يشير تعيين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، للجنرال السابق كيث كيلوغ مبعوثًا خاصًا للصراع الأوكراني الروسي، إلى أن الإدارة الجديدة ستنتهج سياسة مغايرة لما عهدته كييف من واشنطن منذ بداية الحرب في 24 شباط 2022.
ويرى مراقبون أن ترامب، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بأنه سيوقف الحرب خلال 24 ساعة إذا عاد إلى البيت الأبيض، قد يستخدم مساعدات وعدت بها إدارة الديمقراطي جو بايدن ولم تتمكن من تسليمها بعد إلى أوكرانيا، للضغط على كييف وحملها على التفاوض مع روسيا لوقف القتال.
وانتقد ترامب في عدة مناسبات إنفاق إدارة بايدن مليارات الدولارات لدعم أوكرانيا.
ودفعت واشنطن بأكثر من 56 مليار دولار كمساعدات أمنية لأوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي، ومن المتوقع أن ترسل مليارات أخرى قبل مغادرة بايدن منصبه في أقل من شهرين.
وقد كثفت الولايات المتحدة مؤخرًا شحنات الأسلحة وتنازلت عن مليارات الدولارات من القروض المقدمة لكييف، وفق وكالة أسوشيتد برس.
وبدأ مايك والتز، الذي اختاره ترامب قبل نحو أسبوعين لمنصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، يدرس مقترحات لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفقا لوسائل إعلام أميركية.
ماذا عن تعيين كيلوغ؟
ويرى لاري كورب، الذي يشغل حاليا منصب كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي، أن مواقف كيلوغ التي عبر عنها مرارا بخصوص إيقاف الحرب في أوكرانيا “ليست مؤشرا على السياسة التي سينتهجها في إطار منصبه الجديد”.
ويعتبر كورب أن أي مبعوث لمنطقة نزاع يواجه عدة تحديات في الميدان ومواقف متصلبة “قد تكبح سعيه في إنهاء الصراع”.
ولطالما كرر ترامب أنه يستطيع إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في غضون 24 ساعة، وهي تصريحات فسرها بعض المراقبين بأن ترامب قد يضغط على أوكرانيا للتنازل عن الأراضي التي تحتلها روسيا حاليا ثمنا لعقد صفقة سلام مع موسكو.
تعليقا على ذلك، يقول الباحث السياسي المقيم في واشنطن، حسن منيمنة، إن تعيين كيلوغ قد يساهم في تسريع وتيرة إيجاد حل للصراع بين روسيا وأوكرانيا، لكن منيمنة أوضح أن “موقف ترامب لا يحتاج إلى مؤشرات لأنه عبّر عنه على مدار الأعوام الماضية”.
وفي اتصال مع موقع “الحرة”، شدد منيمنة على أن ترامب سيعمل خلال المفاوضات بين الطرفين على ألا يحصل أي منهما على أقصى ما يريده، وقال إن “التعيين بحد ذاته يؤكد المؤكد، ولا يشير إلى أي تبدل أو جديد”.
من هو كيث كيلوغ وما هي مواقفه؟
سبق أن خدم كيلوغ في إدارة ترامب السابقة مستشارا للأمن القومي بالوكالة بعد استقالة مايكل فلين من المنصب، على خلفية الكشف عن اتصالاته مع مسؤولين روس.
وقال ترامب عن كيلوغ إنه خدم في إدارته الأولى في “أدوار الأمن القومي الحساسة للغاية”.
وأردف ترامب: “كان معي منذ البداية، سنضمن السلام من خلال القوة، ونجعل أميركا والعالم آمنين مرة أخرى”.
وخدم كيلوغ (80 عاما) في صفوف الجيش الأميركي لمدة 36 عاما. وعمل عند تقاعده عام 2003 ضابطًا مسؤولًا رفيع المستوى في سلطة التحالف المؤقتة في العراق، الهيئة التي كانت تحكم العراق في ذلك الوقت.
بصفته الرئيس المشارك لمركز الأمن الأميركي في معهد “أميركان فيرست بوليسي”، كتب كيليوغ العديد من الفصول في كتاب السياسة الخاص بالمجموعة.
وفي نيسان، كتب كيلوغ أن “إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا سيتطلب قيادة قوية من أميركا أولًا لتحقيق صفقة سلام وإنهاء الأعمال العدائية بين الطرفين المتحاربين على الفور”.
ما مصيرا المساعدات لكييف؟
تولجه واشنطن تحديات في شحن كميات كبيرة من الأسلحة لأوكرانيا بسبب قيود زمنية ولوجستية، إذ أن أمام إدارة الرئيس جو بايدن أسابيع قليلة لإتمام إرسال ما تبقى منها (قبل استلام إدارة ترامب).
وفي حال لم يتم تسليم كل المساعدات سيبقى قرار تقديمها لكييف بيد ترامب. لذلك، يرى متابعون أن ترامب قد يستخدم تلك المساعدات ورقة ضغط على كييف. فهل سيتمكن من ذلك؟
ولدى الإدارة الحالية أكثر من 6.5 مليار دولار متبقية في ما يُعرف بسلطة السحب، التي تسمح لوزارة الدفاع بنقل الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا من مخزوناتها الخاصة، وفقا لما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال، عن مسؤولين أميركيين.
ومع ذلك، فقد وصل البنتاغون إلى الحد الأقصى للأسلحة التي يمكنه إرسالها إلى أوكرانيا شهريًا دون التأثير على قدراته القتالية الخاصة، وهو يواجه تحديات لوجستية في نقل الأسلحة إلى قوات كييف، وفقًا للمصادر.
وتحتاج الولايات المتحدة إلى شحن أسلحة تقدر قيمتها بأكثر من 110 مليون دولار يوميًا، أو ما يقارب 3 مليارات دولار في كانون الاول وكانون الثاني، من أجل إنفاق الأموال المتبقية في الوقت المحدد.
لصعوبة ذلك، يرى لاري كورب أن بإمكان ترامب استغلال هذه الثغرة واستخدامها لتنفيذ وعده بإيقاف الحرب، لكن حسن منيمنة يقول إن هذه المساعدات “ليست العنصر الأساسي” في سياسة ترامب حيال الملف الأوكراني لكنها قد تشكل ورقة هي الأخرى. (الحرة)