بعد عام على الحرب.. السلام أصبح أكثر صعوبة

8 أكتوبر 2024
بعد عام على الحرب.. السلام أصبح أكثر صعوبة


ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أنه “في الذكرى السنوية لهجمات حماس التي وقعت في السابع من تشرين الأول على إسرائيل، أصبحت احتمالات تحقيق سلام دائم بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى. فقد حولت إسرائيل جزءاً كبيراً من غزة إلى أنقاض، وقتلت ما يقدر بنحو 40 ألف شخص، وشردت نحو 1.9 مليون آخرين، ويعيش النازحون في ظروف مروعة مع نقص الغذاء والمياه والأدوية. لقد نجحت القوات الإسرائيلية في إلحاق الضرر الشديد بحماس، ولكنها لم تتمكن من الوفاء بتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتدمير الحركة بالكامل، وهو ما أخبره جنرالاته بأنه مستحيل”.

Advertisement

وبحسب الصحيفة، “مع انتهاء العمليات الكبرى في غزة، فإن النشاط العسكري يقتصر اليوم على غارات وضربات جوية دورية لا تفعل شيئاً سوى زيادة حصيلة الشهداء وزيادة بؤس الناجين.وتتضاءل احتمالات العثور على أي من الرهائن الذين يحتجزهم حماس والذين يزيد عددهم على 60 شخصاً على قيد الحياة مع مرور كل يوم. لا يهتم نتنياهو بوقف إطلاق النار، ومع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية فإن إدارة الرئيس جو بايدن ليست في وضع يسمح لها بالضغط عليه في هذا الشأن، حتى لو كان نظيره، زعيم حماس يحيى السنوار، مستعدا لذلك. ولم يتم طرح أي خطة قابلة للتطبيق لإعادة بناء غزة وحكمها بعد الحرب”.
وتابعت الصحيفة، “الآن امتدت الحرب إلى لبنان وجرّت إيران إلى الداخل. دعماً لحماس، بدأ حزب الله في إطلاق الصواريخ والقذائف على شمال إسرائيل بعد أن غزت القوات الإسرائيلية غزة، ما أجبر إسرائيل على إخلاء نحو ستين ألف شخص كانوا يعيشون في مساكن مؤقتة طيلة العام الماضي، في حين أجبرت عمليات الانتقام الإسرائيلية نحو 95 ألف لبناني على إخلاء المناطق الحدودية. ولقد أدى هذا الوضع غير المستدام إلى شن هجمات واسعة النطاق على حزب الله، بدءاً باغتيال قادته في العشرين من أيلول باستخدام أجهزة النداء المتفجرة، وبلغت ذروتها بإطلاق عملية الغزو على لبنان في الأول من تشرين الأول. وتصر حكومة نتنياهو على أنها ستنفذ “غزواً محدوداً” ولن تحتل أي جزء من لبنان”.
وأضافت الصحيفة، “لكن كما اكتشف الفرنسيون في الجزائر، وكما تعلم الأميركيون في فيتنام والصومال والبوسنة، وكما اكتشف البريطانيون في أيرلندا الشمالية، فإن العمليات المحدودة غالباً ما تتفاقم إلى حروب طويلة الأمد. وكما توضح الصراعات في العراق وأفغانستان، فإن الاحتلال الطويل والصعب وغير الناجح في كثير من الأحيان عادة ما يتبع الغزو. الخروج أصعب كثيراً من الدخول،كما أن التوغلات لها عواقب غير مقصودة. ففي عام 1982 غزت إسرائيل لبنان في عملية أطلق عليها بشكل ساخر “السلام للجليل”، وقد حقق الغزو الهدف المباشر المتمثل في القضاء على التهديد الذي تشكله منظمة التحرير الفلسطينية، ولكنه أدى إلى إنشاء حزب الله، كما وفشل في توفير الأمن الدائم أو السلام الدائم. ولم ينجح غزو عام 2006 أيضاً”.
