ذكر موقع “First Post” الأميركي، “من كان ليتصور في بداية عام 2024 أنه بحلول الوقت الذي يصبح فيه العام جاهزًا للانتقال إلى التاريخ، ستجد إيران التي كانت تخوض معركة بالوكالة ناجحة ضد إسرائيل في غزة نفسها وحيدة وضعيفة وغير واثقة من نفسها، بعد أن تعرضت لضربات متكررة طوال العام. وخلاله، تم تفكيك “محور المقاومة” الإيراني من خلال حملة عسكرية مطولة وحازمة للغاية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. ونتيجة لهذا، تمكنت إسرائيل من القضاء على القدرات العسكرية لحماس في غزة بشكل كامل، كما قضت على حزب الله في الشمال وغزت الضفة الغربية ومرتفعات الجولان، مما أدى إلى القضاء على أي فرصة لتكرار هجوم السابع من تشرين الأول على إسرائيل. وعلى طول الطريق، ربما كان الانهيار الدرامي للنظام السوري نحو نهاية العام هو المسمار الأخير في نعش إيران، حيث انكسرت الصلة الحيوية بين إيران ووكلائها بسقوط نظام الأسد في سوريا، ولم يبق أمامها أي طريق مباشر لتقديم الدعم العسكري والمادي للفصائل التي تقاتل ضد إسرائيل في الحرب الجارية في غزة”.
وبحسب الموقع، “في حين اندلعت الحرب في غزة في تشرين الأول من العام الماضي، فإن الأحداث التي بدأت في الثلاثين من تموز، والتي جاءت في الغالب في شكل اغتيالات مستهدفة، أحدثت أقصى قدر من التأثير وخلفت أثراً لا رجعة فيه على المنطقة. ففي غضون أشهر، انهار كل ما استثمرته إيران سياسياً وعسكرياً. فبعد أن تم القضاء على حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي، أصبح التهديد الوحيد الذي قد يهدد توطيد هذه الفصائل وإعادة تجميع صفوفها في المستقبل يأتي من طهران، الراعي الرئيسي لها. وبالنسبة لإيران، كانت سوريا هي المحور الأكثر أهمية في كل هذا، نظراً لموقعها الجغرافي المتاخم لإسرائيل ولبنان فضلاً عن علاقاتها الوثيقة بنظام بشار الأسد. وكان انهيار نظام الأسد في الثامن من كانون الأول في غضون عشرة أيام فقط صادماً ودراماتيكياً”.
وتابع الموقع، “لا يعني هذا أن إيران خسرت بشكل كبير في استراتيجيتها الإقليمية فقط، فعلى الصعيد المحلي أيضًا، كان عامًا صعبًا ألقى بتحديات غير مسبوقة على النظام. فقد أدت الوفاة المبكرة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في 19 آيار 2024 إلى حالة من عدم اليقين السياسي في وقت غير مناسب. كما كان انتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا بعد فوزه على سعيد جليلي في جولة الإعادة التي جرت في 5 تموز 2024 مفاجأة، حيث كان من المتوقع أن يفوز متشدد محافظ مثل جليلي ويواصل اتباع النهج المتشدد للرئيس السابق. بالإضافة إلى ذلك، أدت بعض التدابير التي اتخذتها الحكومة إلى احتجاجات حاشدة في الشوارع، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقيود المفروضة على النساء. وعلى الصعيد الاقتصادي أيضًا، تواجه إيران أوقاتًا عصيبة. فقد انخفضت الإيرادات وتدهورت قيمة العملة وقد تفاقم الوضع بسبب التضخم والبطالة والفقر. كما أضافت أزمة الطاقة إلى تفاقم الوضع، حيث أغلقت المكاتب الحكومية والمدارس والبنوك والشركات في المحافظات الكبرى وفي العاصمة طهران أبوابها إلى حد كبير في كانون الأول بسبب نقص الوقود والطاقة”.
وبحسب الموقع، “من الواضح إذن أن إيران لا تستطيع أن تستمر في خوض الحرب في غزة بالطريقة التي خاضتها حتى الآن، لأن مواردها وكذلك روابطها الحيوية أصبحت غير فعّالة. كما أن هذه الحرب مكلفة للغاية، وخاصة في وقت يواجه فيه الاقتصاد رياحاً معاكسة شديدة. وفي مثل هذه الحالة، من الأفضل أن تنفذ إيران انسحاباً تكتيكياً حتى لو بدا الأمر وكأنه قبول للهزيمة في تلك اللحظة، ثم تعيد تقييم الموقف وتجميع صفوفها قبل اتخاذ الخطوة التالية. كما أن التراجع خطوة إلى الوراء يمنحها الوقت لإجراء تحليل مفصل لنقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات والتوصل إلى استراتيجية جديدة للمستقبل. كما يساعد ذلك في الحفاظ على ما تبقى”.