ذكر موقع “الجزيرة” أنّ انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق أصبح قاب قوسين أو أدنى بعدما أعلنت مصادر لوكالة رويترز أن المفاوضين الأميركيين والعراقيين اتفقوا على الانسحاب على مرحلتين، الأولى في أيلول 2025، والثانية أواخر عام 2026.
وأشارت المصادر عينها إلى أنه “تم الاتفاق بشكل كبير على الخطة، وتنتظر موافقة نهائية من البلدين وتحديد موعد للإعلان عنها”. وأضافت أن الإعلان الرسمي كان مقررا في البداية أن يصدر قبل أسابيع لكنه تأجل بسبب التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأيضا لتسوية بعض التفاصيل المتبقية.
وإلى جانب واشنطن، تشارك دول أخرى في هذا التحالف بمئات الجنود منها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا. وبموجب الخطة، ستغادر كافة القوات قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار غربي العراق وتقلل من وجودها في بغداد على نحو كبير بحلول أيلول 2025.
ومن المتوقع أن تبقى قوات أميركية وأخرى من التحالف في أربيل بإقليم كردستان قرابة عام إضافي حتى نهاية 2026، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد تنظيم الدولة في سوريا.
وأكد الخبير العسكري صفاء الأعسم في هذا السياق أن “العراق حسم موقفه بخروج القوات الأجنبية خلال عامين دون أي تمديد لها، متحدثا عن رفض بغداد طلبا أميركيا بالتمديد”.
وقال إن “العراق قادر على سدّ الفراغ العسكري في حال خروج القوات الأجنبية والقضاء على عناصر داعش ومواجهة التهديدات الخارجية إذا تم تسليحه وتجهيزه استخباريا، وأضاف: “هذا لن يتم إلا بوجود جدية أميركية بإنهاء وجود قواتها على أرض العراق”.
وحسب الأعسم، فما سيتبقى من قوات التحالف هم المدربون والمستشارون والمشرفون والخبراء على اعتبار أن العلاقة الثنائية ستبقى مستمرة، موضحا أن بنود الاتفاق بين بغداد وواشنطن بدأت في منتصف عام 2014 بعد دخول التنظيم إلى مناطق من العراق.
وأضاف أن جزئية خروج القوات الأجنبية ضمن الاتفاق أشارت إلى ضرورة إبلاغ تلك القوات بالرغبة في ذلك قبل عام من الخروج الفعلي لها.
ولفت الأعسم إلى أنه تم خلال زيارة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، في آب 2023 إلى واشنطن، الاتفاق على خروج تلك القوات بشكل كامل في حزيران 2025، لكن في زيارته الثانية، في تموز الماضي، أبلغ الجانب الأميركي نظيره العراقي بأن بدء الانسحاب سيكون في سنة 2025 وسيتم الانسحاب الكامل منتصف عام 2026.
ووفق الخبير العسكري، طالب الجانب الأميركي العراق بمنحه مدة إضافية، لأن “فترة العامين غير كافية لخروج جميع القوات”، لكن الوفد العراقي رفض هذا الطلب وأصر على استكمال الانسحاب خلال سنتين.
وبرأي الخبير بالشأن الأمني عدنان الكناني، فإن وضع العراق معقد وتحول إلى ساحة صراع بين روسيا والصين من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، مؤكدا أن العراق “قادر على الدفاع عن أرضه ولديه اطلاع كامل بمن كان سببا في ما وصل إليه البلد من دمار”.
وقال الكناني إن العراق وقبل دخول القوات الأميركية عام 2003 كان مسيطرا على أجوائه وحدوده، بالتالي فإن وجودها كان السبب في تحول الأرض العراقية إلى ساحة للصراعات الدولية، قائلا إن “التحالف الدولي لم يمنع تركيا من احتلال أجزاء من العراق كما لم يمنع من تكرار القصف على مناطق داخل إقليم كردستان بذرائع مختلفة”.
وباعتقاده، فإن وجود القوات الأجنبية هو السبب الرئيسي في كافة مشاكل العراق اقتصاديا وأمنيا وخدماتيا وسياسيا، لافتا إلى أن “الشعب العراقي يخشى كل شيء وأي خطوة غير واضحة الأهداف والنوايا بسبب سلب الإرادات وسيطرة جهات ليست مؤهلة للحكم، بل تفرض قوتها بالسلاح على الشعب”.
وتابع الكناني أن دولا عديدة لديها مطامع بالعراق، ولا تريد أن تكون هنالك سيطرة لخصومها على بعض مناطقه أو موارده، وأكد أن بغداد أصبحت “كمغارة علي بابا المفتوحة، وكل الأطراف سواء كانت أميركا أو إيران أو روسيا وتركيا تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب”، حسب تعبيره.
من جانبه، أكد الباحث بالشأن السياسي أيسر الحسون أن مصالح اقتصادية وجغرافية وسياسية تجعل من خروج القوات الأميركية بشكل شامل من العراق أمرا مستحيلا. ورأى أنّ الحديث عن إخراج القوات الأميركية والتحالف الدولي “أكذوبة” وأضاف: “لا يمكن ذلك لوجود مصالح اقتصادية وإستراتيجية لواشنطن في بغداد”. (الجزيرة)