كيف استطاعت أوكرانيا اختراق الحدود الروسية والوصول إلى كورسك؟

14 أغسطس 2024
كيف استطاعت أوكرانيا اختراق الحدود الروسية والوصول إلى كورسك؟


ذكر موقع “الحرة”، أنّه في تطوّر لافت على جبهة الحرب الروسية على أوكرانيا، نفذت قوات كييف الأسبوع الماضي، عملية عسكرية جريئة داخل الأراضي الروسية، شكّلت تحوّلا استراتيجيا مهما في مسار الحرب المستمرة منذ شباط 2022، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وبحسب الصحيفة، فقد فاجأ هذا التوغل الذي تم التخطيط له وتنفيذه في سرية، حتى أقرب حلفاء كييف الساعية لقلب ديناميكيات حرب بدا وكأنها تخسرها، مع تقدم القوات الروسية في الشرق. 

وبعد العملية المهمة، تقول الصحيفة، إنّ “القوات الأوكرانية تواجه تحديات لوجستية وعسكرية في محاولتها للحفاظ على مكاسبها الأولية، بينما تتزايد الضغوط على موسكو للرد على هذا التهديد على أراضيها.

وتقول الصحيفة، إنه بالنسبة لروسيا، كان الهجوم الأوكراني “لحظة صادمة” فقد انهارت “دولة الأمن المبجّلة” التي بناها الرئيس فلاديمير بوتين، وفشلت في مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية مواطنيها، بل وتسائل بجدية تأكيدات بوتين بأن معظم الروس يمكنهم مواصلة حياتهم الطبيعية خلال الحرب.

وذكرت الصحيفة أن هذا الهجوم يشكّل “مجازفة كبيرة”، خاصة وأن روسيا تسيطر على معظم خط المواجهة في أوكرانيا وحققت تقدما كبيرا في الشرق. 

وذكرت الصحيفة أنه إذا تمكنت القوات الأوكرانية من الاحتفاظ بالأراضي، قد تتمكن من إرهاق قدرة القوات الروسية، وتوجيه إحراج كبير لبوتين، والحصول على ورقة مساومة لأي مفاوضات سلام. 

ولكن إذا نجحت روسيا في دفع القوات الأوكرانية خارج كورسك والتقدم في الوقت نفسه في شرق أوكرانيا، فقد يتم إلقاء اللوم على القادة العسكريين الأوكرانيين لمنحهم الروس فرصة لكسب المزيد من الأراضي، خاصة في منطقة دونيتسك.

وظل المسؤولون الأوكرانيون متحفظين بشأن المهمة، بما في ذلك ما إذا كانوا ينوون الاحتفاظ بالأرض أو التراجع إلى الدفاعات على جانبهم من الحدود. 

ولم يعترف زيلينسكي بالعملية علنا سوى السبت الماضي. وقال الجنود الأوكرانيون إنهم لم يكونوا على علم بالخطة مسبقا. وقال المحللون العسكريون الذين يقضون أيامهم في تتبع الحرب إنهم فوجئوا.

وقال باسي بارونين، محلل من “مجموعة الطائر الأسود”، وهي منظمة فنلندية تحلل لقطات ساحة المعركة: “هذا مثال جيد على كيف تتطلب العملية الناجحة الحديثة إجراءات أمنية تشغيلية قصوى وخداع”.

وتظهر خرائط ساحة المعركة التي جمعها محللون مستقلون أن الجنود من الألوية التي كانت تقاتل منذ فترة طويلة في الشرق قد انتقلوا بشكل سري إلى منطقة سومي الأوكرانية، عبر الحدود مباشرة من كورسك. 

ولاحظ بعض الروس هذه التغيرات. وتم تقديم تقرير إلى القيادة العسكرية الروسية قبل شهر من الهجوم،  بحسب ما قاله، أندريه غوروليوف، العضو البارز في البرلمان الروسي والضابط السابق الرفيع في الجيش، بعد التوغل.

وأضاف غوروليوف متأسفا على التلفزيون الوطني: “القوات قد تم رصدها وأن المعلومات الاستخباراتية أشارت إلى الاستعدادات لهجوم” “لكن جاء الأمر من الأعلى بعدم الذعر، وأن أولئك الذين في الأعلى يعرفون أفضل”.

وقبل التطورات الأخيرة، توقع القليلون فقط أن تكون أوكرانيا قادرة على شن هجوم جديد، إذ كانت الذخيرة تنفذ من الألوية الأوكرانية. وحتى مع بدء وصول أسلحة جديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية من الغرب، سيطرت حالة مزاجية شبه قدرية على العديد من الأوكرانيين، بأنهم كانوا يخسرون الأرض في الشرق، قدما بقدم.

ونقلت أوكرانيا أجزاء من الألوية إلى منطقة سومي تحت ذريعة التدريب واستلام معدات جديدة، كما قال نائب قائد إحدى الألوية، المقدم أرتيم، الذي طلب تحديد هويته باسمه الأول ورتبته فقط، تماشيا مع البروتوكول العسكري.

وتم نقل أسلحة ثقيلة. وتكدس الجنود في المنازل. اختبأ الأوكرانيون في وضح النهار. وتم إخبار الضباط بتجنب ارتداء الزي العسكري عند دخول البلدات والمدن حتى لا يلفتوا الانتباه، كما قال أحد الضباط، الذي عرّف نفسه بالاسم الحركي “تيخي”.

حتى داخل الجيش، لم يتم إطلاع الكثيرين بالعملية، بحسب تيخي، والذي يعني “الهادئ” باللغة الأوكرانية، كاشفا أن بعض الوحدات أخبرت بمهمتها فقط في اللحظة الأخيرة.

وبحسب نيويورك تايمز، فقد شكلت منطقة كورسك هدفا أسهل من أماكن أخرى على طول الجبهة البالغ طولها 600 ميل في شرق وجنوب أوكرانيا، حيث كان بها عدد أقل من الخنادق المضادة للمركبات المدرعة، وعدد أقل من العوائق الهرمية المضادة للدبابات، وعدد أقل من مواقع القتال المأهولة، كما قال برادي أفريك، وهو محلل أميركي يرسم خرائط للدفاعات الروسية. 

وقال أفريك: “تحصينات روسيا في كورسك أقل كثافة من المناطق الأخرى حيث بنت القوات الروسية دفاعات هائلة، مثل الجنوب”. (الحرة)