في زيارة تكتسب أهمية سياسية واقتصادية كبيرة، زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود القاهرة، الثلاثاء 15 أكتوبر، حيث عقد اجتماعاً “موسعاً” مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتأتي هذه الزيارة في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة توترات على عدة جبهات، من ذلك الصراع في غزة ولبنان، إلى جانب التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر.
كما تأتي الزيارة الأولى لولي العهد السعودي إلى القاهرة منذ يونيو 2022، لتعكس التنسيق المستمر بين السعودية ومصر في الملفات الإقليمية، وتأكيداً للتوافق الاستراتيجي بين البلدين في قضايا الأمن الإقليمي.
الرئاسة المصرية كشفت في بيان لها عن أن ولي العهد السعودي والسيسي توافقا على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة وقف التصعيد، كما أفرزت عدة مخرجات أهمها أن الرئيس المصري أكّد أهمية مواصلة التنسيق والتعاون المشترك لتجاوز المرحلة الدقيقة الحالية التي تمر بها منطقتنا وعالمنا الإسلامي.
كما شدد السيسي على الحرص المتبادل على ترجمة العلاقات والروابط التاريخية بين البلدين، من خلال تعزيز الآليات الثنائية المؤسسية، وخاصة من خلال تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي برئاسة الرئيس المصري وولي العهد السعودي، لمتابعة مختلف أوجه العلاقات الثنائية وسبل تطويرها باستمرار.
أكد الأمير محمد بن سلمان أهمية تعزيز العلاقات الثنائية، ومواصلة البناء على الروابط التاريخية الممتدة بين البلدين والشعبين، لتحقيق المصلحة المشتركة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والتنموية.
وشهدت المباحثات تناول التطورات الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، حيث تم التوافق على خطورة الوضع الإقليمي وضرورة وقف التصعيد.
وشدد الطرفان على أن إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، هي السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام.
كما اعتبر الجانبان أن أي محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب في استمرار حالة الصراع بالمنطقة.
كما طالبا ببدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفي لبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن سياسات حافة الهاوية بما يوقف دائرة الصراع الآخذة في الاتساع.
وتم تأكيد ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه، كما تباحث الزعيمان حول عدد من القضايا الإقليمية، على رأسها أمن منطقة البحر الأحمر، والأوضاع في السودان وليبيا وسوريا.
وخلال الزيارة شهد ولي العهد السعودي والرئيس المصري توقيع محضر تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي المصري برئاستهما، كما شهدا توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة.
ومن المتوقع أن يشكل المجلس منصة رسمية لتنظيم وتنسيق العلاقات بين البلدين على كافة المستويات السياسية والاقتصادية، لتعزيز التعاون المشترك من خلال وضع استراتيجيات مشتركة وتفعيل الاتفاقيات الثنائية.
من هنا، يرى عضو مجلس الشورى السعودي المستشار الاقتصادي والمصرفي فضل بن سعد البوعينين، أن زيارة بن سلمان “ستُسهم في تطوير العمل المشترك مع مصر، وفتح آفاق الشراكة والتعاون في مختلف المجالات، إلى جانب تعزيز وتحفيز الاستثمار المشترك، وتنمية التبادل التجاري”، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “اليوم السابع” المصرية.
أما الكاتب السعودي محمد الساعد، فيرى أن هذه “واحدة من أهم الزيارات في تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية”، مشيراً إلى ما أسفرت عنه من توقيع اتفاقيات اقتصادية واستثمارية، إلى جانب تشكيل المجلس الأعلى المصري السعودي.
ويلفت في حديث لنفس الصحيفة، إلى أن هذه الزيارة “تأتي في وقت مُثقل بالقضايا العربية والإقليمية المُتشابكة والمعقدة، من باب المندب جنوباً مروراً بالسودان إلى غزة ولبنان”، متابعاً: “قدر السعودية ومصر هو التصدي لهذه الحالة التي تُمزق العالم العربي، للتنسيق ووضع الحلول لها”.
بدوره يقول الباحث السياسي هاني الجمل إن توقيت الزيارة “دقيق”؛ نظراً لما تمر به المنطقة من “التوغلات الإسرائيلية في غزة ولبنان، سواء بالعمليات العسكرية الموسَّعة أو العمليات البرية التي من شأنها إحداث تغيير جيوسياسي في المنطقة”.
وأكد في حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط” أن لدى الجانبين “رؤية استراتيجية متقاربة حيال حل هذه الأزمات بوصفهما جناحَي الأمة العربية ونقطة الارتكاز عليها”.
وشدّد مندوب السعودية الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير عبد العزيز المطر، على أن الزيارة “تمثل أهمية قصوى في بحث سبل الحفاظ على الأمن القومي العربي والقضايا الإقليمية والدولية المشتركة ومدى أثرها على المنطقة، وتعزيز العلاقات للشراكة بين البلدين في كافة مجالات التعاون الثنائي”. (الخليج)