رأى خبراء في شؤون الجماعات الدينية أن ارتداء قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع، الملقب بأبي محمد الجولاني، ملابس مدنية وخلعه الزي العسكري، يأتي في إطار تقديم نفسه للغرب كمرشح محتمل لرئاسة سوريا مستقبلًا، وهو الأمر الذي يرتبط بشكل رئيس برفع اسمه من قوائم الإرهاب الدولي.
وأوضح الخبراء، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، أن فريقاً ماهراً يحيط بالجولاني يعمل على تأهيله ليكون مقبولاً لدى الغرب، عبر تغيير مظهره وتلطيف لغة خطابه المتشدد، ليظهر بمظهر منفتح وقابل للآخر.
كذلك، يسعى الشرع إلى تقديم صورة مغايرة، بعيداً عن الفاشية الدينية أو الديكتاتورية العسكرية، وذلك من خلال خلع الزي العسكري في أثناء مخاطبته المدنيين، بهدف إيصال رسائل مباشرة للغرب بأنه يمكن أن يكون قائداً سياسياً مدنياً.
وجاء ذلك بعد أن ظهر الجولاني مؤخراً مرتدياً زياً مدنياً خلال دعوته السوريين للاحتفال بـ”جمعة النصر”.
خطاب للغرب
تقول الباحثة في العلاقات الدولية، رضوى سلامة، إن الجولاني يوجه خطاباً مركزاً إلى الغرب عبر مشاهد مقصودة، مثل خلع الزي العسكري في أثناء مخاطبة المواطنين، وتضيف: “هذه الخطوة توحي بأنه لن يكون ديكتاتوراً عسكرياً يحكم بالقوة، ولا يمثل نموذجاً للفاشية الدينية، بل يظهر كسياسي مدني مؤهل للحكم في سوريا”.
وأوضحت سلامة لـ”إرم نيوز” أن هذا الظهور ليس صدفة، بل خطوة محسوبة بعناية من قبل فريقه، الذي يسعى إلى تقديمه كقائد سياسي مقبول داخلياً وخارجياً، وقادر على قيادة عملية سياسية قائمة على أسس ديمقراطية.
وأضافت أن هذه الخطوات تهدف إلى طمأنة الداخل والخارج بأنه ليس امتداداً لأي نظام ديكتاتوري أو ديني متشدد.
توصيل رسائل واضحة
وترى الباحثة أن فريق الجولاني يعمل بشكل دقيق على تحسين صورته، مستفيداً من تراكمات ظهوره العلني، حيث يحاول استغلال لغة الجسد والمظهر لتوصيل رسائل واضحة، وتضيف: “من خلال تخليه عن المظهر العسكري والديني، يطمح إلى التخلص من صفة الإرهابي ليصبح شخصية سياسية مقبولة دولياً، ساعياً للحصول على دعم أوروبي وأميركي لتحقيق طموحه السياسي في سوريا”.
من جانبه، يؤكد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة، مصطفى أمين، أن خلع الجولاني للزي العسكري خلال مخاطبته الجمهور السوري يندرج ضمن خطة تقديم نفسه كمرشح سياسي مع انتهاء المرحلة الانتقالية وبناء دولة المؤسسات في سوريا.
وفي حديثه عبر “إرم نيوز”، قال أمين إن الجولاني بات يتحكم في كثير من الأمور داخل سوريا، حيث أسند تشكيل الحكومة الحالية إلى أحد المقربين منه، محمد البشير، وجمد الدستور والبرلمان، إلى جانب اتخاذ إجراءات أخرى ترسخ نفوذه.
براعة في التغير وفقا للظروف
وأشار أمين إلى أن الجولاني يُظهر براعة في تغيير مظهره وخطابه وفقاً للظروف؛ إذ كان ظهوره الأول بالزي العسكري وسط مقاتليه لتعزيز الروح المعنوية والسيطرة عليهم، أما الآن، فقد انتقل إلى الزي المدني ليقدم نفسه كقائد سياسي قادر على إدارة الدولة.
واستكمل أمين حديثه قائلاً إن خطابات الجولاني ستستمر في التباين لتلبية مصالحه؛ إذ سيخاطب مؤيديه بخطاب مختلف تماماً عن ذلك الموجه للشعب السوري، وأضاف: “هذه الخطابات ستتسم برسائل طمأنة تهدف إلى تعزيز صورته كرجل دولة؛ ما يخدم طموحاته السياسية في المستقبل”. (إرم نيوز)