ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أنه “من المرجح أن تكون التوترات بين إيران والولايات المتحدة واحدة من أولى التحديات الرئيسية في السياسة الخارجية لإدارة دونالد ترامب المقبلة. لقد أدت التحركات الأخيرة لطهران إلى تقريب إيران من تطوير سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد، ولا يزال خطر الحرب بين إسرائيل وإيران مرتفعًا. وعلى الرغم من استمرار انعدام الثقة الخطير بين واشنطن وطهران، فإن الدبلوماسية ممكنة. إذاً، يجب على الرئيس المنتخب ترامب إعادة إشراك إيران والاستفادة من النافذة المحدودة الموجودة حاليًا لنزع فتيل برنامج طهران النووي بطريقة سلمية وتهدئة التوترات مع الجمهورية الإسلامية. إن تفويت هذه الفرصة يهدد بدفع الولايات المتحدة إلى حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي وعد الناخبين بأنه سيتجنبه”.
Advertisement
]]>
ورأت الصحيفة أن “إدارة ترامب الأولى تقدم دروسًا مفيدة للإدارة الثانية. فبعد إلغاء خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، سن ترامب سياسة “الضغط الأقصى” بهدف عزل الجمهورية الإسلامية اقتصاديًا ودبلوماسيًا، وفرض أكبر عقوبات أميركية على إيران حتى الآن كما وزاد من الضغوط العسكرية على طهران، فاغتال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، قاسم سليماني، في عام 2020. كما اتخذت إسرائيل إجراءات عندما اغتالت العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده بالقرب من طهران في عام 2020 ونفذت عملية تخريب ضد منشأة التخصيب الرئيسية الإيرانية في نطنز في عام 2021. وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة”.
وبحسب الصحيفة، “في نهاية المطاف، فشلت سياسة الضغط الأقصى التي انتهجها ترامب في الحد من البرنامج النووي لطهران والحد من سلوكها الخبيث في الداخل أو الخارج، كما ساعدت في تمكين المتشددين داخل إيران. لقد زادت إيران بشكل حاد من مخزونها من اليورانيوم الذي يقترب من الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة، وهو ما يكفي لتطوير وقود كاف لعدة قنابل نووية إذا تحركت طهران نحو التسلح. وتشير التقديرات إلى أن الوقت اللازم لإيران لإنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام لن يتجاوز بضعة أسابيع، رغم أن الأمر قد يستغرق من طهران عدة أشهر إلى عام لإنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني، هناك إشارات متضاربة من ترامب ومستشاريه. فمن ناحية، هناك تقارير تفيد بأن الرئيس المنتخب يرغب في تجديد حملته “للضغط الأقصى” ضد إيران، بل إنه يفكر حتى في شن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية. ومن ناحية أخرى، هناك إشارات تفيد بأن الرئيس السابق يستمتع باحتمالات التوصل إلى اتفاق مع طهران”.
وتابعت الصحيفة، “حذر ترامب من الجهود الأميركية الرامية إلى تغيير النظام في طهران، وبعد أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية، التقى إيلون ماسك، وهو أحد المقربين من الرئيس المنتخب، بسفير إيران لدى الأمم المتحدة لمناقشة تخفيف التوترات بين طهران وواشنطن. ومؤخرا، زعم مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط، مسعد بولس، أن ترامب مستعد لإجراء “مفاوضات جادة” مع إيران. من جانبها، استخدمت طهران مؤخراً نبرة أكثر تصالحية،وإن كانت حذرة، في عهد الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، الذي انتُخِب على أساس وعود بمعالجة الأزمة الاقتصادية الإيرانية من خلال التعامل مع الغرب. وفي تشرين الثاني، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الحكومي إن طهران مستعدة لاستئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي، لكنه حذر من أن النافذة المتاحة لمثل هذه المحادثات محدودة”.
وأضافت الصحيفة، “وفي آب، زعم آية الله خامنئي أنه “لا يوجد عائق” أمام المفاوضات مع واشنطن، في حين حذر أيضاً من الثقة في الولايات المتحدة. ولكن مع تدهور العناصر التقليدية لاستراتيجية الدفاع الإيرانية، فقد تنظر إيران إلى التحول إلى الأسلحة النووية باعتباره أفضل فرصة لها لتحقيق الأمن. ولكن هذه النافذة للمفاوضات قد لا تظل مفتوحة لفترة طويلة، فهناك عقبتان رئيسيتان تعترضان المفاوضات من الجانب الأميركي. أولا، إن عقودا من الجمود السياسي تدفع واشنطن نحو المواجهة مع إيران. وهذا متجذر في سوء فهم أساسي للتهديد الذي تشكله إيران للمصالح الأميركية. وقد تم تضخيم هذا التهديد بشكل كبير داخل واشنطن.إن تصوير إيران على أنها قادرة على الهيمنة على الشرق الأوسط يعادل القيام بدعاية الجمهورية الإسلامية نيابة عنها. أما العقبة الثانية التي تعترض المفاوضات فتنبع من اعتراضات إسرائيل والتصعيد المستمر في الشرق الأوسط. ففي الأشهر الأربعة عشر التي مرت منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل والحروب التي شنتها إسرائيل لاحقا في غزة ولبنان، شهد الشرق الأوسط موجة من التصعيد امتدت إلى مختلف أنحاء المنطقة. ومن المرجح أن يواجه أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران معارضة شرسة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رحب منذ فترة طويلة بالتصعيد مع طهران”.
ورأت الصحيفة أن “البديل المحتمل للدبلوماسية هو الحرب بين الولايات المتحدة وإيران، والتي ستكون كارثية للاستقرار الإقليمي والمصالح الأميركية، كما وسيكون لها التأثير المعاكس المقصود في طهران. فالضربات الوقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية تخاطر بتحفيز طهران بشكل أكبر على الاندفاع نحو القنبلة. إن الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرات الصواريخ الباليستية من شأنها أن تفرض تكاليف مالية وبشرية كبيرة على الجيش الأميركي. إن القوات الأميركية المنتشرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط سوف تكون هدفاً سهلاً لهجمات انتقامية من جانب إيران أو شركائها الإقليميين. وفي غياب مسار واضح للنصر أو رؤية واضحة لكيفية انتهاء مثل هذا الصراع الطويل الأمد، فإن واشنطن سوف تلقي بنفسها في الهاوية”.
وختمت الصحيفة، “عندما يتعلق الأمر بإيران، فإن الخيار الأفضل أمام ترامب هو الدبلوماسية، وينبغي له أن يعمل على نزع فتيل التوترات مع طهران، وهي الخطوة الأولى الضرورية نحو فك الارتباط الأميركي الضروري بالشرق الأوسط”.