إيران تسعى لتحسين علاقاتها مع السعودية

5 سبتمبر 2024
إيران تسعى لتحسين علاقاتها مع السعودية

ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أن “تشكيل الحكومة الجديدة في إيران ترك الإصلاحيين في حالة من الإحباط، مما يشير إلى ركود محتمل في الديناميكيات السياسية المحلية في عهد الرئيس مسعود بزشكيان في الأشهر المقبلة. ومع ذلك، يتوقع بعض المحللين اتباع سياسة خارجية معتدلة في الأيام المقبلة. وعلى الرغم من تشكيل الحكومة المحافظة نسبيًا، فإن الفصائل الأكثر اعتدالًا داخل الطيف السياسي الإيراني تشجع الرئيس المنتخب حديثًا على إعطاء الأولوية للرياض في زيارته الخارجية الرسمية الأولى. وتتبنى هذه الفصائل فكرة واضحة وهي أن المهارات الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية نجحت في تخفيف التوترات”.

 

وبحسب الصحيفة، “تمثل هذه اللحظة فرصة فريدة لإيران لتحسين علاقاتها. وتزداد أهمية هذه المناشدات بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في الحادي والثلاثين من تموز بالتزامن مع حفل تنصيب بزشكيان. وفي الحقيقة، أدى هذا الحادث إلى زيادة المخاوف، مما جعل فكرة الوساطة أكثر جاذبية. ورغم أن فكرة تولي المملكة العربية السعودية دور الوسيط في العلاقات مع إيران ليست جديدة، إلا أنها تكتسب زخماً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في ظل حالة عدم اليقين المحيطة بفوز دونالد ترامب. ويقترح أنصار هذه الاستراتيجية أن العلاقة الوثيقة بين الرياض وواشنطن قد تسهل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران أو تأمين الإعفاءات للشركات السعودية للتعامل مع إيران”.

 

ورأت الصحيفة أن “هذا الاقتراح ليس جديدا تماما. فحتى قبل التصعيد الأخير، ناقشت الشخصيات المؤثرة في إيران فكرة تدخل المملكة العربية السعودية كوسيط للمساعدة في إصلاح العلاقات المتوترة بين طهران والمجتمع الدولي. وفي الواقع ، لم يؤد الاغتيال الأخير إلا إلى تكثيف هذه المناقشات، مما يؤكد الحاجة الملحة إلى السعي إلى حل لعزلة إيران. وقد يلعب التعاون المحتمل بين المملكة العربية السعودية وواشنطن دورا في هذا السيناريو. وباستغلال نفوذ الرياض، قد تتمكن طهران من الحصول على المساعدة، سواء في ما يتعلق بالعقوبات أو بالأحكام الخاصة التي تسمح بالتفاعلات الاقتصادية دون مواجهة العواقب الأميركية. ومن شأن مثل هذه الخطوة تعزيز الاقتصاد الإيراني، بل وتمهيد الطريق أيضاً لعلاقات أفضل مع نظيراتها العربية مثل مصر والأردن والبحرين. وفي منطقة على شفا عدم الاستقرار، قد توفر هذه الخطوة الدبلوماسية لإيران الدعم الذي تحتاجه”.

 

وتابعت الصحيفة، “في أعقاب حادث تحطم المروحية الذي أودى بحياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، اتخذت المملكة العربية السعودية بعض الخطوات الإيجابية للحفاظ على التقدم الهش في علاقتها مع طهران. وتشير هذه الجهود، التي تنبع من الاتفاق الذي رعته الصين والذي ساعد رئيسي في صياغته، إلى التزام الرياض بمواصلة عملية بناء الثقة الدقيقة. وفي الواقع، بدأت مبادرات حسن النية السعودية بمشاركتها في مراسم الحداد على رئيسي، وتعزز ذلك بحضور وفد سعودي في حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، حيث سلم الأمير منصور بن متعب رسالة من الملك سلمان، مؤكداً الاستمرارية في التعامل الدبلوماسي. وجاءت المكالمة التي أجراها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد التنصيب مع بزشكيان لمناقشة العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية كخطوة إيجابية أخرى في هذه الرواية الدبلوماسية المتكشفة”.

