يعد “الصندوق الأسود” من أهم الأدلة الجنائية التي تساعد المحققين على إعادة بناء الأحداث التي أدت إلى تحطم الطائرة.
الأول يعرف بـ CVR، وهو جهاز تسجيل الصوت في قمرة القيادة، والذي يسجل الإرساليات اللاسلكية والأصوات في قمرة القيادة، مثل أصوات الطيارين وضوضاء المحرك. أما الثاني فيعرف بـ FDR، وهو جهاز تسجيل بيانات الرحلة، والذي يراقب معلومات أخرى مثل الارتفاع، سرعة الهواء، واتجاه الطيران.
واستعادت السلطات الأميركية الفيدرالية الصناديق السوداء من حطام طائرة الركاب والمروحية العسكرية في نهر بوتوماك في العاصمة واشنطن، وأسفر الحادث عن مقتل 67 شخصًا في أسوأ كارثة طيران في الولايات المتحدة منذ عام 2001.
وكان جهاز تسجيل بيانات الرحلة الذي تم استرجاعه في حالة جيدة، ومن المتوقع أن يتم تحميل معلوماته قريبًا، بينما دخل الماء إلى جهاز تسجيل الصوت في قمرة القيادة، مما سيجعل عملية تحميل البيانات أكثر صعوبة.
ما هو الصندوق الأسود؟
يثبت الجهازان في الجزء الخلفي من الطائرة، بسبب متانة هيكل الطائرة وتصميمه المقاوم للحوادث، وفقًا لموقع المجلس الوطني لسلامة النقل NTSB.
ويزود كل جهاز بمنارة تحديد تحت الماء ULB (جهاز التحديد الطارئ) تُفعّل عند غمرهما في الماء ويمكن أن ترسل إشارات من أعماق تصل إلى 4267 مترًا.
وترسل هذه المنارات إشارة صوتية بتردد 37.5 كيلوهرتز يمكن اكتشافها باستخدام جهاز استقبال خاص.
ورغم أن البطارية التي تغذي المنارة ممكن أن تنفد بعد حوالي شهر واحد، إلا أنه لا يوجد تاريخ انتهاء محدد للبيانات نفسها.
وتستخدم الأجهزة القديمة التقنية التناظرية وتخزين البيانات على شريط مغناطيسي، بينما تستخدم الوحدات الأحدث التكنولوجيا الرقمية وشرائح الذاكرة.
على سبيل المثال، تم العثور على صناديق سوداء لطائرة إير فرانس التي تحطمت في المحيط الأطلسي عام 2009 بعد عامين من الحادث من عمق يزيد عن 3000 متر، وتمكن الفنيون من استرجاع معظم المعلومات.
وبعد وقوع أي حادث، يتم إزالة كلا الجهازين فورًا من موقع الحادث ونقلهما إلى مقر NTSB في العاصمة واشنطن لمعالجتهما.
وباستخدام أجهزة كمبيوتر ومعدات صوتية متطورة، يتم فحص الإلكترونيات والذاكرة، وإجراء الإصلاحات اللازمة، وفحص الشرائح تحت المجهر بغية استخراج المعلومات المخزنة وترجمتها إلى صيغة مفهومة.
إذا تم غمر الصندوق الأسود في مياه البحر، يعمل الفنيون على غمر الجهاز في المياه العذبة لغسل الملح المسبب للتآكل. وإذا تسرب الماء إلى الداخل، يجب تجفيف الجهاز بعناية لساعات أو حتى أيام لتجنب تلف شرائح الذاكرة.
ويستخدم المحقق المسؤول هذه المعلومات كأداة من بين العديد من الأدوات لمساعدة مجلس السلامة في تحديد السبب المحتمل للحادث.
ما الذي يفعله جهاز تسجيل الصوت في قمرة القيادة؟
يسجل هذا الجهاز أصوات أفراد الطاقم، بالإضافة إلى أصوات أخرى داخل قمرة القيادة.
يتم وضع “ميكروفون منطقة قمرة القيادة” للجهاز عادةً في اللوحة العلوية بين الطيارين. تشمل الأصوات التي تهم المحققين ضوضاء المحرك، تحذيرات التوقف، تمدد وانسحاب عجلات الهبوط، وأصوات النقر الأخرى.
من خلال هذه الأصوات، يمكن تحديد معلومات مهمة مثل سرعة دوران المحرك، فشل الأنظمة، السرعة، وقت حدوث بعض الأحداث. كما يتم تسجيل الاتصالات مع برج المراقبة، والإحاطات التلقائية بشأن الطقس عبر الراديو، والمحادثات بين الطيارين وطاقم الأرض أو الطاقم في المقصورة.
عادةً ما يتم تشكيل لجنة تتكون من أعضاء من المجلس الوطني لسلامة النقل (NTSB)، وإدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، ومشغل الطائرة، ومصنع الطائرة، ومصنع المحركات، ونقابة الطيارين للاستماع إلى التسجيل.
وتقوم هذه اللجنة بإنشاء نسخة مكتوبة من تسجيل الصوت في قمرة القيادة ليتم استخدامها خلال التحقيق.
تُستخدم تسجيلات مراقبة الحركة الجوية التابعة لإدارة الطيران الفيدرالية مع الرموز الزمنية المرتبطة بها للمساعدة في تحديد الوقت المحلي لحدث أو أكثر أثناء تسلسل الحادث.
ويتم تطبيق هذه الأوقات على النص المكتوب، مما يوفر وقتًا محليًا لكل حدث في النص.
ويمكن الحصول على توقيت دقيق للأحداث الحرجة باستخدام برامج تحليل الطيف الصوتي.
كذلك، يتم التعامل مع تسجيلات CVR بشكل مختلف عن باقي المعلومات التي يتم الحصول عليها في التحقيق في الحادث.
نظرًا للطبيعة الحساسة للغاية للتواصل اللفظي داخل قمرة القيادة، فقد يطلب الكونغرس من مجلس السلامة عدم نشر أي جزء من التسجيل بسبب هذه الحساسية.
ويمكن نشر النص المكتوب، الذي يحتوي على جميع الأجزاء المهمة من التسجيل، للجمهور خلال جلسة الاستماع العامة لمجلس السلامة. (الحرة)