ظاهرة “الزواج قبل الولادة” تنتشر بقوة في النيجر وهي اتفاق الأسر على تزويج أبنائها لدعم الروابط الأسرية والحفاظ على المصالح فيما بينها، وتحظى الظاهرة باحترام كبير في مجتمع يسجل فيه الزواج المبكر في أوساط الفتيات وحتى الفتيان أرقاما مرتفعة، ما يجعل الإذعان لرغبة الأبوين والقبول باختيارهما لشريك أو شريكة الحياة منذ الصغر أمرا مقبولا إلى حد كبير.
وينشأ الشابان اللذان اختار والداهما تزويجهما على علم بالحكاية، وسواء كانا جارين أو رفيقين بالمدرسة أو من عائلة واحدة أو أن صداقة قديمة جمعت والديهما، فإنهما يحترمان هذه الرغبة في أغلب الأحيان ويرتبطان احتراما لها وحرصا على نيل مباركة العائلة ورضا الوالدين.
ثلث الفتيات يتزوجن قبل 18 عاما
يرى علماء الاجتماع أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية تتحكم بشكل كبير في ترتيب الزيجات قبل ولادة الأطفال، في هذا الصدد يقول موسى أحمد، وهو باحث اجتماعي من النيجر، إن الأسر التقليدية توارثت عادات أصيلة هدفها الحفاظ على شرف الأسرة وتزويج الشباب في سن مبكرة واختيار ما يناسبهم منذ وقت مبكر جدًا”.
وأضاف في حديثه لـ “العربية” أن “التقاليد تشجع على ذلك حماية للفتاة وحتى تظل في حماية رجل وضمن نطاق الزواج.. كما أن العامل الاقتصادي المتمثل في رغبة الأسرة في إيجاد معيل للفتاة يشكل بدوره عاملا مساعدا في الإقبال على تزويج الفتيات مبكرا والموافقة على خطبتهن وهن صغيرات جدا”.
واعتبر الباحث أن تعزيز الروابط بين العائلات والأصدقاء المقربين هو الغاية الأساسية من الاتفاق على تزويج الأبناء في سن صغيرة، موضحا أن “ما يشجع على انتشار هذه العادة هو الزواج المبكر الذي يسجل أرقاما مرتفعة في النيجر”.
ويؤكد الباحث أن الزواج المبكر يتسبب في انتشار ظواهر اجتماعية يحتاج النيجر للتخلص منها مثل الفقر المدقع وعدم المساواة، ويدعو السلطات إلى الإسراع باعتماد قانون يرفع سن الزواج من 15 عاما إلى 18 على الأقل.
وتتمتع النيجر بمعدل خصوبة يعد الأعلى في العالم بمتوسط 7.6 طفل لكل امرأة، ما يؤكد انتشار ظاهرة الزواج المبكر، فقد أكدت عدة دراسات أن النيجر لديها أعلى معدل لزواج الأطفال في العالم.
ووفق إحدى الدراسات التي أجراها المعهد الوطني للإحصاء فإن 3 من كل 4 فتيات في النيجر تتزوجن قبل أن يبلغن 18 عامًا، وأن نسبة كبيرة منهن أجبرن على الزواج قبل السن القانونية 15 سنة.(العربية)