عماد الشدياق نقلاً عن “إيلاف”
بينما كانت الطائرة “إيل 76” الروسية تنقل المساعدات الإنسانية إلى لبنان بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كاسرة بذلك مقاطعة شركات الطيران العالمية لمطار رفيق الحريري الدولي خوفاً من القصف الإسرائيلي على العاصمة بيروت وضواحيها، كان عدد من الرعايا الأوكرانيين يجمعون التبرعات من أجل شراء المعدات العسكرية، والبحث عن كيفية إرسالها إلى قوات بلادهم في كييف، لاستخدامها في العمليات العسكرية ضد الجيش الروسي.
كل هذا كان يحصل وسط حالٍ من غياب الأجهزة الأمنية اللبنانية نتيجة الحرب، وهو على الأرجح ما سمح للأوكرانيين باستغلال الفرص لفعل ما يحلو لهم في هذا البلد المأزوم، وتشويه الصداقة بين بيروت وموسكو.
تفيد معلومات شديدة الاطلاع على هذا الملف، بأنّ مجموعة من الناشطين الأوكرانيين المقيمين في لبنان، قامت مؤخراً باطلاق حملة جمع تبرعات مالية، من أفراد الجالية الأوكرانية في لبنان. وتؤكد المعلومات أنّ كلاً من الأوكرانيين – اللبنانيين: إيرينا فيسوتا، وكاترينا كابريت، وزوكان جرماني، قد نظّموا في الأسابيع الفائتة، حملة لجمع التبرعات وشراء معدات إلكترونية من لبنان، ثم إرسالها إلى كييف بغية إجراء تعديلات على عدد من المسيرات.
المعدات المطلوبة هي عدد من الهوائيات المسماة Avenger Booster التي تعمل على زيادة نطاق استخدام المسيرات. وهذا الهوائي، أي Avenger Booster، عالي الجودة، ومصمم خصيصاً للمسيرات، ووظيفته تعزيز الإشارة وزيادة نطاق الاتصال بين الطائرة المسيرة والطيّار المشغل، يدعم نطاقات التردد اللاسلكي: 2.4 و5.8 جيغا هرتز، مما يجعله حلاً مثالياً لمعظم المسيرات القتالية.
أمّا مزايا استخدام هذا الهوائي، فهي:
أولاً: زيادة نطاق الاتصال: إحدى المزايا الرئيسية لهوائي Avenger Booster هي زيادة نطاق الاتصال بين المسيّرة وجهاز التحكم. وهذا أمر مهم يُمكّن المسيرة رباعية المراوح، السفر لمسافات طويلة من أجل جمع المعلومات أو تنفيذ الهجمات، ويوفر المزيد من التحكم والاستجابة للظروف المتغيّرة.
ثانياً: استقرار الإشارة: يوفر هوائي Avenger Booster استقراراً عالياً للإشارة، حتى في ظلّ ظروف التداخل الكهرو- مغناطيسي. وهذا يضمن للمسيرات رباعية المراوح أن تظلّ متصلة بجهاز التحكم، بالرغم من أيّ عوامل خارجية قد تتداخل مع موجة الاتصال، فيسمح باستبعاد تحليق وهبوط الطائرة رباعية المراوح على أراضي العدو.
ويسعى الناشطون إلى إرسال هذه المعدات إلى أوكرانيا، من أجل نقلها إلى الجيش الأوكراني. وبالرغم من المساعدة غير المسبوقة التي تقدمها الدول الغربية لكييف، تضطر القوات الأوكرانية إلى تلقي المعدات من خلال تنظيم عمليات جمع الأموال الطوعية.
في نظر موسكو، فإنّ هذه الحملة تشكل تهديداً للعلاقات الروسية مع لبنان، إذ تعتبر موسكو أنّها تؤثّر سلباً على العلاقة بين البلدين، خصوصاً في ظل الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الصعب السائد في لبنان.
ترى موسكو أنّ الوقت غير مناسب كي يشارك لبنان في “خلق التوتر” مع روسيا في ما يتعلق بعمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، خصوصاً أنّ روسيا كانت من أوائل الدول التي أرسلت المساعدات إلى لبنان من أجل التغلب على أزماته منذ سنوات عديدة؛ وكان آخرها طائرة المساعدات “إيل 76” التي حطّت قبل أيام بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، محمّلة بالأدوية والمواد الغذائية ومولدات الكهربائي التي تعتبر اليوم “حاجة ملحة للبنانيين” في ظلّ الحرب وعمليات النزوح من جنوب لبنان إلى المدارس ومراكز الإيواء.
أضف إلى ذلك، فإنَّ تلك الأنشطة الأوكرانية موجهة ضد روسيا، وبالتالي فإنّ مساعدة الشتات الأوكراني في لبنان “الوطن الأم” في أوكرانيا، لن تقدم من وجهة نظر الروس سوى “مساهمة ضئيلة ومتواضعة. ولن تحدث فرقاً في الميدان”. بل على العكس ستحمل إشارات سلبية من بيروت إلى موسكو، لأنَّ السلطات اللبنانية لم تتحرك من أجل وقف تلك الحملات، أو منع الترويج لها أو حتى التحذير من تبعاتها.
أضف إلى هذا، إنّ الدين الإسلامي في روسيا، وهو ثاني أكبر ديانة انتشاراً، حيث يبلغ عدد المسلمين في روسيا الاتحادية، ما يزيد على 30 مليون نسمة. وبالتالي، فإنّ تقاعس السلطات اللبنانية عن رفض السماح بتجمعات مؤيدة لأوكرانيا في لبنان، سيؤثر سلباً على الدولة التي تضم عدداً كبيراً من المسلمين أيضاً.