تواجه القوات المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” التحدي الأكبر في ظل استمرار التوتر العسكري بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، وسط تساؤلات حول اتخاذها قرارًا بالبقاء في مواقعها أم التراجع إلى الوراء.
ويتمركز أكثر من 10 آلاف جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان منذ العام 1978، حيث تُكلّف القوة الدولية بمراقبة الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وترصد أي انتهاكات عسكرية عند الحدود.
قرار أممي
وبالرغم من استهدافها أكثر من مرة، وإصابة عدد من جنودها، إلا أن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، قال إن “قوات اليونيفيل باقية لحفظ السلام، ومستمرة في مهامها”، محذراً من أن مواقعها سيُجرى احتلالها إذا غادرت.
وأوضح لاكروا، أن “السلطات الإسرائيلية طلبت من قوات اليونيفيل أن تتحرّك 5 كيلومترات بعيداً عن الخط الأزرق”، متابعاً: “اتخذنا قراراً مدروساً للغاية بضرورة البقاء، خصوصاً أن القوات تحظى بدعم كبير من المجتمع الدولي”.
وقال قائد القوات الدولية، أرولدو لازارو، إن “التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي، والالتزام الكامل بالقرار 1701، هما السبيل الوحيد للعودة إلى وقف الأعمال العدائية”، مبيناً أن القوة سجلت أكثر من 30 حادثة في تشرين الأول الماضي، أسفرت عن أضرار في الممتلكات أو إصابة قوات حفظ السلام.
قرار دولي
ويرى الخبير في الشؤون الإقليمية، رفيق أبو هاني، أن “القوات الدولية، وبالرغم من الهجمات التي تتعرض لها، إلا أنها ستواصل البقاء في مواقعها، خاصة أنها لم تتلقَ أي تعليمات دولية بشأن الانسحاب من الجنوب اللبناني”.
وقال أبو هاني، لـ”إرم نيوز”، إن “اليونيفيل لا ترى في بعض الأحداث العرضية أي خطر على تواجدها في الوقت الحالي، كما أن الدول المشاركة بها تدرك خطورة انسحاب تلك القوات على تصاعد الصراع العسكري بين حزب الله وإسرائيل”.
وذكر أنّ “انسحاب تلك القوات سيؤدي، بالتأكيد، لرفع وتيرة القتال على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وسيؤدي إلى معارك أشد عنفًا من التي تدور في الوقت الحالي”، مبينًا أن انسحاب إسرائيل لا يمكن أن يكون في مصلحة التهدئة في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أنه “بالرغم من الوضع الأمني المتوتر؛ إلا أن قيادة تلك القوات ستجبر الطرفين على تخفيف حدة المواجهة، وستتوصّل إلى اتفاق غير معلن على تحييدها ومواقعها من أي هجمات عسكرية، خاصة الهجمات الإسرائيلية”.
وتابع: “في حال قررت القوات الانسحاب من مواقعها، فإن ذلك سيكون في إطار تصاعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله وسط فشل المساعي الدولية والإقليمية للتهدئة، الأمر الذي سيُدخل المنطقة في تصعيد طويل الأمد”.
انسحاب تكتيكي
ويرى المحلل السياسي، ثابت العمور، أن “قوات اليونيفيل قد تُضطر، خلال الفترة المقبلة، لاتخاذ قرار غير معلن يتمثل بانسحاب تكتكتي من بعض المناطق التي تشهد سخونة في القتال بين حزب الله والجيش الإسرائيلي”.
وقال العمور، لـ”إرم نيوز”، إن “ذلك يأتي لضمان أمن عناصرها من جهة، وبسبب فشل الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء القتال من جهة أخرى”، لافتًا إلى أن القوات الدولية أمام خيارات صعبة للغاية في حال لم يتم التوصّل إلى اتفاق ينهي القتال على الجبهة الشمالية لإسرائيل.
وتابع: “سيكون من الصعب على القوات في هذه الحالة البقاء في مواقعها، الأمر الذي سيجبر مجلس الأمن الدولي على عقد اجتماعات عاجلة من أجل اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مصير تلك القوات”.
وبين العمور أنه “من المرجح أن تكون إسرائيل تتعمد استهداف تلك القوات لإفشال مهمتها، واستبدالها بقوات جديدة”، مشددًا على أن ذلك سيكون في إطار خطط الحكومة الإسرائيلية فرض واقع جديد في الشرق الأوسط. (إرم نيوز)