قبور الشهداء يتأثر بحصار غزة
تقول أبو حطب بصوت مليء بالألم والمرارة وهي تحمل بيديها معدات بدائية بسيطة: “أعداد الشهداء في تزايد كبير مع استمرار حرب ومجازر إسرائيل، وهناك حاجة ملحة لبناء وتجهيز قبور الشهداء والموتى”.
وتضيف: “نقوم بتكسير البلاط والحجارة إلى أحجام صغيرة بدلا من الحصمة (حجارة صغيرة) غير المتوفرة، لأن الأسمنت غالٍ جدا جراء ندرته في القطاع”.
وتحدثت أبو حطب عن عدم وجود مواد بناء يمكن استخدامها في تجهيز القبور بالشكل المناسب بسبب إغلاق المعابر ومنع إسرائيل إدخالها، لذا أصبحت تبحث عن بدائل لتجهيزها واتجهت لاستخدام ركام المنازل المدمرة، وتتابع: “أحيانا كنا نضطر لدفن الشهداء في الرمال، نظرا لعدم وجود قبور مجهزة بسبب نقص المواد اللازمة لتجهيزها”.
وتوضح أبو حطب أنها تحصل على الحديد من ركام المنازل، حيث تقوم بتكسير الحجارة المحيطة به، ثم تعدله وتقصه بشكل مناسب كما تريد لاستخدامه في تجهيز القبور.
وبينما يجمع حفيدها موسى (14 عاما) الحجارة المدمرة من إحدى المقابر التي جرفها الجيش الإسرائيلي أثناء هجومه في خانيونس سابقا، تجهّز السيدة الفلسطينية الخلطة الإسمنتية لإنشاء بلاط القبور( قطعة توضع على سطح القبر).
ويعمل الطفل بجد وحماس رغم الصعوبات، ممسكاً بيده الصغيرة حطامًا من ركام المنازل التي دمرتها الحرب ويضعها داخل دلوٍ بلاستيكي ويقطع مسافات طويلة لإيصالها إلى جدته وأعمامه. وهنا، تقول أبو حطب: “الإسمنت أسعاره مرتفعة للغاية لندرته، فنقوم بتجهيز الخلطة الإسمنتية ونفردها على شكل بلاط ونتركها حتى تجف، ومن ثم نغلق بها قبور الموتى والشهداء”.
وتضيف أبو حطب: “لا يوجد هناك عدد كافٍ من العاملين في هذا المجال لتجهيز القبور والبلاط اللازم، نعتمد بشكل كبير على الأطفال الصغار من الأبناء والأحفاد لجمع الحجارة من الأماكن المدمرة وتكسيرها”.
ويجلس الأطفال الصغار مجتمعين بملابسهم البسيطة، بينما يمتلئ الجو بالغبار المتصاعد من عملية تكسير الحجارة المتناثرة.
وفي الخامس من أيار الماضي، أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر التجاري الوحيد في جنوب القطاع، وفي السابع من أيار الماضي أيضاً سيطرت على معبر رفح الواصل بين القطاع ومصر وأغلقته، فيما تغلق معبر “إيرز” شمالي قطاع غزة المخصص للأفراد منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وطالبت أبو حطب بفتح معابر قطاع غزة لإدخال الأسمنت والحصمة ومواد البناء اللازمة لتجهيز القبور في ظل زيادة أعداد القتلى بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية. (العربي الجديد – الأناضول)