مع حروب إسرائيل المتتالية الحالية وسلسلة الاغتيالات الطويلة في وضع يندر بخطر حرب شاملة في المنطقة تظهر قواسم مشتركة عديدة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وغولدا مائير.
مواقف الاثنين المتشددة وتجاهلهما التام لحقوق الفلسطينيين تزيد من التشابه بينهما، على الرغم من اختلاف الأوضاع في المنطقة والعالم في سبعينيات القرن الماضي عما هي عليه الآن.
رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي صرحت مؤخرا بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو لا يؤمن أبدا بالسلام في الشرق الأوسط، وبسببه لم يتحقق حل الدولتين.
غولدا مائير رئيسة الوزراء في إسرائيل بين عامي 1969 – 1974 كان يقال عنها قبل وبعد وفاتها إنها لم تحاول فهم عقلية العرب ولم تسع بما يكفي من أجل السلام معهم.
كان موقف هذه السياسية الشهيرة التي كان وصفها بن غوريون بأنها “الرجل الحقيقي الوحيد في حكومته”، مثل نتنياهو يرتكز على مبدأين الأول يتمثل في ضمان قوة إسرائيل وتفوقها الساحق، والثاني عدم الثقة في العرب. على سبيل المثال صرحت غولدا مائير في إحدى المناسبات قائلة: “أعتقد أننا سنعيش مع جيراننا في سلام، لكنني متأكدة من أنه لن يصنع أحد السلام مع إسرائيل الضعيفة. إذا لم تكن إسرائيل قوية، فلن يكون هناك سلام هنا. لا يمكننا العيش هنا إلا إذا كنا مستعدين للقتال لن يكون جيراننا كرماء إلى درجة تمنحنا السلام”.
غولدا مائير أيضا في بداية سبعينيات القرن الماضي كانت لا تتحدث عن الفلسطينيين بل عن العرب المجاورين، النهج ذاته يسير عليه نتنياهو في الوقت الحالي على الرغم من اتفاقيات السلام مع مصر والأردن وتلك التي عقدت مع الفلسطينيين في أوسلو.
من مظاهر التشابه بين الشخصيتين أيضا رفضهما لوقف إطلاق النار إلى أن تحقق إسرائيل جميع أهدافها. مائير كانت بعثت برسالة بعد أيام من اندلاع حرب تشرين الاول عام 1973، إلى وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر تفيده فيها بأن الجيش الإسرائيلي، وفقا لخبراء تثق بهم، يخوض معركة صعبة، ولكن مع وصول جنود الاحتياط والمعدات اللازمة، سيتغير مسار الحرب بالتأكيد لصالح إسرائيل.
رئيسة الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت ذكرت كيسنجر بأنه السبب في أنها رفضت فكرة الضربة الوقائية، وأنها لو وافقت على اقتراح رئيس أركانها، لكان الوضع مختلف تماما.
مائير مهدت بهذا الطرح لتطلب من الولايات المتحدة استخدام حق النقض ضد تصويت محتمل لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن، على الأقل حتى ما بين 10-11 تشرين الاول. كما طلبت توريد أسلحة أمريكية، وخاصة صواريخ سايدويندر جو—جو.
القاسم المشترك الخطير بين الاثنين يتمثل في استعداهما لاستعمال جميع الأسلحة للقضاء على “الأعداء”. أعضاء متطرفون في حكومة نتنياهو كانوا تحدثوا عن إمكانية استخدام السلاح النووي في الحرب الدموية التي أطلقتها إسرائيل بعد هجوم طوفان الأقصى في 7 تشرين الاول 2023.
بالمثل في حرب تشرين الاول. حين تقدم الجيشان المصري والسوري بقوة على الجبهتين، ثار ذعر حقيقي في تل أبيب إلى درجة أن رئيسة الوزراء بحسب تقارير يقال إنها مؤكدة، أعلنت لأعضاء حكومتها حينها “سنستخدم الأسلحة النووية”.
كان في ترسانة إسرائيل في ذلك الوقت 20 قنبلة نووية يمكن أن يتم إسقاطها على القاهرة أو دمشق. تفيد هذه التقارير في تلك المناسبة أن غولدا مائير أمرت بوضع الطائرات القاذفة الإسرائيلية والصواريخ المزودة بعبوات نووية في حالة تأهب.
هذه الرواية تقول إن الولايات المتحدة حين اكتشفت هذه الاستعدادات، سارعت عل الفور إلى نقل كميات هائلة من الأسلحة المختلفة التقليدية الحديثة لدعم الإسرائيليين، ومنحهم بديلا عن السلاح النووي.
في الحرب العنيفة الحالية التي يقودها نتنياهو على جبهات عديدة يستخدم الإسرائيليون كل ما لديهم من أسلحة تقليدية. هذه المرة أيضا يتخوف الكثيرون من احتمال خروج الحرب الدموية الدائرة حاليا عن السيطرة تماما إلى درجة قد تدفع الإسرائيليين إلى التفكير في استخدام السلاح النووي ضد إيران. (روسيا اليوم)