ذكر موقع “Australian Institute of International Affairs” الأسترالي أنه “مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، يبقى السؤال الحاسم: متى سترد إيران على إسرائيل؟”
وبحسب الموقع، “لقد أدى اغتيال هنية في طهران والمسؤول البارز في حزب الله فؤاد شكر في بيروت إلى تصعيد التوترات الإقليمية، مما سلط الضوء على شبكة العلاقات المعقدة التي تشمل إيران وإسرائيل والولايات المتحدة ومجموعات مختلفة بالوكالة في كل أنحاء المنطقة. وتُشكل هذه الاغتيالات أحداثا محورية ضمن سرد أوسع للتوتر الإقليمي والمناورات الجيوسياسية. إن اغتيال هنية على الأراضي الإيرانية يمثل خرقاً كبيراً للسيادة، ويزيد من التوقعات العالمية لكيفية رد إيران. وتتقاطع هذه الحادثة مع انتقال سياسي مهم، تميز بوفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، وتنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، مما يضيف تعقيدًا إلى القرارات الاستراتيجية الإيرانية. ورغم إظهار القدرات العسكرية من خلال الرد القوي على الضربة الإسرائيلية على سفارتها في سوريا في نيسان، فإن إيران تواجه انقسامات داخلية”.
وتابع الموقع، “إن التأخير الحالي من جانب إيران في الرد على إسرائيل يمكن أن يعزى بشكل كبير إلى الأهمية الثقافية والسياسية التي تتمتع بها “فترة الأربعين”. ومع مشاركة أكثر من 3.6 مليون إيراني في الحج هذا العام، فإن الأربعين ليس مجرد حدث ديني بل فرصة استراتيجية لإيران لتعزيز الوحدة الداخلية وتوسيع نفوذها إقليمياً، وتجسيد “القوة الناعمة الشيعية”. ويؤكد تصوير المرشد الأعلى علي خامنئي للأربعين على أنها “بروفة قتالية عظيمة” على دورها في حشد الدعم الوطني والاستعداد للاشتباكات العسكرية المحتملة. وعلى الرغم من الالتزامات بالرد، فإن رد إيران كان مدروسا بحكمة، متأثرا بمزيج من الحقائق الجيوسياسية والاقتصادية”.
وأضاف الموقع، “في مواجهة القيود الاستراتيجية، تستخدم إيران تكتيكات غير متكافئة، من خلال الصواريخ والمسيّرات، وتتعاون مع وكلاء مثل حزب الله، والحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن. ويسمح هذا النهج غير المباشر لإيران بتجنب الصراع المباشر مع القوى الكبرى، وبالتالي تقليل خطر الاستجابة العسكرية المدمرة التي قد تهدد استقرار النظام. ولكن هذه الاستراتيجية لم تخل من الانتقادات، ذلك أن المجتمعات الشيعية والمقاتلين بالوكالة، على الرغم من تنظيمهم وتسليحهم من جانب إيران، يتساءلون بشكل متزايد عن سبب إحجام طهران عن التدخل المباشر”.
القدرات العسكرية الإيرانية وموقفها الاستراتيجي
بحسب الموقع، “فإن البنية التحتية العسكرية الإيرانية والعقيدة الاستراتيجية تعطي الأولوية للردع، مع التركيز بشكل كبير على تكنولوجيا الصواريخ وقدرات الحرب غير المتكافئة. وبامتلاكها واحدة من أوسع ترسانات الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، تُظهر إيران قدرة قوية على نشر القوة في كل أنحاء المنطقة، بما في ذلك تجاه أهداف محتملة مثل إسرائيل. ومع ذلك، فإن الاستعداد لنشر هذه الأصول في الصراع يعتمد على العوامل السياسية والاستراتيجية والدولية. وردًا على الانتهاكات الأخيرة لسيادتها، أشارت إيران إلى أن تدابيرها المضادة ستكون “حتمية ودقيقة ومحسوبة”، مما يشير إلى تجنب التصعيد إلى حرب شاملة”.
