أشارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أنّ وزير المالية الاسرائيلي سموتريتش أوضى جنود الاحتياط بالاستعداد للعودة إلى خدمة أخرى في القريب؛ لأن إسرائيل ستعود للحرب مع حماس في قطاع غزة خلال فترة قصيرة. قبل يوم، في خطاب “لوبي أرض إسرائيل” في الكنيست، غرق وزير المالية في حسابات معقدة، لكنه رآها مشجعة.
وقالت الصحيفة أنّه “في المحادثات التي أجراها مؤخراً مع عائلات المخطوفين، أوضح سموتريتش: “لو كانت الأمور تتعلق به، فلن يسمح بانسحاب الجيش من محور فيلادلفيا، أو الخروج عن المعايير الأمنية في القطاع، أو أي عملية ستفسر إنجازاً لحماس”.
يبدو أن سموتريتش يعيش في عالمه الخاص. حتى الآن، باستثناء منتصف كانون الثاني الماضي عندما لم يتمكن من وقف المرحلة الأولى في صفقة المخطوفين التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب، لم تكن هناك فجوة حقيقية بين موقفه وموقف رئيس الحكومة نتنياهو. ولكن الأمور آخذة في التعقد الآن. عندما تقترح الإدارة الأمريكية مساراً إلى الأمام، مع احتمالية إنهاء الحرب وإعادة الـ 59 مخطوفاً الباقين، الأحياء والأموات، من غزة، فأي جزء من الجمهور وكم من رجال الاحتياط سيبقون مع سموتريتش؟
جميع الاستطلاعات تشير إلى تأييد ثابت، 70 في المئة في الرأي العام، لاستكمال صفقة التبادل حتى لو شملت تقديم تنازلات مؤلمة لحماس. للمرة الأولى، يبدو أن هناك خطراً بأن جزءاً من جنود الاحتياط لن يمتثلوا للخدمة إذا كانت العودة للحرب مختلفاً فيها هذه المرة. وأيضاً، في وحدات كثيرة لم يعد يمتثل مؤخراً إلا نصف الجنود تقريباً، ويحاول الجيش طمس ذلك بطرق مختلفة. الجيش الإسرائيلي ملزم بإعداد الخطوات العملياتية لاحتمالية انهيار المفاوضات وتجدد القتال. هذا ما يفعله حالياً رئيس الأركان إيال زمير، لكن النقاشات السياسية حول سيناريو استئناف الحرب التي يقودها سموتريتش وأمثاله تعبر عن انغلاق جارف إزاء العبء الملقى على جنود الاحتياط والجيش النظامي. الوزراء ببساطة يتجاهلون ذلك، أو يعتقدون أن الحلم المشكوك فيه، العودة إلى “غوش قطيف” وتهجير الفلسطينيين (أهداف اليمين المتطرف الحقيقية للحرب)، ستبرر كل تضحية حتى بالنسبة لمعظم الجنود”.
أكملت:” حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، يتوقع أن يزداد العبء على الجيش النظامي بشكل خاص، على خلفية مطالب الحرب في غزة، والحاجة إلى زيادة الأمن على الحدود لمنع هجوم آخر على شاكلة 7 تشرين الاول، والطلبات الجديدة النابعة من قرار الإبقاء على قوات في أراضي الدول المجاورة؛ في هضبة الجولان وجبل الشيخ السوري وجنوب لبنان. كل هذه الخطط تُرسم من خلال الإدراك بأنه لا نية لدى المستوى السياسي الحالي لإلغاء التسوية السياسية مع الأحزاب الحريدية، التي تضمن استمرار تهرب ناخبيها. حتى لو كان يجد صعوبة في تمرير التشريع المطلوب لذلك إزاء انتقاد الجمهور. الحلول التي يطرحها الجيش مثل تشكيل اللواء الحريدي، لا تساعد. عملياً، لا يوجد في هذه المرحلة تغيير مهم في عدد الحريديم الذين يمتثلون للتجند.
تحاول إسرائيل في هذه الأثناء فهم معنى الخطوة الأميركية الجديدة – ترسيخ قناة مفاوضات خلفية، سرية، مع حماس بواسطة مبعوث ترامب آدم بوهلر، وتصريحات بوهلر المفاجئة في مقابلات مع وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية. يبدو أن الإدارة الأمريكية حاولت أمس القيام بخطوة نحو الخلف عقب غضب في حكومة نتنياهو. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، قال إن محادثات بوهلر مع حماس كانت “حدثاً لمرة واحدة”. وقال نتنياهو والشخص المقرب منه، الوزير رون ديرمر، لوزراء في إسرائيل بأن بوهلر يتسبب بالضرر، وأن ترامب ومبعوثه الكبير ستيف ويتكوف، يتحفظان من الخطوات التي قاما بها”.
وقالت:” على خلفية ما هو معروف عن الطريقة الفوضوية التي تتصرف بها الإدارة الأميركية، التي فيها عدد كبير من الوظائف الكبيرة شاغرة، بغض النظر عن حملة التقليصات التي يقودها الملياردير إيلون ماسك، فلن يكون مفاجئاً إذا كانت هذه هي طبيعة الأمور. بوهلر نفسه يظهر كشخص غريب الأطوار، حتى للإدارة الحالية.
في المقابل، واضح أن الرئيس الأميركي ما زال يأمل بالتوصل إلى صفقة، ومشكوك فيه إذا كان يعتقد أن الطريقة الوحيدة للوصول إليها هي احتلال إسرائيل للقطاع. يواصل ترامب تهديد حماس بأنه سيؤيد عملية إسرائيلية مؤلمة، لكنه لا يقطع الطريق أمام التفاهمات حول صفقة مكملة لإعادة الرهائن الباقين. التهديد العسكري الإسرائيلي كلما كان أكثر إقناعاً يخدمه إذا كان يريد تحقيق الموافقة من حماس. وقال يتكوف أمس إن المطلوب موعد محدد للنهاية لإنهاء المفاوضات حول الصفقة”.
وختمت:” اقتراحات الأميركيين وخطة مصر التي نوقشت في القمة العربية بالقاهرة الأسبوع الماضي، ما زالت تدور حول الحلول نفسها: وقف إطلاق النار، إعادة جميع المخطوفين، انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع (باستثناء سيطرة لم يتم توضيح طابعها في موقع أمني قرب الجدار على الحدود)، وتفاهمات حول إعادة إعمار القطاع. رجال ترامب يطرحون تسويات تشمل تنازلاً من حماس عن صلاحيات مدنية في أيديها داخل القطاع. هذه التسوية قد تشمل أموالاً من الخليج، وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية كما يبدو بدون مشاركة حماس، وحضوراً لقوة عربية في القطاع، ودوراً ما للسلطة الفلسطينية. يظهر نتنياهو معارضة شديدة جداً في المسألة الأخيرة.
وللتوصل إلى هذه الأمور كلها، يهتم الأميركيين بالحفاظ على وقف إطلاق النار وعودة المزيد من المخطوفين، حتى لو امتد هذا لفترة. في هذه الأثناء، ما زال الحديث يدور عن هدف يصعب تحقيقه، رغم تألق مفاجئ للمبعوث بوهلر. ولكن يبدو أن الإدارة لم تتنازل بعد عن هذه الاحتمالية. يقف أمام أنظارها أيضاً مثال ناجح نسبياً لتسوية ما زالت صامدة حتى الآن رغم كل الخروقات والعقبات، وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان”. (القدس العربي)