من التهجير إلى التأجير.. هذه خطط إسرائيل لـسيناء المصرية

21 فبراير 2025
من التهجير إلى التأجير.. هذه خطط إسرائيل لـسيناء المصرية

يوم الخميس الماضي، قدّمت عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، تالي غوتليب اقتراحاً بشأن مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير أهالي قطاع غزة.

 

 
وفي تصريح لها، اقترحت غوتليب أن تستأجر الولايات المتحدة أرضا من مصر لاستيعاب سكان غزة”، مضيفة أن “هذا الحل يعدّ ممتازاً من وجهة نظرها”.

وكان الرئيس الأميركي قد كرر تصريحاته بشأن تهجير أهالي قطاع غزة إلى عدة بلدان عربية، من بينها مصر والأردن، بزعم أن المنطقة لم تعد صالحة للحياة.

ومن جانبه، أكد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، أن “تهجير الفلسطينيين ظلم لن نشارك فيه”، مشددا على أن بلاده لن تتنازل “أبدا وبأي شكل كان”، عن ثوابت موقفها تجاه القضية الفلسطينية القائم على حل الدولتين.

وفي وقت لاحق، أعلنت مصر عن تصورها لإعادة إعمار قطاع غزة، يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وأكدت ضرورة “السعي للتعامل مع مسببات وجذور الصراع، من خلال إنهاء احتلال الأرض الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين”.

 

 

بيجن أول من فتح الباب

 

وفي مقابلة تلفزيونية، صرّح عضو اللجنة القومية لاسترداد طابا، مفيد شهاب، خلال حوار في برنامج “على مسئوليتي” المذاع على قناة “صدى البلد”، بأن إسرائيل عرضت على الرئيس الراحل أنور السادات تأجير أرض سيناء، إلا أنه رفض ذلك بشكل قاطع. وأكد شهاب أن مصر حريصة على تنمية سيناء، وتعزيز استقرارها من خلال تعميرها بالسكان.

وأضاف شهاب أن مصر أكدت رفضها المطلق لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، سواء أكان ذلك قسريّا أو طوعيًا، مشددا على أن الحدود المصرية تُعد خطّا أحمر لا يُسمح بالاقتراب منه أو المساس به.

ولتأكيد حديث عضو اللجنة القومية لاسترداد طابا، صرح اللواء محسن حمدي، رئيس اللجنة العسكرية للإشراف على انسحاب الجيش الإسرائيلي من سيناء، في حوار صحفي، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آنذاك، مناحيم بيجن، طلب تأجير مطارات وقواعد عسكرية ومناطق بترول ومدينة شرم الشيخ لمدة 90 عاماً.

وأكد حمدي أن هذا الطلب قد قوبل بالرفض التام من الجانب المصري، وساند الرئيس الراحل أنور السادات هذا الرفض بقوة، حيث أعرب عن اعتراضه الصريح على هذه المطالب الإسرائيلية.

تأجير أراض زراعية

 

ولم تقتصر خطط التأجير على تهجير الفلسطينيين فقط، ففي عام 2006 رفضت وزارة الزراعة المصرية طلبا من إسرائيل لتأجير أراض صالحة للزراعة في سيناء، لاستخدامها في زراعة محاصيل الخضراوات والفاكهة وتصديرها إلى أوروبا.

وذكرت مصادر في وزارة الزراعة، أن الجانب الإسرائيلي تقدم بمثل هذا الطلب عدة مرات من قبل، ولكن جميع هذه الطلبات قوبلت بالرفض التام.

كما ذكرت مصادر في الوزارة، أن إسرائيل طلبت من ih إرسال 200 مزارع مصري إلى مزارع “نتانيا” الإسرائيلية لزراعة الطماطم بدلا من المزارعين التايلانديين؛ بسبب كون الأجور التي يتقاضاها المصريون أقل من تلك التي يتقاضاها التايلانديون.

“صفقة القرن” تداعب أحلام إسرائيل

 

وبعد نشر ترامب في فترة رئاسته الأولى خطة ما أطلق عليها “صفقة القرن” لحل الصراع في الشرق الأوسط، وفق الرؤية الأمريكية والإسرائيلية، نشرت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية عبر موقعها الإليكتروني، أن مصر ستؤجر لفلسطين الجديدة أراضي لإقامة مطار ومصانع، ولأغراض التجارة والزراعة، دون مناطق للسكن، يتم تحديد حجم هذه المساحات والثمن بين الأطراف بوساطة الدول المانحة، بالإضافة إلى شق طريق سريع بين غزة والضفة الغربية، وإقامة خط لنقل المياه المحلاة تحت الأرض من غزة إلى الضفة الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التفاصيل تأتي ضمن وثيقة يتم تداولها بين موظفي وزارة الخارجية الإسرائيلية، دون أن يكون مصدرها معروفا، أو تكون موقعة بشكل رسمي من أي طرف.

