كتب الباحث في معهد المشروع الأميركي الدكتور مايكل روبين أن “النظام الإيراني يترنح”، مشيراً إلى أنَّ “الاحتجاجات في الداخل الإيراني ترتفع بوتيرة متزايدة، وتنتشر كالنار في الهشيم في مختلف أنحاء البلاد، فيما حطمت الضربات الإسرائيلية الدقيقة وهم الردع الإيراني”.
وأكمل: “كذلك، تلوح في الأفق مرحلة انتقالية، حيث يلمح المرشد الأعلى علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً علناً إلى فنائه، ويضاف إلى هذا المزيج التدهور السريع لجودة الحياة”، وأضاف: “الريال الإيراني في أدنى مستوياته على الإطلاق، وسيتجاوز قريباً المليون ريال مقابل الدولار الأميركي. ورسمياً، يتجاوز التضخم 35%؛ ولكن بتقدير غير رسمي، قد يكون أعلى من ذلك. مع هذا، فقد حذر أحد خبراء الاقتصاد الإيراني مؤخراً من أن التضخم المفرط قد يكون وشيك الحدوث”.
أضاف روبين في موقع “1945” أنه كما تبني كوريا الشمالية واجهات فارغة لتوليد وهم التقدم، وكما تضع تركمانستان إطارات من الزجاج والمرايا فوق الهياكل السوفيتية المتداعية للقيام بالمثل، يبني النظام الإيراني آثاراً فارغة غير ذات صلة بقوته الصناعية المفترضة، ولكنه يسمح لبنيته الأساسية بالتدهور. إن الحرس الثوري قادر على بناء سدود تجفف نهر زاينده رود في أصفهان، لكن السلطات الإيرانية لا تستطيع إبقاء البلاد مضاءة.
وتابع: “بينما قام النظام ببعض الاستثمارات الرئيسية مثل نظام مترو طهران ومطار الإمام الخميني الدولي بعدما تأخرا عقوداً، يعود تاريخ معظم البنية التحتية الأساسية للبلاد، من الطرق السريعة مروراً بالمصافي وصولاً إلى الشبكة الكهربائية، إلى عهد الشاه”.
وأردف: “تصاعدت أعطال الشبكة الكهربائية هذا الشتاء. ولجأ النظام إلى حرق المازوت، وهو وقود منخفض الجودة وملوث بشدة كان شائعاً في الاتحاد السوفييتي.. فما الذي يتسبب إذاً في الانقطاع المتفشي للتيار الكهربائي في إيران؟. هنا، يلقي المسؤولون الإيرانيون اللوم على العقوبات بينما يشيرون في الوقت نفسه إلى أن القدرات المحلية لإيران تجعلها محصنة. تاريخياً، يشل سوء الإدارة والفساد اقتصاد إيران أكثر بكثير مما تفعله العقوبات، خصوصاً أنه غالباً ما تقوض الثغرات وعدم الإنفاذ تلك العقوبات. كما أدى الجفاف إلى تقويض توليد الطاقة الكهرومائية في إيران”.
وأكمل الكاتب قوله: “قد يفسر تعدين البيتكوين أيضاً الكثير. في 2021، قال وزير الطاقة رضا أردكانيان لصحيفة اعتماد الإصلاحية: تسبب الحر المبكر، وانخفاض توليد الطاقة الكهرومائية، والعملات المشفرة بحدوث مشاكل. كان لدينا عمال تعدين للعملات المشفرة استهلكوا 300 ميغاواط من الكهرباء، لكن دراسات عالمية أظهرت أن أكثر من عشرة في المئة من التوليد الإيراني يذهب إلى تعدين العملات المشفرة”.
وأوضح الكاتب أن القاعدة العامة في الغرب هي أن كل ميغاواط واحد يمكن أن يغذي 1000 منزل، وأضاف: “مع ذلك، تعني كثافة الطاقة في المنازل الأميركية أنها تستهلك أكثر في المتوسط، وبالتالي في السياق الإيراني، قد يعني عجز بمقدار 300 ميغاواط استنزاف كل الطاقة من مدينة إيرانية يبلغ عدد سكانها ما يعادل سكان مدينة بوسطن، مثل يزد أو كرمان”.
وتابع: “يمكن أن يكون الوضع أسوأ، وقد لا يبدو رقم 300 ميغاواط كثيراً في ظاهره، لكن المسؤولين الإيرانيين يقللون بانتظام من الإحصاءات الهامة”.
وأردف: “لقد قال أردكانيان إن تعدين العملات المشفرة يستهلك 10% من توليد الكهرباء في إيران. قد يكون الرقم الحقيقي ضعف ذلك ومن المرجح أنه زاد في السنوات الأربع منذ تعليقات أردكانيان، بخاصة أن التضخم والبطالة ونقص تشغيل الشباب عوامل تجعل الإيرانيين أكثر يأساً”.
وأردف: “قد يساهم الحرس الثوري أيضاً في المشكلة حيث أعطت المجموعة الأولوية منذ فترة طويلة لمصالحها المالية الخاصة على رفاهية إيران. مع هذا، فقد تخشى الأجهزة الأمنية الإيرانية من قيام عامة الناس بإجراء معاملات مشفرة لا يستطيع النظام السيطرة عليها، لكن الحرس يدرك أيضاً إمكانية تمويله للجماعات الإرهابية والوكلاء في جميع أنحاء المنطقة”.
وقال: “إذا كان سكان يزد مضطرين إلى اختبار انقطاع التيار الكهربائي في منتصف الصيف وسط حرارة تبلغ 43 درجة مئوية حتى يتمكن الحوثيون من الحصول على صواريخ أو حتى يتمكن جنرال في الحرس الثوري من الإثراء الفردي، فليكن”.
أول ثورة بيتكوين
وأردف: “غالباً ما يتركز الحديث بشأن النظام الإيراني، سواء بين الإيرانيين داخل البلاد أو في الغرب، على عدم شرعية النظام وانتهاكاته لحقوق الإنسان. لقد اندلعت موجة من الغضب بسبب عدد من الشرارات ــ حرية الصحافة (1999)، واتهامات بالتلاعب بنتائج مباريات كرة قدم (2001)، وتزوير الانتخابات (2009)، والاقتصاد (2017-2018)، وإساءة معاملة النساء (2022-2023) ــ وتحولت إلى احتجاجات على مستوى البلاد. وأسقطت مظالم مماثلة أنظمة أخرى”.
وختم: “ربما تكون إيران في طريقها إلى الوقوع ضحية لأول ثورة بيتكوين، ليس لأن أحزاب المعارضة تستخدم العملة المشفرة لتأجيج الاضطرابات، بل بسبب عجز الشبكة الكهربائية الإيرانية عن مواكبة الإيرانيين اليائسين والساعين إلى الهروب من الفقر وعناصر الحرس الثوري غير المبالين بمحنتهم بل المدفوعين بجشعهم الخاص”.