ورأت الصحيفة أن “نتائج العمليات السابقة لا تبشر بالخير في ما يتعلق بنجاح العملية الحالية. إن إسرائيل تمتلك القوة العسكرية الكافية لإلحاق خسائر فادحة بحزب الله على حساب الخسائر المدنية الهائلة والدمار الشامل، ولكنها لن تتمكن على الأرجح من القضاء عليه أكثر من حماس. وحتى لو نجحت في ذلك، فمن المؤكد أن مجموعة أخرى سوف تحل محلها، تماماً كما ملأ حزب الله الفراغ الذي خلفته منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1982”.
وبحسب الصحيفة، “من بين العواقب غير المقصودة الأخرى للغزو انهيار لبنان. لقد صنفت الولايات المتحدة وإسرائيل حزب الله كمنظمة إرهابية، ولكن الأمر أكثر من ذلك بكثير. فبفضل حصوله على مقاعد في المجلس النيابي، وقوته العسكرية التي تفوق قوة الجيش، وسيطرته على الأراضي، أصبح حزب الله متشابكاً مع الدولة والمجتمع الرسميين في لبنان. لذلك، فإن تدميره من شأنه أن يخلق فراغاً في السلطة قد يؤدي إلى انهيار البلاد. إن الدول الفاشلة تشكل تربة خصبة للتطرف، وقد اجتذب غزو لبنان بالفعل إيران، التي أطلقت 180 صاروخا باليستيا وصاروخا كروز على إسرائيل ردا على الاغتيالات والغزو. ورغم أن إسرائيل والولايات المتحدة أسقطت معظم هذه الصواريخ، فإن الأدلة تشير إلى أن بعضها أصاب أهدافه. وقد اعترفت إسرائيل بالأضرار التي لحقت بها، لكنها لم تعلق على الخسائر، وتعهد نتنياهو بالانتقام الشامل، بما في ذلك ربما الهجمات على منشآت النفط والمنشآت النووية الإيرانية، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من الهجمات من جانب إيران”.
وتابعت الصحيفة، “كما تدهور الوضع السياسي في الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول الماضي. فتحت غطاء الحرب في غزة، وافقت الحكومة الإسرائيلية على أكبر عملية استيلاء على الأراضي المحتلة منذ 30 عاما. وخلال العام الماضي، زادت الغارات على المجتمعات الفلسطينية والعنف الذي يمارسه المستوطنون بشكل كبير، وأي مكاسب تحققها إسرائيل في هذه الحرب المتوسعة يجب أن توزن في مقابل الثمن الذي تدفعه في الداخل والخارج. فقد انخفضت السياحة، التي تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الإسرائيلي، بنسبة 76 في المائة خلال النصف الأول من عام 2024، وقد أوقفت معظم شركات الطيران الكبرى رحلاتها إلى إسرائيل. ومع تزايد أعداد الضحايا في غزة، تصاعدت معاداة السامية في مختلف أنحاء العالم”.
وأضافت الصحيفة، “من الصعب قياس التأثيرات على الصحة العقلية على عامة السكان ولكنها مهمة بالتأكيد. حدد العلماء “الصدمة بين الأجيال”، أي انتقال التوتر من جيل إلى جيل، ربما على المستوى الجيني، مما يشير إلى أن آثار هذه الحرب قد تؤثر على الأجيال المقبلة. وبخلاف الشعب الإسرائيلي نفسه، فإن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على حمل نتنياهو على صنع السلام أو على الأقل قبول وقف إطلاق النار المؤقت. ولكن مع اقتراب الانتخابات، فهو يعلم جيدًا أن إدارة بايدن ليست في وضع يسمح لها بالضغط عليه، فقد بذل كلا المرشحين قصارى جهدهما لتأكيد دعمهما الثابت لإسرائيل”.
وختمت الصحيفة، “قد تتغير السياسة الأميركية، اعتمادا على نتائج الانتخابات، وهو ما قد يفسر لماذا يريد نتنياهو شن الحرب بهذه القوة قبل الانتخابات الأميركية في الخامس من تشرين الثاني”.