رأت مجلة “Forbes” الأميركية أن “الحرب الروسية الحالية على أوكرانيا هي بمثابة تذكير صارخ بالماضي. فعلى مر التاريخ، اختارت المجتمعات الحرية على نحو ثابت بدلاً من الاستبداد. وفي الواقع، إن الأوكرانيين عازمون على عدم العيش مرة أخرى في نظام مغلق واستبدادي. ولتحقيق النصر، يستهدفون فعلياً البنية الأساسية للطاقة في روسيا في عمق البلاد. وقالت إلينا بيكيتوفا، محللة في مركز تحليل السياسات الأوروبية، في مؤتمر صحافي افتراضي: “يمكن للأوكرانيين الفوز في هذه الحرب، ونحن نرى ذلك”. ومن المثير للاهتمام أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال قبل بضعة أشهر إن روسيا لديها 700 ألف جندي ويمكنها الصمود أكثر من الغرب. والحقيقة أن روسيا تستخدم مجندين غير مدربين. والآن أصبح الجميع على دراية بالكيفية التي سارت بها القوات الأوكرانية مباشرة إلى الأراضي الروسية شمال منطقة سومي الأوكرانية ما أدى إلى استسلام الجنود الروس.”.
وبحسب المجلة، فإنه “في آب 2024، انطلقت الدبابات الأوكرانية إلى روسيا، واستولت على منطقة كورسك. وها هي القوات الأوكرانية تسيطر اليوم على ما لا يقل عن 60 كيلومترا مربعا و93 مستوطنة في هذه المنطقة. ومع ذلك، يواصل بوتين الهجوم. ففي إشارة إلى ضعفه، يتفاخر الرئيس الروسي بشكل روتيني بأن روسيا تمتلك أسلحة نووية. ونظراً لأن الغرب يزود الجيش الأوكراني بالأسلحة، ولأن أوكرانيا أيضاً تمتلك ترسانة نووية، فإن خيارات الزعيم الروسي محدودة. ويقول بافيل لوزين، زميل بارز في مركز الأبحاث: “هذا يعني أن النظام الاستبدادي الروسي ليس قوياً أو مستداماً”.”
وتابعت المجلة: “لا شك أن روسيا تواصل قصف أوكرانيا. ففي أواخر آب، أرسلت موجة من الطائرات من دون طيار إلى البلاد، مهاجمة البنية التحتية للطاقة، وهو الهجوم الأكبر من نوعه منذ أشهر. وخسرت أكبر شركة طاقة خاصة في أوكرانيا، دي تيك، ما يقرب من 90% من قدرتها على توليد الطاقة، مما أدى إلى خسائر تقدر بنحو 50 مليار دولار. وتوفر دي تيك 20% من الكهرباء في أوكرانيا. وقال نيكو لانج، الزميل البارز في برنامج الدفاع عبر الأطلسي في مركز تحليل السياسات الأوروبية: “أصبحت أوكرانيا لديها خيارات الآن لأنها نجحت في المرحلة الأولية من هذا التوغل”.
عائدات روسيا من النفط
وأضافت المجلة: “بلغت عائدات روسيا من النفط والغاز 219 مليار دولار في عام 2020. ويمثل هذان القطاعان معًا 60% من صادرات روسيا و40% من ميزانيتها الفيدرالية. وحاول بوتين إظهار قوة روسيا في مجال الطاقة من خلال خفض صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا وزيادة الأسعار. وكانت روسيا تكسب ما بين 500 مليون دولار ومليار دولار يوميًا من بيع النفط والغاز عالميًا لتمويل حربها ضد أوكرانيا. ولكن هذا لا يعني أن أوكرانيا قد تخسر حصتها في السوق العالمية فحسب، بل إن شركات مثل بي بي وشل وإكسون موبيل وإكوينور قلصت أيضاً عملياتها في روسيا. وفي الوقت نفسه، تمتلك أوكرانيا ثالث أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في أوروبا. ورغم أنها أنتجت 70 مليار متر مكعب في الستينيات والسبعينيات، فقد انخفض هذا الاحتياطي بأكثر من النصف في عام 1991 بسبب تحويل روسيا للإنتاج إلى سيبيريا. وقالت شركة نفتوغاز الأوكرانية إنها قد تزيد من إنتاجها وتوفر الوقود لأوروبا”.
وبحسب المجلة، “قال إدوارد لوكاس، وهو زميل بارز في مركز الأبحاث: “قبل عامين، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بشكل حاد. لكنها الآن أعلى قليلاً من مستويات ما قبل الحرب. الأمر أشبه إلى حد ما بالأسلحة النووية الروسية”. من جانبه، أشار لوزين إلى أن الهجمات الأوكرانية على مرافق تخزين الوقود ومحطات الطاقة الكهربائية هي هجمات انتقامية، تهدف إلى إعطاء الروس طعمًا من نفس الدواء الذي تناولوه. إن شبكة الكهرباء في روسيا هشة بالفعل وتحتاج إلى تقنيات حديثة لزيادة قدرتها على الصمود. ومن المتوقع أن تتسبب هذه الهجمات، إلى جانب ضعف شبكة الكهرباء، في معاناة كبيرة للشعب الروسي هذا الشتاء، وربما تكون أكثر من المصاعب التي يعاني منها الشعب الأوكراني”.
وتابعت المجلة: “إن السؤال الأكثر إلحاحاً هو ما إذا كان النظام الروسي سينجو. إذا خسرت روسيا، فقد يزداد الاستياء بين عامة الناس والنخب السياسية، وقد تؤدي العقوبات الاقتصادية المستمرة والخسائر العسكرية إلى إجهاد روسيا بشكل أكبر، مما قد يخلق فرصة للمعارضة السياسية أو الفصائل داخل الحكومة لتحدي زعامة بوتين. وقالت القوات المسلحة الأوكرانية إنه حتى 31 آب، خسر الروس 615 ألف جندي و368 طائرة. ويبلغ الاقتصاد الروسي 2.3 تريليون دولار، ويعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز. ويذهب معظم هذا المال إلى تمويل الحرب وليس دعم المجتمع الروسي”.
وبحسب المجلة، أنه “عندما سقط الاتحاد السوفييتي، رحب العالم بروسيا والدول التابعة لها في المجتمع الدولي، وانفتحت الأسواق أمامها. لكن حرب بوتين ضد أوكرانيا غيرت هذا الأمر. والأسوأ من ذلك أن النظام عكس الخطوات الديمقراطية التي كانت تتمتع بها البلاد. ولكن كيف ستنتهي هذه الحرب؟ يعتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده لابد أن تصعد من أجل خفض التصعيد، وهو تكتيك يتضمن الاستيلاء على أراض روسية مع إخراج أصول الطاقة الروسية الحيوية. ومع ذلك، يعتقد بوتين أنه قادر على الفوز في حرب الاستنزاف. ولكن بأي ثمن؟”
وختمت المجلة: “كلما طال أمد هذا الوضع، أصبحت روسيا أكثر فقراً وبدت عاجزة. وقد يؤدي هذا إلى تمكين الشعب وخلع بوتين”.