كيف بدأت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتفكك؟

20 أغسطس 2024
كيف بدأت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتفكك؟


رأى موقع “Middle East Eye” البريطانية أن “طبول الحرب الإقليمية بدأ يتردد صداها مرة أخرى في كل أنحاء الشرق الأوسط.وفي خطوة تشير إلى خطورة الوضع، أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن هذا الأسبوع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانتبتسريع وصول مجموعة حاملة الطائرات الهجومية “يو. إس. إس. أبراهام لينكولن” إلى المنطقة إلى جانب الغواصة الأميركية “يو.إس. إس. جورجيا”. ووافقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الثلاثاء على مبيعات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لإسرائيل. ويأتي هذا التصعيد تحسبا لانتقام إيراني محتمل على اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية مؤخرا في طهران”.

Advertisement

وبحسب الموقع، “إن إيران قد لا تتحرك بمفردها. ويبدو من المرجح على نحو متزايد أن تقوم إيران وحلفاؤها، وخاصة حزب الله، بشن ضربة انتقامية منسقة، رداً على اغتيال فؤاد شكر، أحد كبار القادة العسكريين في الحزب. ومن غير المؤكد ما إذا كانت موجة التصعيد هذه ستكون محدودة أم ستتحول إلى حرب إقليمية. أما الأمر الواضح فهو أن العواقب قد تكون كارثية، ليس فقط على الشرق الأوسط، بل على العالم أجمع. وبينما نقف على حافة ما يمكن أن يشكل نقطة تحول حاسمة في تاريخ المنطقة، فمن الضروري أن نتساءل كيف وصلنا إلى هنا”.
وتابع الموقع، “على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، كان هناك الكثير من النقاش داخل دوائر السياسة في واشنطن وخارجها حول التحول الملحوظ في النهج الأميركي تجاه الشرق الأوسط، وقد تساءل الكثيرون عما إذا كانت الولايات المتحدة بدأت تبتعد عن المنطقة. ولكن في الحقيقة، لم تتراجع الولايات المتحدة قط عن مصالحها في الشرق الأوسط، وهي منطقة غنية بالموارد وبالغة الأهمية من الناحية الاستراتيجية بسبب أهميتها الجيوسياسية، وخاصة في سياق التوترات التي تشمل روسيا والصين وإيران. وما حدث، خاصة في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ولا زال مستمراً في عهد بايدن، ليس محوريا إنما هدفه إعادة ضبط مسار الأمور”.
وأضاف الموقع، “في مواجهة الحاجة إلى التركيز على منطقة آسيا والمحيط الهادئ والحرب في أوكرانيا، سعت الولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف إقليمي مخلص لمصالحها. وكان هذا التحالف، الذي يعتمد على الولايات المتحدة في الحصول على الأسلحة والتكنولوجيا، مصمماً للحفاظ على الوضع الراهن على نحو يخدم المصالح الأميركية. إن اتفاقيات إبراهيم، بعيدًا عن كونها اتفاقيات سلام، كانت في الواقع تحالفًا عسكريًا وأمنيًا بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين وآخرين، تم تنظيمه لإبقاء المنطقة تحت الهيمنة الأميركية. لكن هذه الاستراتيجية كانت معيبة بشكل أساسي، فقد أدى إنشاء هذا التحالف إلى استبعاد الفلسطينيين عمداً وتجاهل حقيقة مفادها أن السلام والاستقرار الحقيقيين في المنطقة لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال معالجة محنتهم”.
وبحسب الموقع، “بدلاً من ذلك، رأت إسرائيل في اتفاقيات إبراهيم فرصة لتجاوز القضية الفلسطينية بالكامل، وذلك باستخدام المناخ والترتيبات الإقليمية الجديدة لتكثيف سياساتها العدوانية، خاصة في الضفة الغربية، في الأشهر التي سبقت هجوم 7 تشرين الأول.وفي الواقع، لم تخرج إدارة بايدن عن نهج ترامب. وبدلاً من ذلك، ضاعفت جهودها، ودفعت من أجل التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية دون معالجة القضايا الأساسية. وكان الهدف واضحاً: إنشاء تحالف لا يحل محل الولايات المتحدة في المنطقة، بل يكمل جهودها، ويسمح لواشنطن بتركيز طاقاتها على آسيا وأوروبا.ومع ذلك، فقد انهار هذا الترتيب في 7 تشرين الأول، حيث تحطمت أسطورة التفوق العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي في غضون ساعات قليلة عندما نفذت حماس عملية طوفان الأقصى”.
ورأى الموقع أنه “لعقود من الزمن، تم تسويق إسرائيل باعتبارها قوة عسكرية هائلة لا تقهر، وشريكا رئيسيا في ضمان الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط. ولكن الآن، وبعد عشرة أشهر من الإبادة الجماعية الوحشية والمعارك الشرسة في غزة، تجد إسرائيل نفسها غارقة في مستنقع، غير قادرة على تأمين نصر حاسم ضد حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية. فالجيش الإسرائيلي نفسه الذي هزم الجيوش المشتركة لثلاث دول عربية في ستة أيام خلال حرب عام 1967، يكافح الآن ضد قوات حرب العصابات في غزة. وهذا هو النظام الإسرائيلي الذي اعتمد عليه صناع القرار في الولايات المتحدة باعتباره حليفاً عسكرياً أساسياً للمصالح الأميركية في المنطقة، ومع ذلك فقد أثبت عدم قدرته على تحقيق نصر حاسم ضد الفصائل في غزة”.
وبحسب الموقع، “اليوم، وبينما تستمر إسرائيل في التورط في غزة، فإنها تسعى إلى إثارة إمكانية نشوب حرب إقليمية بالإضافة إلى الحرب الدائرة في غزة. ويعتمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الولايات المتحدة وحلفائها لتنفيذ أوامره لإبقاء المنطقة في حالة حرب دائمة. ولهذا السبب، انتهكت إسرائيل السيادة الإيرانية مرتين، والآن، خوفاً من الانتقام الإيراني، تعتمد على الولايات المتحدة، فضلاً عن الدول الغربية والعربية، لحمايتها مما قد يكون انتقاماً إيرانياً محدوداً يهدف إلى إعادة توازن القوى والردع في مواجهة العدوان الإسرائيلي. ونظراً لحجم وتعقيد التوترات المستمرة، والتي تمتد إلى مناطق واسعة وتضم العديد من الجهات الفاعلة، فإن أي خطوة يمكن أن تؤدي إما إلى تهدئة التوترات أو إشعال المزيد من العنف”.
وتابع الموقع، “الآن، مع استعداد إسرائيل لجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى، فإن الاستراتيجية ذاتها التي كان من المفترض أن تحافظ على الموارد الأميركية، ولو لأسباب استراتيجية، تؤدي إلى مزيد من التشابك، ويرجع ذلك أساسًا إلى دعم واشنطن الأعمى وغير المشروط لإسرائيل. وهذا هو ثمن السياسة المبنية على الأوهام والمكاسب القصيرة الأمد. فهل يتعلم صناع القرار السياسي في واشنطن الدرس هذه المرة؟ أم وهل سيجد الأميركيون أنفسهم مرة أخرى متورطين في حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط؟ لا أحد يعرف، لكن الأمر المؤكد هو أننا نمر بلحظة حاسمة في التاريخ، وما سيأتي بعد ذلك لن يشبه ما سبقه”.