ذكر موقع مركز الأبحاث “Atlantic Council” الأميركي أنه “منذ 27 تشرين الثاني، شن تحالف من قوات المعارضة في شمال غرب سوريا، بقيادة هيئة تحرير الشام، هجومًا ضد معاقل تابعة للسلطات السورية والفصائل الإيرانية المتحالفة مع الرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة. وفي 29 تشرين الثاني، استولت قوات المعارضة على حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا. ومن ثم، في 5 كانون الأول، دخلت الفصائل المسلحة حماة، رابع أكبر مدينة في سوريا، بعدما أعلن الجيش العربي السوري انسحابه من المدينة إلى ضواحيها. وهذا هو أول هجوم كبير للمعارضة منذ وقف إطلاق النار في إدلب عام 2020 بين روسيا وتركيا، ويمثل التحول الأكثر أهمية في ميزان القوى في حرب سوريا منذ التدخل العسكري الروسي في الصراع قبل ما يقرب من عقد من الزمان. ويعد الاستيلاء على حماة انتصارًا استراتيجيًا مهمًا للمسلحين، لكن دمشق تظل الجائزة الأكبر”.
وبحسب الموقع، “كانت عملية المتمردين، التي أطلق عليها اسم “ردع العدوان”، ردًا على زيادة قصف المناطق المدنية من قبل القوات الحكومية منذ اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020. ومع السيطرة على المرتفعات الاستراتيجية المحيطة بشمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المتمردين، استخدمت السلطات السورية ووكلاء إيران المدفعية والصواريخ والطائرات من دون طيار لمهاجمة البنية التحتية المدنية في كل أنحاء محافظة إدلب. يُعزى نجاح الفصائل المسلحة حتى الآن إلى عوامل خارجية، مثل انخفاض الدعم الإيراني و”حزب الله” للحكومة السورية، وإلى التنسيق الداخلي بين قوات المعارضة في إدلب وحلب المجاورة. ومع تقدم المسلحين في محافظة حماة، تتغير ديناميكيات القوة بشكل كبير لصالحهم. ويشير انهيار الدفاعات الحكومية إلى فشل تكتيكي وفوضى استراتيجية أوسع نطاقاً داخل نطام الأسد”.
أهمية حلب
وتابع الموقع: “إن الاستيلاء على حلب يعد إنجازاً كبيراً حققه المسلحون، ولكن تأمين حماة يكتسب أهمية سياسية واستراتيجية خاصة. فحماة هي المدينة التي انطلقت منها الانتفاضة السورية المبكرة في الستينيات والسبعينيات، وفي عام 1982، تعرضت لحملة عسكرية وحشية، قُتل خلالها عشرات الآلاف من سكانها ونزحوا. كما لعبت حماة دوراً بارزاً في انتفاضة عام 2011 كموقع للاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق. كما تتمتع حماة بموقع استراتيجي في وسط سوريا بين المدن الكبرى، مما يجعلها نقطة حاسمة للسيطرة على خطوط الإمداد وطرق النقل عبر البلاد. وتستضيف المحافظة قاعدة جوية عسكرية مهمة يستخدمها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، بما في ذلك القوات الروسية. وكانت القاعدة الجوية بالغة الأهمية لإطلاق الغارات الجوية والاستطلاع والعمليات اللوجستية طوال الصراع. كما تضم المدينة والمناطق المحيطة بها العديد من الثكنات العسكرية ومواقع المدفعية، مما يجعلها مركزًا عملياتيًا حيويًا. وفي المجمل، فإن تقدم الفصائل المسلحة في حماة وحولها من شأنه أن يضعف بشكل خطير قدرة الأسد على مواجهة هجمات المسلحين، وعكس خسائره من الأسبوع الماضي، والدفاع عن معاقله المتبقية في وسط سوريا”.
ورأى الموقع أنه “بعد ذلك، من المرجح أن تتقدم قوات المعارضة جنوباً وتدفع باتجاه العاصمة دمشق. ولكن بعد الاستيلاء بنجاح على حلب وحماة، ستواجه الفصائل المسلحة تحديات عسكرية واجتماعية وحكومية أثناء تحركها جنوباً. فسوف يحتاج المسلحون إلى تعزيز مكاسبهم في محافظة حماة، وسوف تكون المنطقة مهمة للحفاظ على النفوذ العسكري والاستراتيجي ضد الأسد، ومن المرجح أن تكون الهدف الأول لأي محاولة من جانب الأسد لعكس مسار هجوم المسلحين. وقد يواجه المسلحون أيضاً تحديات لوجستية وعملياتية، بما في ذلك الحاجة إلى الإمدادات. وتشير المعلومات الاستخباراتية المفتوحة المصدر إلى أنه مع انسحاب الجيش العربي السوري من قواعد عسكرية مختلفة، فإنه يترك ما يكفي من المعدات العسكرية والذخيرة لدعم تقدم الفصائل المسلحة. ومع ذلك، فإن المنطقة التي تم الاستيلاء عليها في محافظة حماة قد تؤدي إلى إرهاق قوات الفصائل المسلحة وتعريضهم لهجمات مضادة”.
عقبات حمص
وبحسب الموقع، “مع توجه المتمردين جنوبا نحو حمص، فسوف يواجهون تحديات جديدة. فحمص هي ثالث أكبر مدينة في سوريا وتعمل كمركز عبور حاسم يربط دمشق بالمحافظات الشمالية والغربية، بما في ذلك معاقل الساحل في اللاذقية وطرطوس، حيث توجد قواعد للجيش الروسي، ويتطلب دخول محافظة حمص المرور عبر مجتمعات علوية كبيرة، يدعم العديد منها الأسد بقوة، وهذا يشكل تحديا للمسلحين في الحصول على الدعم المحلي. وقد أدى عقد من القتال بين الفصائل المتحالفة مع الأسد والمسلحين داخل المحافظة إلى بناء المزيد من التحصينات هناك، وتحتضن حمص أيضًا عدداً كبيرًا من قوات الحكومة السورية، التي تدعمها الفصائل المتحالفة معها ووجود كبير لحزب الله”.
ورأى الموقع أن “الأمر الأكثر أهمية هو أن تقدم المتمردين نحو حمص سوف يختبر الخطوط الحمر التي وضعتها روسيا في سوريا. فحتى الآن، كانت روسيا غائبة عن تقديم الدعم العسكري الجاد لدفاعات الأسد في المناطق التي يخسرها لصالح المسلحين. وفي حين نفذت روسيا بعض الضربات الجوية في إدلب وحلب لمواجهة تقدم المسلحين، فإنها لم تشارك بشكل مباشر في حماة، ويعكس هذا الانضباط الحسابات الاستراتيجية التي تتبناها موسكو لتجنب الإفراط في التوسع. ومع ذلك، يبدو أن روسيا ملتزمة بالحفاظ على حكومة الأسد، ويقال إنها وعدت بتقديم مساعدات عسكرية إضافية لدمشق”.
وختم الموقع: “مع تقدم المسلحين الآن نحو حمص، فسوف يتعين على روسيا أن تقرر أين ترسم الخط الأحمر، سواء كان ذلك بمنع التقدم نحو دمشق أو حماية مركزها البحري والجوي الرئيسي في غرب سوريا”.