ذكرت مجلة “The Economist” البريطانية أن “الفصائل العراقية أطلقت في الثامن من تشرين الأول أولى طائراتها المسيّرة على إسرائيل. وأعلنت الأخيرة أن دفاعاتها الجوية أحبطت هجوم النجباء. ووعدت الفصائل، بالعبرية والعربية، “بمفاجآت كبيرة في الساعات المقبلة”، “إن شاء الله، أحداث كثيرة”. في الواقع، يفضل معظم حكام الشرق الأوسط، بما في ذلك حكام حلفاء إيران، أن يكون لله خطط أخرى. لقد كان أداء العراق جيدا إلى حد ما في الآونة الأخيرة، فهو يستخدم أخيرا عائداته النفطية لتمويل البنية الأساسية، وليس الحروب الطائفية أو الأموال الأجنبية، كما وأن العنف وصل إلى أدنى مستوياته منذ الغزو الأميركي. ويحاول المسؤولون العراقيون يائسين تجنب الصراع الإسرائيلي مع إيران”.
وبحسب المجلة، “إن جهود المسؤولون مقيدة بسبب افتقارهم إلى السيطرة على أراضيهم. وتقول إسرائيل إن إيران تنقل مخزونات جديدة من الصواريخ البعيدة المدى والطائرات من دون طيار المتفجرة إلى فصائلها هناك. كما وإن إيران غاضبة من سماح أميركا لإسرائيل باستخدام المجال الجوي العراقي لقصفها، وقد يكون العراق الدولة التالية التي يتم جرها إلى الحرب الإقليمية الإسرائيلية”.
وتابعت المجلة، “في الوقت الحالي، يعتمد العراق على الدبلوماسية لإنقاذه. ففي العاشر من تشرين الثاني، ذهب مستشاره للأمن القومي إلى إيران لإجراء محادثات مع فيلق القدس، وحث رئيسه على إبعاد العراق عن أي خطط إيرانية لمهاجمة إسرائيل رداً على الضربات الجوية التي شنتها في 26 تشرين الأول. وفي اليوم عينه، التقى رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض لمناقشة كيفية منع انتشار الحرب.كما وأمر المرجع الديني الأعلى في البلاد، علي السيستاني، الدولة العراقية بالسيطرة على أسلحة الفصائل”.
وبحسب المجلة، “تخشى إيران أن تكون هجمات إسرائيل على دفاعاتها الجوية ووكلائها، التي طالما اعتبرت خط دفاعها الأول، قد تركتها مكشوفة. وحتى وقت قريب، أظهرت ما أسمته “الصبر الاستراتيجي” وامتصت ضربات إسرائيل، ولكن الضربات الإسرائيلية على حزب الله، وكيل إيران في لبنان، وغزوها للبنان علمت إيران أن ضبط النفس يبدو ضعيفا ولا يؤدي إلا إلى المزيد من العدوان. ونظراً لإدراك المسؤولين الإيرانيين أن إسرائيل ردت على الهجوم بعد أن أطلقت إيران وابلين من الصواريخ، فإنهم يأملون أن يؤدي استخدام العراق إلى تجنيب بلادهم هجوماً مضاداً من إسرائيل. ولأن العراق أقرب إلى إسرائيل، فإن الدفاعات الجوية الإسرائيلية سيكون لديها وقت أقل لاعتراض أي ضربة”.
وتابعت المجلة، “حتى وقت قريب، كانت إسرائيل تتطلع إلى القوات الأميركية على البر والبحر لردع الفصائل المدعومة من إيران في أماكن مثل العراق واليمن، لكن هزيمتها لحماس وحزب الله، وضرباتها الجوية على سوريا، شجعت قادتها على استهداف بقية “محور المقاومة” الإيراني. ويتحدث رجال الأمن الإسرائيليون عن ضربة استباقية قبل أن تطلق الفصائل العراقية “مفاجآتها الكبرى”. لإيران مجموعتان من الحلفاء في العراق الذي يهيمن عليه الشيعة. الأولى هي الفصائل الشيعية التي بدأت في تكوينها بعد أن أطاحت أميركا بالرئيس العراقي صدام حسين في عام 2003. ومنذ ذلك الحين، تمكنوا من السيطرة على الدولة العراقية في الانتخابات التي جرت. وبمساعدة إيران في عام 2014، شكلوا قوات الحشد الشعبي، وهي مجموعة من الفصائل العراقية الممولة من الدولة”.
وأضافت المجلة، “لكن مع تزايد دفع هذه الكتل من قبل المصالح العراقية المحلية، رعت إيران فصائل شبه عسكرية جديدة، مثل حركة النجباء، تحت قيادتها المباشرة. وبعد غزو إسرائيل لغزة، ساعدت إيران في إنشاء المقاومة الإسلامية في العراق، وهي مظلة أخرى للفصائل التي تدفع لها إيران الأموال وتزودها بالعتاد. ومنذ ذلك الحين أطلقت عشرات الصواريخ والطائرات من دون طيار على إسرائيل وهاجمت قواعد أميركية. وقد ترك اغتيال إسرائيل لقادة حماس وحزب الله فراغًا في القيادة العربية للمحور، وقد يكون بعض رجال الفصائل العراقية حريصين على ملئه”.
وبحسب المجلة، “لقد سعى العراقيون منذ فترة طويلة إلى تخليص بلادهم من القوات الأجنبية، سواء الأميركية أو الإيرانية، إلا أنهم فشلوا في تحقيق هذا الهدف. لذا بدلاً من الانفصال عن أميركا أو إيران، تفضل الفصائل العراقية البقاء خارج القتال، وقد أكد قادة قوات الحشد الشعبي للسوداني أنهم لن يستخدموا أسلحتهم أو مقاتليهم الذين يتقاضون رواتب من الدولة لمهاجمة إسرائيل. وإذا اقتصرت إسرائيل على هجماتها على إيران وتجنبت ضرب المراكز السكانية، فقد تكون التداعيات في العراق محدودة، على الرغم من أنه قد يكون من الصعب احتواؤها إذا ضربت إسرائيل بالقرب من مدن الأضرحة الشيعية في العراق حيث يوجد الإيرانيون، أو إذا ضربت قوات الحشد الشعبي. في الخفاء، قد يهلل بعض الشيعة لضربة على الفصائل غير التابعة لقوات الحشد الشعبي”.
وأشارت المجلة إلى أن “أميركا تريد أيضا إبعاد العراق عن النفوذ الإيراني. ففي الحادي عشر من تشرين الثاني، ضربت القوات الأميركية فصائل موالية لإيران في سوريا، بالقرب من الحدود العراقية. وقد يذهب دونالد ترامب، بمجرد توليه الرئاسة، إلى أبعد من ذلك. فخلال ولايته الأخيرة، أمر باغتيال قائد قوات الحشد الشعبي آنذاك، أبو مهدي المهندس، والجنرال الإيراني الأعلى قاسم سليماني، في بغداد. ولا يقل الأمر إثارة للقلق بالنسبة للعراق أن مستشاري ترامب قد يفكرون في فرض عقوبات عليه. فمنذ عام 2003، أودع العراق عائداته النفطية في حساب ضمان في نيويورك، ويقول أحد مراقبي العراق في واشنطن مؤخرا إن ترامب قد يضع ذلك نصب عينيه”.