بالرغم من الردّ الاولي الذي أعلن عنه “حزب الله”، لا تزال المنطقة ككل تنتظر الردود المتوقعة من ايران والحزب واليمن على سلسلة اعتداءات اسرائيلية كان اولها قصف الحديدة واخر اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية في طهران واغتيال القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر، لكن هذه الردود تأخرت بشكل كبير اقله من وجهة نظر الرأي العام الذي كان يتوقع خطوات ردعية سريعة تمنع اسرائيل من الاستمرار بتخطي قواعد الاشتباك والخطوط الحمر في معركتها الاقليمية.
من الواضح ان الاعلان بأن الردّ اولي، لديه غايات اكبر من الرد نفسه، اذ يبدو ان الهدف السياسي والديبلوماسي المعقود على الجهود الاميركية اكبر من القدر الذي يعترف به المحور، خصوصا ان التنازلات التي بدأ رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يعطيها في الساعات الاخيرة توحي بأن واشنطن ستتمكن من الحصول على مكاسب اضافية مع مرور الوقت، وعليه يجب ان يبقى التهديد بالتصعيد موجوداً.
الخط الاحمر الاميركي الوحيد هو الحرب الاقليمية، ويبدو ان نتنياهو يريدها وبشدة، ومن هنا يستغل المحور امكانية قيام اسرائيل بخطوات مجنونة بعد الرد للقول لواشنطن ان الحرب الاقليمية باتت ممكنة لا بل مرجحة وعليه يجب الحصول على تنازلات ترضي حماس ووقف الحرب، وهذا ما يحصل اذ ان الاميركيين وبعد فتح الجبهات بين روسيا واوكرانيا، لا يريدون ان تتورط بصراعات كبرى في اكثر من ساحة في العالم، فمن يضمن ان تبقى تايوان خارج الصراع في حال غرقت واشنطن في وحول الشرق الاوسط.
في الايام الماضية حاول الاميركيون التأكيد انهم سيساعدون اسرائيل في الدفاع عن نفسها لكن هذا لا يعني بالضرورة انخراطهم في عمليات هجومية ضد ايران ولبنان والعراق، في الاصل لا يوجد قوات اميركية كافية في المنطقة للدخول في حرب ضمن هذا الاتساع الجغرافي.
تشعر ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن والحزب الديمقراطي عموما بعبء نتنياهو، الذي يتمرد بشكل غير مسبوق على الارادة الاميركية بوقف الحرب، لا بل يلعب بشكل واضح وعلني لدعم وصول الرئيس السابق دونالد ترامب الى البيت الابيض، وهذا سيؤثر بشكل كبير على العلاقة الاسرائيلية الاميركية في حال حافظ الديمقراطيون على تصدرهم وفازوا بالانتخابات الرئاسية الاميركية.
لا يشكل استمرار الصراع والمعارك ضمن مستواها الحالي اي ازمة لدى واشنطن، لكن من يضمن عدم توسع الحرب؟ هذا السؤال اللغز هو الذي يزيد من مساهمة الاميركيين بالضغط على تل ابيب لمنع التصعيد، لذلك فإن عدم حصول الرد بمستواه الاكبر، لا يزال ممكناً في ظل اظهار نتنياهو بعض الليونة وفي ظل الرغبة الفلسطينية الايرانية واللبنانية، اضافة الى الاميركية بوقف الحرب، فهل سيكون اللعب على حافة الهاوية مدخلا حقيقياً لكي يتم حسم التردد الاميركي والذهاب الى ضغط حازم على اسرائيل للقبول بالتسوية التي قبلت بها حماس؟