سلطت ماكنزي إيغلن، زميل أول في معهد أميركان إنتربرايز متخصصة في استراتيجية الدفاع وميزانيات الدفاع والاستعداد العسكري، الضوء على التغييرات المحتملة التي قد تطرأ على الجيش الأميركي بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب والإصلاحات المرتقبة في الميزانية وحجم القوات والاستعداد بهدف مواءمة القدرات العسكرية مع المتطلبات الاستراتيجية.
العديد من فجوات الاستعداد والقدرات ما تزال دون معالجة
وقالت الباحثة في مقالها بموقع “ناشونال إنترست” إن ترامب سيركز على تقليص مسؤوليات الجيش لتجنب الإرهاق.
ونقلت عن رايان مكارثي، وزير الجيش السابق في عهد ترامب، أن المطالب الحالية من القوات الأميركية تتجاوز قدرتها، نظراً للموارد المحدودة والمعدات القديمة. وفي رأيه، سيحتاج البنتاغون إلى إعادة النظر في كيفية تخصيص قواته للمسارح الاستراتيجية، مما قد يقلل الالتزامات في المناطق الأقل أهمية.
ويستخدم مكارثي الجيش كمثال، موضحاً أنه رغم الطلب المرتفع، انخفضت ميزانية الجيش الحقيقية بنسبة 25% على مدى أربع سنوات.
وتوضح إيغلن أنه في عهد ترامب، قد يتم تعديل القيادات القتالية لتحقيق توازن أفضل بين المطلوب والمتاح، وتعزيز الأولويات الاستراتيجية.
التجنيد العسكري
وأكد الباحث أن إدارة ترامب ستركز على التجنيد والاحتفاظ بالمجندين، نظراً لمعاناة الإدارة الأميركية بسبب نقص التحسينات في تلك القطاعات، مشيرةً إلى أن “فقاعة” نقص المجندين تخلق وظائف شاغرة مستمرة، مما يعرض الاستعداد والتماسك الذي يجب أن تظهر به القوات العسكرية.
وأضافت الباحثة أن تعزيز صورة إيجابية للخدمة العسكرية وتحسين ظروف الخدمة من شأنه أن يضمن استقرار القوات المسلحة.
تحديات بناء السفن في البحرية
وتابعت الباحثة إن “بناء السفن يمثل تحدياً آخر”، وأضافت: “لقد تقادم أسطول البحرية، حيث تتقاعد السفن بشكل أسرع مما يمكن للسفن الجديدة أن تحل محلها”، وهي الدورة التي تصفها إيغلن بأنها “حلقة الهلاك”.
ورغم أن ميزانية عام 2025 تخصص 32.4 مليار دولار لبناء السفن، فمن المخطط بناء تسع سفن جديدة فقط، وهو ما يتجاوز بالكاد السفن الثماني التي تم بناؤها في عام 2015 بأقل من نصف الميزانية.
وأكد رايان ماكارثي ضرورة إجراء مراجعة شاملة لتكاليف بناء السفن لمعالجة عدم الكفاءة، مقترحاً أفكاراً تعاقدية مبتكرة يمكن أن تزيد من الموارد إلى أقصى حد. ولمكافحة نقص السفن، يقترح ماكارثي تأمين التمويل المحتمل خارج ميزانيات البحرية والقوات الجوية العادية، خاصة لتحديث الثالوث النووي، وهو المجال الذي يعده كل من إدارة ترامب والقادة العسكريين ضرورياً.
تسريع تقاعد أنظمة القوات الجوية القديمة
ولفتت الباحثة النظر إلى الضغوط الواقعة على القوات الجوية، والتي تحاول حالياً تحقيق التوازن بين التحديث النووي والتقليدي وسط قيود الموارد.
كذلك، يدعم ماكارثي تسريع تقاعد الطائرات المكلفة والقديمة كإجراء لتوفير التكاليف.
ومع ذلك، تؤكد الباحثة أن الاستثمار الجديد في الأنظمة المتقدمة أمر بالغ الأهمية لاستبدال القدرات التي توفرها هذه الطائرات القديمة. وقد يعمل فريق ترامب على تسريع برامج مثل الطائرات القتالية التعاونية، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية.
إلى ذلك، يدعم مكارثي إعادة تصميم أنظمة قديمة مختارة، مثل صاروخ البحرية AIM-174B، والذي تم تعديله لتعزيز المدى والدقة، مما أدى إلى إطالة العمر التشغيلي لبعض الطائرات.
وترى الباحثة أن إعادة استخدام التكنولوجيا القديمة يمكن أن تكون بمنزلة حل مؤقت، وتوفير القدرات حتى تصبح البدائل الأحدث جاهزة للعمل بشكل كامل.
توسيع إنتاج الذخائر
وقالت إيغلن إن إنتاج الذخائر هو مجال آخر ذو أولوية. وتنقل عن مكارثي قوله إن الصراعات الأخيرة كشفت عن نقاط ضعف سلسلة توريد الذخائر، مما سلط الضوء على المخزونات المستنفدة وقدرات الإنتاج غير الكافية.
وأدى الطلب المتزايد على الدعم العسكري الأميركي في الصراعات الجارية إلى إجهاد الموارد، وكشف عن فجوات كبيرة في التخطيط والإنتاج.
ويدعو مكارثي إلى العودة إلى نهج “إنتاج الذخائر على نطاق واسع” الذي شوهد آخر مرة في الثمانينيات، والذي من شأنه أن يعزز القاعدة الصناعية الدفاعية ويضمن مخزونات وفيرة.
إعادة تخصيص الميزانية
وتناولت الباحثة أيضاً إعادة التخصيص المحتملة داخل “السلطة الرابعة” التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، والتي تغطي وكالات خارج الفروع العسكرية التقليدية، مثل وكالة استخبارات الدفاع وبرامج الدفاع الصاروخي.
ويقترح مكارثي إعادة تخصيص 10-15% من هذه الميزانية البالغة 140 مليار دولار من أجل تدريب القوة المشتركة ورفع كفاءتها.
ويمكن لفريق ترامب تنفيذ نموذج “المحكمة الليلية” – عملية مراجعة الميزانية التي تم تقديمها خلال فترة ولاية ترامب الأولى – لتحديد النفقات غير المستخدمة أو الزائدة عن الحاجة داخل السلطة الرابعة، وتحرير الأموال للاحتياجات ذات الأولوية الأعلى.
موازنة الاستثمار والأولويات الاستراتيجية
وقالت الباحثة إنه في حين أدت فترة ولاية ترامب الأولى إلى زيادة قدرها 225 مليار دولار في تمويل الدفاع، فإن العديد من فجوات الاستعداد والقدرات ما تزال دون معالجة بسبب أوجه القصور القائمة مسبقاً.
وأشارت إيغلن إلى أن تحقيق رؤية ترامب لجيش قوي سوف يتطلب نمواً مستداماً في الميزانية فوق التضخم، حيث أن الأهداف الاستراتيجية اليوم ليست أقل طموحاً.
وخلصت الباحثة إلى أن أجندة ترامب تهدف إلى جعل الجيش الأميركي أكثر كفاءة وتركيزاً استراتيجياً وذكاءً. ولكن نظراً لمتطلبات البنتاغون واسعة النطاق، فما زال من غير الواضح كيف ستتمكن هذه المقترحات من تحقيق التوازن بين المتطلبات الحالية والهدف المتمثل في بناء قوة أقل عدداً وأكثر استعداداً. (24)