 

وأضافت الصحيفة، “السؤال الملح الآن هو ما إذا كانت هذه الجهود الرامية إلى التواصل مجرد مناورات تكتيكية أم أنها تعكس تحولاً أعمق داخل الفصائل البراغماتية في إيران. إن إعادة تقييم السياسة الخارجية لطهران، وخاصة تجاه المملكة العربية السعودية، من شأنه أن يفتح المجال للاستفادة من مبادرات التنمية والإصلاح الجارية في الرياض، وقد لا يؤدي هذا التحول إلى تخفيف عزلة إيران الدولية فحسب، بل قد يخفف أيضاً الضغوط الداخلية، وهو ما يمثل لحظة محورية في الدبلوماسية الإقليمية. إن الدعوات الأخيرة لإجراء مناقشات قد تكشف عن مخاوف داخل إيران، وخاصة بين أولئك الذين يخشون أن يعوق المتشددون مبادرات الحكومة الجديدة. ونظراً لارتباطهم بالمرشد الأعلى علي خامنئي، فإن هؤلاء المتشددين مستعدون لتحدي المعتدلين الذين يسعون إلى إظهار قدرة إيران على التعامل مع التحديات الخارجية”.

 

وبحسب الصحيفة، “في الوقت الذي تفكر فيه طهران في كيفية الرد على اغتيال هنية، فمن الواضح أنها تفكر في الكيفية التي قد تؤثر بها أفعالها على الانتخابات الأميركية. ويبدو أن إيران تتحالف بشكل خفي مع نائبة الرئيس كامالا هاريس. إن القيادة في طهران تدرك أن الرد القوي قد يكون له عواقب وخيمة، وخاصة إذا أدى إلى زيادة التوترات مع إسرائيل. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تضر بفرص هاريس من خلال الإشارة إلى الفشل في التعامل مع الموقف، مما يؤثر على الأمن والاقتصاد. في الوقت الذي تراقب فيه طهران كيفية إدارة الحزب الديمقراطي لعلاقاته مع إسرائيل، فإنها تدرك أن أي خطأ قد يؤدي إلى تفاقم التوتر في العلاقات الأميركية الإيرانية. ومع كل قرار تتخذه طهران، تدرس بعناية كيف قد يؤثر ذلك على المشهد الأميركي”.

 

وتابعت الصحيفة، “يبدو أن استراتيجية إسرائيل تستغل النهج الحذر الذي تنتهجه إيران، حيث تعيد طهران النظر في ردها لتجنب التصعيد المباشر. لذلك، ها هي إسرائيل تواصل المضي قدماً في أجندتها الخاصة، دون أن تردعها الضغوط الخارجية، بما في ذلك الضغوط من جانب الولايات المتحدة. ويدرك القادة في تل أبيب أن هذه الفترة من ضبط النفس قد لا تدوم طويلاً، خاصة في ضوء التغيرات في الديناميكيات السياسية بعد الانتخابات المقبلة. إن كلا الجانبين يتحلى بالصبر، وهو ما يشير إلى لعبة يتم فيها تقييم كل خطوة من أجل تقييم تأثيرها المحتمل على مخاطر الصراع الأوسع نطاقاً. إن إصرار إسرائيل على المضي قدماً على الرغم من دعوات المجتمع الدولي إلى ضبط النفس يُظهِر اعتقادها بأن الوقت قد حان لتعزيز موقفها”.

 

وأضافت الصحيفة، “إن هذا الوضع يحمل مخاطر كبيرة، حيث تعترف إسرائيل بأن نفوذها الحالي قد يتضاءل إذا صعدت طهران أو إذا حدثت تحولات سياسية بعد الانتخابات. وقد يشكل هذا التوازن الدقيق بين القوة والحذر الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط في المستقبل، حيث تسعى كل من إسرائيل وإيران إلى تعظيم مزاياهما. إن النوايا الحقيقية لطهران سوف تتضح من خلال تصرفاتها في المنطقة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع المصالحة المتعثرة. ومن المرجح أن تقدر المملكة العربية السعودية الساعية إلى الاستقرار زيارة من الرئيس الإيراني”.

 

وختمت الصحيفة، “يتعين على إيران أن تغير استراتيجياتها لتحقيق هذه الأهداف. وبدون إحراز تقدم في معالجة التحديات في اليمن والعراق، فإن فصلاً جديداً في العلاقات سيظل بعيد المنال. إن المخاطر كبيرة، والطريق إلى الأمام يتطلب أكثر من مجرد مبادرات دبلوماسية، بل يتطلب إجراءات ملموسة تشير إلى الانفصال عن السلوكيات السابقة”.