حضر مسيحيون سوريون قداساً عشية عيد الميلاد، الثلاثاء، للمرة الأولى منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد الشهر الحالي، بعد اندلاع احتجاجات على حرق شجرة عيد الميلاد في محافظة حماة.
وأقيم القداس وسط إجراءات أمنية مشددة بسبب مخاوف من أعمال عنف تستهدف المواقع المسيحية، ووسط اصطفاف شاحنات خفيفة تابعة لجماعة هيئة تحرير الشام حول الكنيسة.
وامتلأت مقاعد كنيسة سيدة دمشق في العاصمة السورية بحاضرين من الشباب والكبار يحملون الشموع، وينشدون الترانيم التي ترددت أصداؤها في أنحاء الكنيسة.
وأظهر مقطع مصور نُشر في منصات التواصل الاجتماعي، شجرة مشتعلة في الساحة الرئيسية في السقيلبية، وهي بلدة ذات أغلبية مسيحية في محافظة حماة.
وقالت هيئة تحرير الشام، الفصيل الإسلامي الرئيسي الذي قاد الانتفاضة التي أدت لسقوط حكم الأسد، إن مقاتلين أجانب اعتقلوا على خلفية الحادث.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المقاتلين الذين أحرقوا الشجرة أجانب، وينتمون إلى فصيل أنصار التوحيد الجهادي.
وتواجه الهيئة تحدياً كبيراً يتمثل بوجود العديد من المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى صفوفها أو صفوف الفصائل الإسلامية والجهادية خلال النزاع بعد عام 2001، ومعظمهم من آسيا الوسطى، وفق وكالة فرانس برس.
وفي مقطع مصور آخر انتشر أيضاً في منصات التواصل، يظهر رجل دين يمثل هيئة تحرير الشام التي تمسك بالسلطة الآن في سوريا، مخاطباً سكان المنطقة بالقول إن مرتكبي هذا العمل “ليسوا سوريين” ومتعهداً بمعاقبتهم.
ورفع الرجل صليباً في إظهار للتضامن، وهو أمر لا يفعله المحافظون الإسلاميون عادة.
وأكد إلى جانب رجال دين مسيحيين ووسط ترديد شعارات مسيحية من قبل سكان المنطقة، أن الشجرة سيتم ترميمها وإنارتها بحلول صباح الثلاثاء.
قبل ساعات من بدء القداس، تجمع مئات المتظاهرين في دمشق للتنديد بواقعة حرق شجرة عيد الميلاد في ريف حماة الشمالي في غرب وسط سوريا.
وحمل محتجون صلباناً خشبية وهتفوا “نحنا جنودك يا مسيح”، و”بالروح والدم نفديك يا مسيح”، و”الشعب السوري واحد”.
وقال أحد المتظاهرين ويدعى جورج لفرانس برس “نزلنا لأن هناك الكثير من الطائفية والظلم ضد المسيحيين تحت تسمية تصرفات فردية”.
وأضاف جورج: “إما أن نعيش في بلد يحترم مسيحيتنا وبأمان، كما كنا من قبل، أو افتحوا لنا باب اللجوء الكنسي حتى نغادر إلى الخارج”.
وفي 18 كانون الأول، أطلق مسلحون مجهولون النار على كنيسة للروم الأرثوذكس في مدينة حماة، ودخلوا مجمعها وحاولوا تدمير صليب وحطموا شواهد قبور، حسبما ذكرت الكنيسة في بيان.
كان عدد المسيحيين في سوريا يتجاوز المليون قبل اندلاع النزاع عام 2011، ليتراجع مع موجات الهجرة واللجوء تباعاً.
ويقدر الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش أن عدد المسيحيين المتبقين في سوريا اليوم يترواح بين مئتي ألف و300 ألف شخص، وفق فرانس برس.
ووعد ممثلو هيئة تحرير الشام بحماية حقوق وحريات الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، وقال قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع للمسيحيين والمجموعات الأخرى إنهم سيكونون آمنين في سوريا تحت إدارة الهيئة. (بي بي سي)