كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في مقابلة مع القائد العسكري الأعلى لـ”هيئة تحرير الشام” في سوريا، أن “المسلحين السوريين بدأوا التخطيط للهجوم العسكري الذي أطاح بنظام الأسد قبل عام، في عملية شديدة الانضباط، تم خلالها نشر وحدة جديدة من الطائرات من دون طيار، والتنسيق الوثيق بين جماعات المعارضة في جميع أنحاء البلاد”.
وفي أول مقابلة له مع وسائل إعلام أجنبية منذ سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، تحدث أبو حسن الحموي، رئيس الجناح العسكري لـ”هيئة تحرير الشام”، عن كيفية تواصل مجموعته، التي كان مقرها في شمال غربي البلاد، مع المسلحين في الجنوب لإنشاء غرفة حرب موحدة بهدف تطويق دمشق من كلا الاتجاهين.
مجموعة أبو حسن الحموي في هيئة تحرير الشام نسقت بين الثوار لإنشاء جهد حربي موحد شمل وحدة طائرات دون طيار متخصصة.
قوة قتالية منضبطة
وقال الحموي: “بعد الحملة في آب 2019، التي خسرنا فيها أراضي كبيرة، أدركت جميع الفصائل الثورية الخطر الحرج، إذ كانت المشكلة الأساسية هي غياب القيادة الموحدة والسيطرة على المعركة”.
وأضاف أن “هيئة تحرير الشام عملت على تحويل المقاتلين القادمين من جماعات معارضة وجهادية متفرقة وغير منظمة إلى قوة قتالية منضبطة”.
وأضاف الحموي، 40 عامًا، الذي أشرف على الجناح العسكري لمدة 5 سنوات، أن “الفشل في توحيد القيادة كان السبب الرئيسي وراء هزيمة الفصائل في معركة آب 2019، التي خسروا فيها أراضي مهمة، وتنظيم القوات وتطوير عقيدة عسكرية شاملة كانا أمرين ضروريين لتحقيق النجاح”.
وقالت الصحيفة إن النظام السوري شن عملية ضد قوات المعارضة في شمال غربي سوريا في عام 2019، ونجح في دفع الفصائل المرتبطة إلى محافظة إدلب، بعد معركة نهائية تفاوضت بعدها تركيا على وقف إطلاق النار نيابة عن قوات المعارضة في ربيع عام 2020.
وأضافت أن “هيئة تحرير الشام أدركت أنها بحاجة إلى غرس روح التنظيم والضبط في التحالف المختلط من الفصائل المعارضة التي تم دفعها إلى إدلب، إذا كانت تأمل في هزيمة النظام، وعرضت على مجموعات أخرى الاندماج تحت رعايتها، وعندما رفضت، أخضعتها”.
وتحدث الحموي عن إنشاء وحدة طائرات دون طيار، قائلاً: “وحدنا معرفتهم وحددنا أهدافًا واضحة. كنا بحاجة إلى طائرات استطلاع وطائرات هجومية وطائرات انتحارية، مع التركيز على المدى والقدرة على التحمل”.
وبدأ إنتاج الطائرات دون طيار في عام 2019، وأصبحت واحدة من أسلحته الرئيسية في مواجهة القوات الجوية للنظام المدعومة بروسيا و.
وأشار الحموي إلى أن هيئة تحرير الشام واجهت تحديات كبيرة في مواجهة دعم النظام الجوي، بالإضافة إلى الصعوبات الناتجة عن الموارد المحدودة، ما دفعهم إلى الاعتماد على الأسلحة الذكية المبتكرة مثل الطائرات دون طيار.
وقال: “بعد أن تفوق علينا نظام الأسد، الذي كان يملك قوة جوية ودعمًا من روسيا وإيران، أدركنا أننا بحاجة إلى الإبداع لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المحدودة”.
كذلك، أوضح الحموي أن هيئة تحرير الشام ركزت على تدريب المقاتلين وتطوير عقيدة عسكرية منضبطة، إذ تم إنشاء فروع عسكرية ووحدات أمنية إلى جانب جهود إنتاج الأسلحة الخاصة.
العمل تحت الأرض
وفي سياق العمليات التي قادتها الهيئة، ذكر الحموي أنهم بدأوا بـ”تقديم المشورة للثوار في الجنوب حول كيفية تأسيس غرفة عمليات موحدة. كان جنوبي سوريا تحت سيطرة النظام منذ عام 2018″.
وتحت إشراف “تحرير الشام”، أُسست غرفة عمليات جمعت قادة نحو 25 مجموعة من مسلحي الفصائل في الجنوب، حيث عملوا معاً بشكل منظم، ونسقوا تحركاتهم لمواجهة قوات النظام بشكل متماسك. وكان الهدف النهائي هو دمج الجبهتين الشمالية والجنوبية للوصول إلى دمشق.
الانشغال الدولي
وفي أواخر تشرين الثاني، قررت المجموعة أن الوقت قد حان لشن العملية، إذ استفادت من الانشغال الدولي بحروب أخرى مثل أوكرانيا، وانشغال إيران وحزب الله بالقتال مع إسرائيل.
وقال الحموي: “كانت لدينا قناعة، مدعومة بسوابق تاريخية، بأن دمشق لا يمكن أن تسقط حتى تسقط حلب”.
وبدخول حلب في 29 تشرين الثاني، تمكنوا من الاستيلاء على المدينة بسهولة، وسرعان ما تلاه استيلاء على حماة ثم حمص، ما أثار انهيار النظام.
وبعد هذه النجاحات، فر بشار الأسد من البلاد في 8 كانون الأول، ما مهد الطريق لتشكيل حكومة جديدة في شمال غربي سوريا تحت إشراف هيئة تحرير الشام.
واختتم الحموي حديثه بالقول: “بناء دولة جديدة ليس بالمهمة السهلة، ونحن ملتزمون بضمان حقوق الجميع، بما في ذلك الأقليات، دون فرض عقيدة معينة”. (إرم نيوز)