وإثر ذلك، نقلت وسائل إعلام روسيّة أنباء تفيد بأن موسكو وفرت اللجوء السياسي للأسد وعائلته، وذلك بقرارٍ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعاش النظام السوري فترات صعبة خلال أيامه الأخيرة، عندما كانت قوات المعارضة على مقربة من مدينة حماة التي تمثل بوابة مهمة للتقدم إلى دمشق، وأجرى اتصالات دولية مكثفة لتفادي نهايته.
استجداء الأسد تركيا
وأكدت مصادر دبلوماسية لموقع الجزيرة نت أن الأسد حاول منذ الأيام الأولى لهجوم قوات المعارضة السورية، استجداء الموقف التركي وإقناع أنقرة بالتدخل والتأثير عليها لوقف الهجوم.
ولجأ الأسد إلى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الذي يمتلك علاقات جيدة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أجرى اتصالاً هاتفياً مع السوداني مطلع كانون الأول الجاري، وأبلغه استعداده لاستئناف المفاوضات مع تركيا.
وبرر للسوداني عدم استجابته لوساطته الأولى التي سعى من خلالها للتقريب بين أنقرة ودمشق بأنه لم يكن يثق بالموقف التركي، وكان لديه شعور بأنه يتم التجهيز لهجوم عسكري من قبل المعارضة في شمال سوريا.
لمس السوداني من خلال الاتصالات مع الجانب التركي عدم رغبة في التدخل، وأن هناك أجواء دولية تشير إلى قرب التخلي عن الأسد، وهنا اضطر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتوجه إلى أنقرة لمحاولة إقناعها بالعمل على العودة إلى خفض التصعيد مجددا في الشمال السوري.
لكن المساعي الإيرانية لم تنجح، وحمّلت أنقرة النظام السوري مسؤولية انفجار الأوضاع لأنه لم يقبل بالانخراط في العملية السياسية.
العمل على جلب الدعم العراقي
ووفقًا لمصادر أمنية مطلعة، فإن النظام السوري اقتنع تمامًا منذ بداية كانون الأول الجاري بأن حزب الله اللبناني لن يتدخل في المواجهات مع قوات المعارضة إلا بشكل محدود، وقرب المناطق الحدودية مع لبنان حال اقتربت إليها المعارضة، وهذا ما دفعه إلى التوجه للعراق ومحاولة إقناعه بمساندته عن طريق إرسال فصائل تابعة للحشد الشعبي من أجل القتال إلى جانبه.
وبحسب المصادر، فإن وزير خارجية النظام السوري بسام الصباغ ناقش مع رئيس الحكومة العراقية فكرة الدعم الرسمي العسكري العراقي للنظام، لكن الجانب العراقي لم يكن منفتحًا على الفكرة، وأكد أن بغداد ترى ضرورة النأي بنفسها عن الصراعات خارج الحدود لتجنب أي تبعات سياسية تترتب عليها أمام المجتمع الدولي.
وفي 7 كانون الأول الجاري، انعقدت الجولة الـ23 من مسار أستانا -التي يبدو أنها ستكون الأخيرة- في العاصمة القطرية الدوحة، بحضور أنقرة وطهران وموسكو، بالإضافة إلى مشاركة قطر والسعودية والأردن والعراق.
وأكدت مصادر مطلعة لموقع الجزيرة نت أن طهران طرحت ضمن الاجتماع فكرة وقف إطلاق النار، وتثبيت خطوط الاشتباك، ثم العمل على إطلاق حوار بين النظام السوري والمعارضة، لكن الجانب التركي نفى إمكانية السيطرة على قوات المعارضة التي اقتربت من دخول دمشق، وهذه القوات لا تقبل إلا إذا تحقق الانتقال السياسي.
وفي الدوحة، ناقشت الأطراف الدولية فكرة الانتقال السياسي، ومسألة تشكيل هيئة حكم انتقالية قد يتم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة، مما جعل إيران مقتنعة تمامًا أن الأمور تسير باتجاه إسقاط بشار الأسد، وهذا ما دفعها لتغيير لهجتها للمرة الأولى واستخدام مصطلح “المعارضة السورية” في إعلامها الرسمي، بالإضافة إلى تصريح وزير الخارجية الإيراني عن انفتاحهم باتجاهها.
وبحسب مصادر على اتصال مع وزارة الخارجية الروسية، فإن موسكو عرضت على الأسد قبل يوم واحد من وصول قوات المعارضة إلى دمشق الحماية له ولعائلته ومغادرة البلاد، بعد إعلانه الموافقة على الحكم الانتقالي، لكن الأخير رفض وأكد قدرته على الاستمرار في المواجهة، لكن الوحدات العسكرية الموجودة في محيط دمشق توقفت عن الاستجابة لأوامر الاستمرار في القتال، خاصة مع شعورها بأن روسيا مؤيدة لرحيل الأسد وإنهاء القتال، والعمل على مرحلة انتقالية جديدة تديرها شخصيات تمثل الأطراف السورية.
ووفقًا لمصادر أمنية في دمشق، فقد كانت مغادرة بشار الأسد على متن الطائرة الصغيرة سرية ومفاجئة، ولم يعلم بها حتى رئيس جهاز الأمن الوطني التابع للنظام اللواء كفاح ملحم. (الجزيرة نت)