موجة الدبلوماسية قد أخرت الرد الإيراني، لكن يبدو الآن أن إيران مستعدة للانتقام. فيوم الأحد، أخبر وزير الدفاع الأميركي، لويد جيه أوستن، نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن الولايات المتحدة تحرك مجموعة هجومية ثانية من حاملات الطائرات إلى المنطقة، إلى جانب غواصة صواريخ موجهة.وفي وقت مبكر من يوم 12 آب، أصدر زعماء المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بيانًا مشتركًا يحث “إيران وحلفائها على الامتناع عن الهجمات التي من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات الإقليمية وتعريض فرصة الاتفاق على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن للخطر”. وجاء البيان نتيجة لجهود مشتركة من الولايات المتحدة ومصر وقطر لتجنب حرب أوسع نطاقا. وكانت الدول الثلاث قد دعت إسرائيل وحماس إلى قمة في 15 آب، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن”.
وبحسب الصحيفة، “إن الجهود الرامية إلى درء هجوم إيراني من خلال التقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار تعكس نقطة مهمة من الإجماع بين القادة الغربيين والعرب والإيرانيين. وكما يقال إن بايدن يعتقد أن نتنياهو ربما يسعى لجر الولايات المتحدة إلى حرب أوسع ضد إيران، ويدرك القادة الإيرانيون أن نتنياهو نصب لهم فخاً.وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو يجب أن يستقيل عندما ينتهي الصراع، فالحرب مع إيران توفر له وسيلة لإعادة تقديم نفسه كمدافع صالح عن إسرائيل في نظر الجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي”.
وتابعت الصحيفة، “في ظل عدم قدرتها على تجاهل الضغوط الأميركية، أعلنت إسرائيل أنها سترسل مفاوضين إلى القمة، لكن حماس، التي يرأس مكتبها السياسي الآن القائد العسكري يحيى السنوار، ترفض الحضور. وقد تكون هذه حيلة من أجل النفوذ، إذ يقال إن السنوار يريد التوصل إلى اتفاق. ويمكن لإيران أن تضغط على حماس للانضمام إلى القمة، ولكن سيكون من مصلحتها أيضاً تأخير مشاركة حماس إلى حين تنفيذ هجومها الانتقامي. ولن ترغب طهران في شن هجوم أثناء محادثات وقف إطلاق النار، نظراً لخطر إخراج المفاوضات عن مسارها، وتريد إيران أيضاً أن تبدأ المحادثات بعد وقت قصير من هجومها، لضمان قيام الولايات المتحدة بتقييد رد فعل إسرائيل لتجنب خروج تلك المحادثات عن مسارها”.
وأضافت الصحيفة، “يقول المسؤولون الإيرانيون إن “أولويتهم هي التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة”، وأنهم سيدعمون “أي اتفاق تقبله حماس”، وهذه حجة ضرورية لأن إيران تمهد الطريق لهجومها. ولكن في نهاية المطاف، يتعين على المسؤولين الإيرانيين أن يدركوا أن وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يجعل إيران أكثر أمناً، ومن شأن الاتفاق أن يخفف من معاناة مئات الآلاف من المدنيين، ويستعيد الأمن لجيران إيران العرب، ويخفف التوترات مع الولايات المتحدة، وربما يؤدي إلى الإطاحة بنتنياهو. إن وقف إطلاق النار هو الطريقة التي تتجنب بها إيران الفخ”.