نشر موقع “بلينكس” الإماراتي تقريراً تحت عنوان “تبنٍ أم تجارة؟.. أطفال للبيع بالـAI في مصر”، وجاء فيه:
على إحدى مجموعات “فيسبوك” المغلقة، تظهر صور لأطفال بملامح جميلة، مرفقة بإعلانات تبدو في ظاهرها إنسانية: “هل تبحث عن طفل للتبني؟ لدينا ما تريد!”، لكن خلف هذه الكلمات المعسولة يكمن كابوس حقيقي، إذ تتحول براءة الأطفال إلى سلعة تُباع وتُشترى بمقابل مادي.
هذا ما كشفته رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة بمصر، الدكتورة سحر السنباطي، في 6 كانون الثاني، معلنة رصد مجموعة تحمل اسم “تبنى طفل يتيم”، تعرض الأطفال للتبني مقابل المال. على الفور، أُحيلت القضية إلى مكتب حماية الطفل بمكتب النائب العام للتحقيق، وتم إنقاذ عدد من الأطفال الذين كانوا عرضة لهذه التجارة البشعة.
وتشير الإحصائيات إلى تزايد استغلال “السوشيال ميديا” كوسيلة للاتجار بالبشر، وهو ما أكده صبري عثمان، مدير الإدارة العامة لنجدة الطفل بالمجلس، الذي أوضح لبلينكس أن المجلس أنشأ وحدة رصد متخصصة لمتابعة ما يُنشر عبر الإنترنت، وتتبع الانتهاكات، وتوثيق الأدلة، لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
بيع الأطفال بالـAI.. إعلانات وخداع وابتزاز
أساليب المنظمات الإجرامية على الشبكات الرقمية يفندها لبلينكس، استشاري تكنولوجيا المعلومات محمد الحارثي، إذ يشير إلى أنهم يلجأون بشكل مباشر إلى تسويق معروضاتهم من خلال استهداف فئة معينة لمخاطبتهم تسويقيا، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي AI.
ويقول الحارثي إنّ “المنظمات الإجرامية تستغل خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي بعرض مواد مشابهة لما يبحث عنه المتصفحون، لعرض عشرات الإعلانات غير القانونية بصورة آلية”، مضيفا: “بتلك الطريقة تنجح العصابات المدربة في كثير من الأحيان في استقطاب الراغبين في أي منتج وتسويقه رقميا بسهولة، مستغلين في ذلك الذكاء الاصطناعي الذي بات سلاحا ذا حدين يستخدم لصالح المجرمين وضدهم”.
الرصد المتتالي لعمليات عرض بيع الأطفال أو استغلالهم عبر المنصات الرقمية بيّن أن إعلانات البيع ليست كلها حقيقة، إذ تكون في كثير من الأحيان وهمية، تستهدف الاحتيال بالحصول على المال دون تسليم أي طفل، خاصة أن المجني عليه حينها لن يستطع التقدم بشكوى لمخالفته أيضا للقانون.
لكن هذا لم يمنع وجود حالات تورطت فيها بعض الأسر ببيع أطفالها لأسباب اقتصادية، أو سيدات تخلين عن أطفال غير شرعيين لتجنب المسؤولية، بحسب صبري عثمان، المدير العام للإدارة العامة لنجدة الطفل بالمجلس القومي للأمومة والطفولة.
هل أصبح الأمر ظاهرة؟
يوضح عثمان أن عملية بيع الأطفال في مصر عبر الإنترنت لا تشكل ظاهرة، إذ إنه خلال العام الواحد لا يتم رصد إلا عدد قليل من الحالات، مشيرا إلى أن إعلان هذه الجرائم يستهدف التنبيه إليها وتوعية المواطنين إلى خطورتها، ودعوتهم للحفاظ على أبنائهم.
وتشير الإحصاءات الرسمية المصرية أن معدل الجرائم ضد الأطفال في تزايد مستمر، وكشف تقرير صادر مؤخرا عن مجلس الطفولة والأمومة في مصر عن حصاد عام 2024 أن الإدارة العامة لنجدة الطفل استقبلت خلال العام الماضي 453 ألفا و82 مكالمة هاتفية، وكان من بين الشكاوى استغلال الأطفال عبر الإنترنت، وعمل الأطفال والتسول والإهمال الأسري، وتقديم خدمات الإيواء للأطفال الذين عُثر عليهم، واستخراج الأوراق الثبوتية.
ما هي عقوبة الاتجار بالبشر في مصر؟
يغلط المشرع المصري عقوبة الاتجار في البشر، التي قد تصل إلى السجن المؤبد أو المشدد، كما يعاقب كل من يشارك في الجريمة بأي شكل من أشكالها.
وتولي النيابة العامة والسلطات المصرية اهتماماً بالغاً بقضايا الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال وخطفهم، بحسب ما يؤكد لبلينكس، المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض الأسبق، لافتا إلى أن هذا الاهتمام يرجع إلى أن هذه الجرائم تُصنّف ضمن الجرائم المُخِلّة بأمن المجتمع.
ولذا عدّ المشرع المصري “جريمة بيع الأطفال جريمة اتجار بالبشر”، ويعاقب عليها بالسجن المؤبد وفقا لقانون رقم 64 لسنة 2010. وتتراوح الغرامات ما بين 100 ألف و500 ألف جنيه، خاصة إذا كان المجني عليه طفلا.
كما تشمل العقوبات جميع أطراف الجريمة، من بائع ومشترٍ ووسيط، بدرجات متفاوتة وحسب مستوى مشاركتهم.