وأضاف الموقع، “مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يظل السؤال الحاسم مطروحا: “متى سترد إيران على إسرائيل؟”. وفي حين قد يفسر البعض ضبط النفس من جانب طهران على أنه يفتقر إلى خيارات قابلة للتطبيق، فإنه يعكس استراتيجية متعمدة متجذرة في استجاباتها السابقة للتهديدات الخارجية. إن تاريخ إيران في الانتقام المدروس يوضح نمطا من الاستجابات المدروسة التي تأخذ بعين الاعتبار بعناية التداعيات الجيوسياسية الأوسع نطاقا. وبناءً على هذا التاريخ، يبدو أن استراتيجية طهران الحالية تستغل الضغط النفسي الناجم عن الانتقام المتوقع، مما يضطر إسرائيل إلى البقاء في حالة تأهب قصوى مع تجنب التصعيد الفوري. ومن خلال التراجع، تفرض إيران تكاليف أمنية كبيرة على إسرائيل، مما يولّد شعوراً بالانتقام الوشيك. وهناك أيضا مخاوف حقيقية من أن الرد الأكثر عدوانية قد يشعل صراعا مماثلا لحرب 2006، ولكن على نطاق أوسع يشمل إسرائيل وحزب الله وإيران، وهي النتيجة التي من المرجح أن يحرص الجانبان على تجنبها”.
الوجود العسكري الأميركي وردود الفعل الإقليمية
وبحسب الموقع، “في استعراض قوي للردع، صعدت الولايات المتحدة من وجودها العسكري من خلال نشر مجموعتين من حاملات الطائرات، إلى جانب أنظمة دفاع صاروخي إضافية وأسراب مقاتلة. ومن خلال تعزيز وجودها، تهدف الولايات المتحدة إلى الضغط على طهران لضبط النفس والحفاظ على الاستقرار الإقليمي. في أعقاب اغتيال قائدها العسكري، تعكس هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل قدرة عسكرية محكومة ولكنها مهمة، مما يدل على الاستعداد للانخراط في أعمال جوهرية دون العبور إلى مجال الحرب الشاملة”.
وتابع الموقع، “تؤكد جهود الوساطة التي تبذلها قطر بين طهران وأصحاب المصلحة الدوليين الآخرين على تعقيد الموقف، مما يكشف عن جهد دولي واسع النطاق لمنع المزيد من التصعيد. وتشير التحركات الدبلوماسية الإيرانية الأخيرة، بما في ذلك اعتراف وزير الخارجية عباس عراقجي بأن أجزاء من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 عفا عليها الزمن، إلى تحول استراتيجي محتمل نحو إعادة التفاوض على الاتفاق النووي. في حين ظلت إيران ثابتة منذ فترة طويلة على موقفها النووي، فإن مناقشاتها بعد الاغتيال مع القوى الأوروبية الرئيسية تشير إلى انفتاح عملي على إعادة النظر في المفاوضات، ليس فقط لتحقيق الاستقرار في المنطقة ولكن أيضًا لتأمين التنازلات على الجبهة النووية. ورغم الجهود الدبلوماسية، تظل المنطقة على حافة الهاوية، مع استمرار تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، والمناورات العسكرية الاستراتيجية التي تقوم بها الولايات المتحدة، والخطاب المتقلب من جانب الزعماء الإقليميين، مما يساهم في خلق بيئة أمنية هشة حيث يتم مراقبة كل عمل أو رد فعل عن كثب”.
وختم الموقع، “لقد وصل توازن القوى في الشرق الأوسط إلى نقطة تحول حيث يراقب العالم الخطوة التالية لإيران. ومع ارتفاع التوترات الإقليمية، فإن قرار إيران بالرد لن يؤثر على موقفها الاستراتيجي فحسب، بل سيعيد تشكيل التفاعلات عبر المنطقة أيضًا. وعلاوة على ذلك، توفر محادثات وقف إطلاق النار الجارية في غزة طريقًا دبلوماسيًا يبدو أن إيران مترددة في تعطيله، مفضلة استخدام هذه الفترة لتحديد المواقع الاستراتيجية. وبينما تتلاعب القوى العالمية في الخلفية، فإن تصرفات إيران ستؤثر بشكل كبير على المشهد الأمني الإقليمي والعلاقات الدبلوماسية المستقبلية”.