تعد حرائق الغابات من أبرز الكوارث الطبيعية التي تؤثر على البيئة والمجتمع، وفي الآونة الأخيرة، شهدت مدينة لوس أنجلوس حرائق مدمرة تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. تعكس هذه الحرائق التحديات المتزايدة التي تواجهها المناطق الحضرية في ظل التغيرات المناخية، والتي تساهم في زيادة شدة ومدة الحرائق.
وتشير عالمة الحرائق ماريا لوسيا فيريرا باربوسا، من مركز البيئة والهيدرولوجيا بالمملكة المتحدة، في بيان إلى أن فترة الطقس الرطب في عام 2024، التي تلتها فترة جفاف، أوجدت ظروفاً مثالية لانتشار حرائق الغابات.
ويُطلق على هذا الانتقال من الطقس الرطب جداً إلى الجاف جداً مصطلح “تقلبات المناخ المائي”. وأظهرت دراسة حديثة أن خطر هذه التقلبات الهيدرومناخية قد ارتفع عالمياً بنسبة تتراوح بين 31% و66% منذ منتصف القرن العشرين.
كما تأججت شدة الحرائق بسبب عاصفة رياح قوية دفعت النيران التي بدأت في سفوح الجبال إلى الغرب من لوس أنجلوس، وانتشرت بشكل أكبر بسبب النباتات الجافة لتبتلع حي باسيفيك باليساديس بالقرب من سانتا مونيكا.وغالباً ما تكون الرياح نفسها ساخنة وجافة، لذا يمكنها إخراج الرطوبة من النباتات وجعلها جافةً أكثر. هذه الرياح لا تكتفي بتأجيج النيران ودفعها عبر البيئة الطبيعية، بل تحمل معها أيضاً الجمر، المعروف باسم الشظايا النارية، هو السبب الرئيسي لتأثر المباني أثناء حرائق الغابات، وفقاً لما قاله هادن.
وقد نشرت عدة بنوك أمريكية تقريراً حول الخسائر الناجمة عن الحريق، والتي تتراوح بين 20 إلى 60 مليار دولار، وتراجعت أسهم العديد من شركات التأمين بسبب اتساع نطاق الكارثة. فيما تسببت حرائق لوس أنجلوس هذا الأسبوع بقتل 10 أشخاص والاعداد تتزايد مع الوقت، ودمرت أكثر من 10 آلاف مبنى، وهو ما جعلها الكوارث الطبيعية الأكثر تكلفة في تاريخ كاليفورنيا.
من جهته أوضح المعاون في فوج اطفاء بيروت طلال سميسمة لموقع “بيروت نيوز” أنّ “الحرائق عادة تكبر وتمتد من خلال العاصارات خاصة في المناطق المعرضة للكوارث الطبيعية، ولا يمكن السيطرة عليها. وهي لا تشبه الحرائق المحصورة التي يمكن السيطرة عليها، بينما حرائق الاعصارات صعب السيطرة عليها بنسبة 90% وهذا ما يحصل في لوس أنجلوس”.
وتابع: “كل فرق الاطفاء متأهبة ولم تستطع اللحاق، ومهما كانت التقنيات كبيرة لا يمكنها اللحاق بالاعصار. فالاعصار سريع وليس له طريق معين ويتحرك حسب طبيعة المنطقة، لذلك اضطرت فرق الاطفاء محاصرة المنطقة بمواد كيميائية ملونة لحماية مداخل ومخارج المنطقة حتى لا تمتد أكثر”.
وأشار سميسمة إلى أنّ “الشجر في المنطقة عالٍ ويساعد على امتداد الحريق، فيما تعمل كل الاجهزة والطائرات إلى جانب الفرق الموجودة في الداخل على عملية اخماد الحرائق”. وبالنسبة للتقنيات المستخدمة قال أنّ “تقنيات المياه هي الوحيدة التي تعمل على اطفاء هذا النوع من الحرائق، وفي كل الاحوال تشكل الغابات جزءاً كبيراً من المنطقة ما يشكل خطراً أكبر على تمدد هذه الحرائق”.
وختم “اذا تجدد الاعصار وامتد من الممكن أن يشمل الحريق مناطق أخرى، وفي حال انتهى الاعصار ستعمل الفرق على مضاعفة جهودها وعناصرها ليتمكنوا من السيطرة على الحريق. في كاليفورنيا هناك مدرسة للانقاذ ولتقديم الاسعافات الاولية وفرق أخرى تعمل فقط على الاطفاء. وحالياً تم اخلاء المدينة من المواطنين ما عدا المحاصرين داخل البيوت لكن يفضّل خروجهم في وقت قريب، لأنّ بيوتهم مركبة وتمتلك مواد مشتعلة”.