كتب موقع “العربية”: استغرق الأمر جيشا من المهندسين الإسرائيليين وعمل لساعات من الليل في الحفر عميقا داخل نفق طوله 650 قدما في خان يونس لاكتشاف ما كانوا يبحثون عنه.. جثث أربعة رجال وامرأة واحدة. وجميعهم كانوا محتجزين إسرائيليين اختطفوا خلال هجوم قادته حماس في 7 تشرين الأول.
هكذا تروي مصادر إسرائيلية لصحيفة “وول ستريت جورنال” كيف يتمكنون من استعادة محتجزيهم من قبل حماس جثثا أو أحياء.
معتقل فلسطيني أمدهم بمعلومات
ويشير تقرير للصحيفة إلى أن اكتشاف الجثث الأخير في الشهر الماضي بعد أن قال فلسطيني اعتقلته القوات الإسرائيلية في غزة للجنود أين يبحثون.
تنقل الصحيفة عن جندي احتياطي من الفرقة 98 العسكرية الذي شارك في العملية قوله “من الصعب إخراج الرائحة من رأسك.. إنها نفسية أيضا لأنك تعرف أنها رائحة إنسان”.
هذه العمليات أصبحت أكثر تواترا. وقال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إنه استعاد جثث ستة محتجزين قتلى من خان يونس في عملية مماثلة لتلك التي وقعت في يوليو تموز. وفي المجموع، انتشلت إسرائيل 30 جثة.
إنقاذ الرهائن الأحياء أكثر ندرة
ومع ذلك ، تظل عمليات إنقاذ الرهائن الأحياء أكثر ندرة لأنها تتطلب معلومات استخباراتية أكثر تفصيلا، وهناك الكثير مما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ.
وحتى الآن، أنقذت إسرائيل سبعة محتجزين أحياء. ولا يزال معظم مسؤولي الأمن يصرون على أن الاتفاق هو السبيل الوحيد للإفراج عن الـ 105 الباقين الذين تم احتجازهم في 7 تشرين الأول، وكثير منهم ماتوا بالفعل.
استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي
وبعد الفوضى التي أعقبت الهجوم الذي قادته حماس، لم تعرف إسرائيل أيا من آلاف المفقودين اختطفوا أو قتلوا. بعد أكثر من 10 أشهر، وبعد عملية عسكرية مكلفة أسفرت عن مقتل أكثر من 40,000 شخص في غزة، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.
بدأت إسرائيل باستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتجميع أجزاء اللغز، من خلال تحليل الأجهزة الإلكترونية المضبوطة واستجواب المعتقلين.
اللجوء للاستخبارات البشرية
واستخدمت إسرائيل الذكاء الاصطناعي لفحص تلك البيانات، مع دعم أميركي عزز من قدراتها في استخبارات الإشارات. بالإضافة إلى ذلك، كان للاستخبارات البشرية، التي تم جمعها من الفلسطينيين المعتقلين ومن أولئك الذين يقدمون المعلومات للقوات الإسرائيلية، دور أساسي في هذه الجهود.
وأشار الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسرائيل زيف، الذي يطّلع على تطورات العمليات من المسؤولين العسكريين، إلى أن تلك الجثث كانت هناك لعدة أشهر، واستغرق الأمر وقتاً لجمع الصورة وتنفيذ هذه المهمة.
ولعبت عالمة المعلومات من جامعة ريخمان كارين نهون، دوراً محورياً في تنظيم فريق من المتطوعين لمسح وسائل التواصل الاجتماعي، وتطوير خوارزميات لفحص 200 ألف مقطع فيديو، في محاولة لتحديد المفقودين. شارك هذا الفريق نتائجه مع المسؤولين الاستخباريين، على الرغم من العقبات التي واجهتهم في البداية بسبب غياب دعم الدولة.
تزويد العائلات بدليل على الحياة
ووفقاً لأوفر ميرين، المدير العام لمركز “شعاري تسيديك” الطبي، أنه بعد أسبوعين من هجمات السابع من تشرين الأول، شُكِّلت لجنة من الخبراء لمراجعة المعلومات الاستخباراتية السرية، وتحديد ما إذا كان الرهائن أحياءً أو أمواتاً، وبناءً على الأدلة المتاحة خلصت اللجنة إلى أن أكثر من 40 رهينة لقوا حتفهم.
تم إنشاء مديرية الاستخبارات الخاصة برئاسة الجنرال نيتسان ألون – وهو أيضا أحد المفاوضين الإسرائيليين في محادثات الرهائن – لجمع وتحليل المعلومات حول الرهائن وأماكن وجودهم ووضعهم ، وفي بعض الأحيان تزويد العائلات بدليل على الحياة. ساعدت هذه المديرية في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين مختلف الأجهزة الأمنية.
كما تلقت إسرائيل مساعدة من الولايات المتحدة، التي زادت من اعتراضها للمكالمات الهاتفية في غزة في الأيام التي أعقبت الحرب، كما قال ضابط مخابرات أميركي متقاعد مؤخرا. وساعدت هذه المعلومات إسرائيل على تحديد مكان احتجاز الرهائن.
العملية البرية كانت مفيدة
وقال زيف، الجنرال السابق، إن جهود المخابرات الإسرائيلية تحسنت لأن العملية البرية في غزة جلبت معلومات من الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والوثائق التي عثر عليها داخل القطاع. كما سمح الغزو لإسرائيل بالحصول على معلومات من سكان غزة الذين يقدمون معلومات استخباراتية لإسرائيل أو من خلال استجواب السجناء.
وما زال التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل هو أن الرهائن موزعون في جميع أنحاء قطاع غزة، ويتم نقلهم باستمرار، مما يصعّب تحديد مواقعهم.
فقد أفادت الرهينة المحررة، أفيفا سيجل، بأنها كانت محتجزة في 13 موقعاً مختلفاً خلال 51 يوماً قضتها في غزة.
ورغم صعوبة إنقاذ الرهائن الأحياء، فإن تحديد أماكن جثث الأسرى يعد مهمة معقدة، خصوصاً أن الجثث غالباً ما يتم إخفاؤها بعناية.