ذكرت صحيفة “The Guardian” البريطانية أنه “قبل عام واحد، جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الأمم المتحدة برؤية لـ “شرق أوسط جديد” يرتكز على العلاقات المتنامية بين إسرائيل وشركائها العرب في المنطقة. والآن أصبح على وشك إطلاق تصعيد كبير ضد “حزب الله”، متجاهلاً دعوات حلفائه إلى ضبط النفس بشأن حرب غزة ومتحدياً الانتقادات التي تتهمه بالمماطلة في المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار المؤقت. ومن المقرر أن يلقي نتنياهو كلمة يوم الجمعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ظهور من المؤكد أنه سيؤدي إلى انسحابات واحتجاجات في شوارع وسط مانهاتن”.
وبحسب الصحيفة، “أرجأ نتنياهو وصوله إلى الولايات المتحدة ليوم واحد على الأقل مع تصاعد التوترات مع لبنان، بعد عملية معقدة لتفجير آلاف أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكية التي يستخدمها “حزب الله”، والتي قد تشير إلى بداية حرب أوسع في المنطقة. وفي الواقع، قد تمنحه الرحلة إلى نيويورك فرصة لتقييم الدعم للتصعيد في لبنان، أو لإعلام الرئيس الأميركي جو بايدن وحلفاء آخرين بأنه اتخذ قراره ولن يتراجع عن حرب أوسع نطاقا. وتأتي رحلة نتنياهو إلى الأمم المتحدة بعد عام من إراقة الدماء في غزة والتي خلفت أكثر من 41 ألف شهيد ودفعت المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وزعيم “حماس” في غزة يحيى السنوار. ويشاع بانتظام أن قضاة المحكمة الجنائية الدولية على وشك الموافقة على مذكرة قد تتهم نتنياهو بارتكاب جرائم حرب”.
وتابعت الصحيفة: “قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إنه لم يتحدث مع نتنياهو منذ بداية الحرب، لكنه مستعد لمقابلته على هامش القمة إذا طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي ذلك. وقال غوتيريش: “لم أتحدث معه لأنه لم يرد على مكالماتي الهاتفية، لكن ليس لدي سبب لعدم التحدث معه”. وانتقد “الافتقار إلى المساءلة” عن مقتل عمال الإغاثة الإنسانية، الذين قُتل معظمهم في ضربات وصفتها الأمم المتحدة بأنها عشوائية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، سُئل سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون عما إذا كان نتنياهو سيلتقي غوتيريش، فقال إن جدول رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتم تحضيره بشكا كامل بعد”.
وأضافت الصحيفة: “كانت آخر رحلة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة في تموز، عندما ألقى كلمة في جلسة مشتركة صاخبة للكونغرس، ووعد “بالنصر الكامل” في حربه ضد حماس وسخر من المتظاهرين ضد ظهوره في مبنى الكابيتول الأميركي ووصفهم بأنهم “أغبياء”. ولا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كان نتنياهو مستعدًا لاتخاذ خطوة أخرى نحو الهاوية. ففي أعقاب الغارة الجوية التي شنتها إسرائيل على بيروت يوم الجمعة والتي أسفرت عن استشهاد أحد كبار قادة حزب الله في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: “حتى في الضاحية الجنوبية لبيروت سنواصل ملاحقة عدونا من أجل حماية مواطنينا”. وأضاف أن “سلسلة العمليات في المرحلة الجديدة من الحرب ستستمر حتى نحقق هدفنا وهو ضمان العودة الآمنة لسكان البلدات الشمالية في إسرائيل إلى منازلهم”.
“شفا الكارثة”
وبحسب الصحيفة، “قال غوتيريش إنه ينظر إلى الهجوم على “حزب الله” باستخدام أجهزة النداء المفخخة كمقدمة محتملة لتصعيد عسكري من جانب إسرائيل في لبنان، وحذر من أن المنطقة على “شفا الكارثة”. ولكن ما زال من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو مستعدا للتصعيد، بما في ذلك شن عملية برية، وقد وعد حزب الله وإيران، الداعمة له، بالانتقام للضربات الأخيرة. ولكن مكتب نتنياهو أعلن يوم الجمعة أنه سيؤجل وصوله ليوم واحد بسبب الوضع، وقال دانون في وقت لاحق للصحافيين إن موعد وصول نتنياهو سيعتمد على الأحداث في إسرائيل. وألقى نتنياهو خطابا أمام الأمم المتحدة العام الماضي، مشيدًا باتفاق إبراهيم الذي تم التوصل إليه مؤخرًا. وقد أدى هذا الاتفاق التاريخي إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولتين عربيتين، البحرين والإمارات العربية المتحدة، مع توقعات بأن المملكة العربية السعودية قد توقع على الاتفاقين قريبًا أيضًا”.
وتابعت الصحيفة: “قال نتنياهو وهو يحمل خريطة مكتوب عليها “الشرق الأوسط الجديد”: “عندما يرى الفلسطينيون أن معظم العالم العربي قد تصالح مع الدولة اليهودية، فمن المرجح أن يتخلوا هم أيضًا عن خيال تدمير إسرائيل ويعتنقوا أخيرًا طريق السلام الحقيقي معها”. لكن إراقة الدماء في غزة في أعقاب الهجمات التي شنتها حماس أدت إلى تصاعد التوترات، ومؤخرًا قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن بلاده لن تعترف بإسرائيل دون دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. وإذا اتخذت لجنة قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرارا مفاجئا باتهام نتنياهو بارتكاب جرائم حرب في غزة، فسوف يشكل ذلك إحراجا إضافيا له مع تحوله من شخص منبوذ إلى هارب دولي”.