وتضمن الوثيقة بنودا شبيهة بما نشر عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القضية الفلسطينية، مما أثار جدلا كبيرا؛ كونها مفصلة وتصف البنود السرية لـ”صفقة القرن”.

يمكن التوقف عند البند الرابع الخاص بقطاع غزة في الوثيقة، إذ يبدأ النص بـ”تؤجر مصر لفلسطين الجديدة أراضي… دون مناطق للسكن”، مما يعني حدوث عملية استبدال من التوطين وتبادل الأراضي بين مصر وإسرائيل وفق ما أعلن عنه سابقا، إلى استئجار أراض، على أن تقوم الدول المانحة بدفع قيمة الإيجار لمصر.

 

وتشير الوثيقة إلى أن مصطلح “تؤجر” يتقاطع مع ما قاله المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات في 20 نيسان 2019، بشأن عدم تضمين خطة ترامب للسلام منح أرض من شبه جزيرة سيناء للفلسطينيين.

يأتي مصطلح “تؤجر” كمحاولة استشعار مسبقة أو عملية التفاف على ما قد يحدث من رفض شعبي مصري وفلسطيني قد يعطل صفقة القرن، خاصة إذا ما قيل بأنه تبادل أراض.

وتكتفي الوثيقة بذكر “تؤجر” دون التطرق لمناطق سكن أو توطين، وتضيف أن الاستئجار سيكون من أجل إقامة مطار ومصانع وتجارة وزراعة، دون ذكر قيمة أو مدة الإيجار.

يمكن فهم هذا الإسقاط على أنه استئجار مدى الحياة، مما يعني عمليا تمدد قطاع غزة في سيناء دون ذكر لمن تكون السيادة على هذه الأرض المؤجرة. الأهم أن المخطط إقامته ليس مشروعا زراعيا أو ميناء محددا، بل بنية استراتيجية تتضمن مطارا وميناء ومشاريع اقتصادية ومصانع ومناطق تجارية، لصالح قطاع غزة أو فلسطين الجديدة.

هل ينجح مشروع “ريفيرا الجديدة”؟

 

في نهاية شهر كانون الثاني الماضي، وبعد أيام قليلة من تنصيبه رسميًا، كشف الرئيس الأميركي عن رؤية مثيرة للجدل لمعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، الذي دُمِّر بشكل كبير بعد 15 شهرا من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة.

واقترح ترامب تهجير سكان غزة من أراضيهم، بحجة أن القطاع أصبح مدمرا وغير قابل للحياة، ونقلهم إلى مناطق أكثر ملاءمة في دول عربية مجاورة، وعلى رأسها مصر والأردن. وزعم أن خطته ستلقى ترحيبا من سكان غزة، الذين سيكونون “سعداء للغاية” بمغادرة القطاع المحاصر والمدمَّر، إذا وُفِّرت لهم فرصة مناسبة للانتقال.

وتجاهل ترامب اعتراضات كل من مصر والأردن على هذه الخطة، ملوحا بأنه سيستخدم نفوذه للضغط على الدولتين لقبولها، كما أكد أن الولايات المتحدة لن تتحمل أي تكاليف مالية لتنفيذ الخطة، مشيرا إلى أن التمويل سيأتي من الدول العربية الثرية في المنطقة، التي تمتلك “الكثير من المال”، على حد تعبيره.

وأوضح ترامب أن الفلسطينيين الذين سيغادرون غزة لن يتمكنوا من العودة إليها مرة أخرى، وأن الولايات المتحدة ستستولي على القطاع لتحويله إلى منطقة عقارية فاخرة، أشبه بـ”ريفيرا جديدة” في الشرق الأوسط.

كذلك، أشار إلى أنه لا يمانع إرسال جنود أميركيين إذا لزم الأمر، قبل أن يتراجع عن هذا التصريح ويؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي سيتولى الجانب الأمني المتعلق بتنفيذ الخطة. (عربي21)