بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، التي قال فيها “إن الصومال وإثيوبيا، الجارتين في منطقة القرن الأفريقي المختلفتين بشأن منطقة أرض الصومال الإنفصالية، اتفقتا على إعلان مشترك لحل نزاعهما”، ووصفه الأمر بالمصالحة التاريخية، طُرحت تساؤلات عديدة أبرزها: هل تؤثر هذه المصالحة على مصر؟
قال الخبير العسكري والإستراتيجي المصري والمستشار في كلية القادة والأركان، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، في تصريحات خاصة لـ”العربية”: “في ما يتعلق بالمصالحة الصومالية الإثيوبية التي تمت في أنقرة برعاية تركية أمس، ففي تقديري يبرز بالنسبة لأثيوبيا أنها وقعت على اتفاقية المصالحة لإستشعارها القلق عن ضياع أو طمس مذكرة التفاهم التي وقعتها منذ 3 أشهر تقريبا مع إقليم أرض الصومال والتي تعترف بموجبها بإستقلالية صومالي لاند عن الصومال، مقابل حيازة قطعة من ساحل الأخيرة على البحر الأحمر بطول 20 كيلومتر. فإثيوبيا مما لاشك فيه قد خافت من ضياع هذه الفرصة بعد فوز المعارض العنيف عبدالرحمن محمد عبدالله بانتخابات رئاسة الإقليم على حساب سابقه موسى نيهي عبدي في تشرين الثاني 2024، أي بعد شهرين من الإتفاقية المزعومة”.
وتابع الخبير المصري بالقول: “هذا الأمر غالبا ما سوف ينقض ويفض جميع قرارات موسى بيهي، وفي التقدير على رأسها قطعة ساحل البحر التي يحلم بها آبي أحمد، ومن هنا فإن آبي أحمد المعروف بالاندفاع في سياساته غير محسوبة العواقب، سرعان ما غيّر اتجاه دفته وشرع يبحث عن وسيلة جديدة يصلح بها نتائج قرارته، ولذلك من البديهي أن تكون وجهة نظره الآن هو توقيع إتفاقية سلام فى إطار الاستقرار والتعاون مع الدولة الرسمية الجار، فهي أنسب طريقة للخروج من هذا المأزق الذي أوقع نفسه به”.
وأشار الخبير العسكري المصري إلى أنه بالنسبة لدولة الصومال، فالاتفاقية تصب في صالحها العام بكل الأحوال، والمكتسبات المرجوة منها وأهمها رجوع إثيوبيا عن اعترافها المزعوم بصومالي لاند، الذي لم يعلن حتى الآن، ولكن في غالب التقدير سيحدث من خلال تفاهمات وترتيبات قد تحدث في المستقبل القريب حال نجاح الحفاظ على بنود المصالحة وحيثياتها.
أما بالنسبة لتركيا، فيعتبر الأمر نجاحا لدبلوماسيتها الخارجية وتحديدا في منطقة القرن الإفريقي، فللأتراك أيضا مصالح إستراتيجية في هذه البقعة المتميزة بحساسية جغرافيتها، وبالفعل وكما ورد بوسائل الإعلام فإن أولى هذه المكتسبات لتركيا برزت بموافقة الصومال بإعطاء الأتراك حق البحث والتنقيب عن مصادر الغاز بالبحر الأحمر فى المياه الإقتصادية الصومالية، ووردت أنباء عن تحرك سفينة الأبحاث (كمال عوريج التركية) إلى المنطقة لبدء العمل.
وبالنسبة لمصر فيقول الخبير: “في التقدير أظن هذا الأمر لا يؤثر على وجود قوات مصرية ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصومال المعروفة بإسم (أتميس) ، فهذا أمر مختلف وتشرف عليه الأمم المتحدة بموافقة الدولة الحاضنة للبعثة، والتي يدرك رئيسها حسن شيخ محمود أهمية وجود الدور المصري الفاعل ضمن البعثة، تماما كإدراكه لسياسات إثيوبيا المتلعثمة وسرعة اندفاع مسؤوليها في قراراتهم الإستراتيجية”. (العربية)