أيضاً جاء الإعلان وسط تأكيدات ميدانية على الجاهزية الكاملة لمقاتلي حزب الله للتصدي لأي توغل بري إسرائيلي نحو القرى الجنوبية، حيث دفعت إسرائيل بـ5 فرق عسكرية تضم أكثر من 70 ألف ضابط وجندي، إلى جانب مئات الدبابات والآليات العسكرية.
كذلك، تزامن ما قاله حزب الله مع إعلان الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله قبل أيام في خطابه أن المقاومة دخلت مرحلة “إيلام العدو” وأن الميدان هو الذي سيحسم النتيجة، مع استمرار المعارك البرية واستخدام القوة الصاروخية والجوية.
ووسط كل هذا، يتقاطع ما أعلنه الحزب مع استمرار تعثر الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى مبادرة جدية لوقف إطلاق النار في لبنان، وسط إصرار إسرائيل على المضي قدمًا في حربها المدمرة.
مرحلة جديدة
يرى الخبير العسكري حسن جوني أن البيان الصادر عن حزب الله يقدم إطارا عاما للعمليات الدفاعية التي ينفذها على مختلف الأصعدة، برا وبحرا وجوا “وقد تميز البيان بتفصيله حول إستراتيجيات الدفاع وشكل المعركة، بما في ذلك كيفية استخدام الوسائل العسكرية والصواريخ، مع الإشارة إلى ما تحقق حتى الآن”، لافتاً إلى أن المعركة لا تزال على التخوم، مما يعني عدم وجود تقدم ملحوظ للإسرائيليين.
وفي حديث عبر “الجزيرة نت”، قال جوني إن البيان يؤكد وقوع إصابات في صفوف العدو الإسرائيلي، سواء من القتلى أو الجرحى، مع ذكر أرقام محددة تتعلق بالمعارك والاشتباكات، ويبرز أيضا نية حزب الله الدخول في مرحلة جديدة تصعيدية، تتضمن احتمالية استخدام أسلحة جديدة مثل الصواريخ الإستراتيجية.
ويعتقد جوني أن هناك احتمالية لاستهداف مناطق وأهداف حساسة ذات أهمية للأمن القومي الإسرائيلي، على شكل عمليات مفاجئة خاصة باتجاهات غير متوقعة، ويرجح أن تشمل هذه العمليات أيضًا جوانب أخرى مثل العمليات البحرية، مما يشير إلى أن الحزب يستعد لمفاجآت جديدة.
وعن احتمالات التطور في العمليات، يشير جوني إلى 3 مجالات رئيسية: تطور أساليب العمليات، تحسين الوسائل المستخدمة مثل الصواريخ والطائرات المسيرة أو وسائل دفاع جوي، بالإضافة إلى التركيز على استهدافات جديدة وحساسة تؤثر على الجانب الإسرائيلي.
ووفقا للخبير العسكري، فإن الهدف النهائي هو تطوير معادلة الردع، مما يعني أن احتمالات التصعيد ستستمر، بغض النظر عن الاتجاه الذي ستأخذه الأحداث، “وبالتالي، فإن المعركة لا تزال قائمة، وتستند رؤية حزب الله في إدارتها على إستراتيجية طويلة الأمد، تتضمن تدرجًا في استخدام القوة وتطوير القدرات، مما يضمن دائمًا إمكانية تحقيق المفاجآت”.
استعادة السيطرة
بدوره، أوضح رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر للجزيرة نت أن الجميع يترقب استخدام حزب الله أسلحة جديدة لم تُستخدم بعد، مشيرا إلى أن الحزب لم يلجأ بعد لاستخدام بعض الأسلحة المتوفرة لديه مثل صواريخ أرض بحر والصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للطائرات، معتبرا أن ذلك “يؤكد أننا أمام مرحلة جديدة من التصعيد”.
أما في ما يتعلق بالمعارك على الأرض، فأكد جابر أن التكتيكات العسكرية لن تشهد تحولات جذرية، مشيراً إلى أن حزب الله سيواصل اعتماده على أسلوب “حرب العصابات” من خلال استدراج “العدو” إلى العمق وتنفيذ غارات وكمائن محكمة، وأضاف أن تطور التكتيكات العسكرية يعتمد على الميدان والتطورات اليومية.
أما الباحث بالعلاقات الدولية والمحلل السياسي علي مطر فيرى أن حزب الله يسير وفق مراحل متعاقبة، حيث تمحورت المرحلة الأولى -التي تلت أحداث الاغتيالات- حول استعادة السيطرة في الميدان، فبدأت باستهداف المستوطنات الشمالية وصولًا إلى حيفا، مع توجيه رسائل متعددة إلى إسرائيل، بالإضافة إلى الضربة القوية في قاعدة بنيامينا، والتي كان لها تأثير كبير على مراحل الحرب الحالية ومراحل الميدان.
ويقول مطر -في حديثه للجزيرة نت- إن حزب الله وباستمراره في إستراتيجياته، يواصل استهداف مناطق مثل صفد، مستخدمًا الطائرات المسيّرة والصواريخ، بما في ذلك أسلحة نوعية مثل “قادر 1″ و”قادر 2” إلى جانب بعض الصواريخ غير المعلنة.
وفي ضوء ذلك، يعتقد المحلل السياسي أن الحزب يسعى في المرحلة الحالية إلى زيادة “إيلام العدو” حيث يخطط لاستهداف مستوطنات جديدة بالشمال وضواحي تل أبيب، وقد يصل إلى قلب تل أبيب نفسها، مشيراً إلى أن “العدو هو من بدأ هذا العدوان وشمل المناطق اللبنانية، مما يجعله يتحمل تكاليف باهظة نتيجة الاستهدافات المتزايدة”.
وفي سياق آخر، يعتقد مطر أن أهداف إعادة المستوطنين لن تتحقق، مشيرًا إلى أنه “من المحتمل أن نشهد نزوح آلاف المستوطنين من المناطق الشمالية نحو حيفا”.
كذلك، أوضح أن هناك نحو مليون إلى مليوني شخص إسرائيلي يعيشون بجوار الملاجئ، مع تفاقم معاناتهم بسبب الاستهدافات المتكررة “وبذلك، يبدو أن المرحلة المقبلة ستتسم بهذه الصورة”. (الجزيرة نت)