أزمة جديدة تشهدها إسرائيل في الوقت الراهن عقب إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قراراً بطرح إقالة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار من منصبه.
في المقابل، فإنَّ بار وضع شروطاً لإنهاء خدماته مع تمسكه برفض الاستقالة، واتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالفشل والإخفاق.
وقال بار إنه سيبقى على رأس عمله إلى أن ينجز مهمة إعادة جميع الأسرى، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق مع جميع الأطراف، بما في ذلك السياسية والحكومية ورئيس الوزراء، واعتبرها ضرورة لأمن الجمهور.
وقال بار، في بيان نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، إن “مسؤوليتي الوطنية هي الدافع وراء قراري بالاستمرار في منصبي خلال الفترة القريبة، وذلك نظرًا لاحتمال التصعيد، والتوتر الأمني الشديد، والإمكانية الواقعية لاستئناف القتال في قطاع غزة، حيث يلعب الشاباك دورا محوريا”.
وأوضح أن إقالته ليست بسبب أحداث 7 تشرين الأول 2023، وأن التحقيقات بشأنها كشفت أن سياسات الحكومة خلال العام الماضي لها دور أساسي في الإخفاق، معتبرا أن طلبات نتنياهو بالولاء الشخصي تتناقض مع القانون والمصلحة العامة للدولة.
وقال إن من حق الجمهور معرفة ما الذي أدى إلى انهيار مفهوم الأمن في دولة إسرائيل، وأضاف أن التحقيق كشف عن تجاهل متعمد وطويل الأمد من المستوى السياسي لتحذيرات جهاز الشاباك.
الأزمة التي يشهدها الشاباك تستدعي الإحاطة بتاريخه وتفاصيله.. فماذا تقول المعلومات عنه؟
– الشاباك هو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، وأحد الأقسام الثلاثة لأجهزة الأمن الإسرائيلي العام، تشكّلت نواته الأولى من جهاز الاستخبارات الذي كان تابعا لمنظمة الهاغاناه الصهيونية.
– يلعب جهاز الشاباك دورا بارزا في جمع المعلومات وتصفية واعتقال الفلسطينيين وإحباط عمليات المقاومة الفلسطينية.
– يتألف اسم الشاباك بالعربية اختصارا من اجتماع الأحرف الأولى للاسم العبري “شيروتي بتحون كلالي”، الذي يعني “خدمة الأمن العام” واختصاره بالعبرية “شين بيت”.
– سبق اهتمامُ القائمين على المشروع الصهيوني بالأجهزة الاستخباراتية قيامَ إسرائيل، واضطلعت بهذا الدور منظمات عسكرية صهيونية مثل “الهاغاناه” و”الحارس” في فلسطين منذ مطلع عشرينيات القرن العشرين، ضمن مهام أخرى نفذتها هذه المنظمات وغيرها، مثل جرائم الاغتيالات الإسرائيلية للفلسطينيين ومناهضي المشروع الصهيوني الاستيطاني.
– بعد مضي شهر على إنشاء الجيش الإسرائيلي يوم 30 حزيران 1948، حُل جهاز جمع الاستخبارات التابع لتنظيم “الهاغاناه” وشُكلت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية.
– في هذا السياق، جاء تأسيس 3 أجهزة هي “جهاز الاستخبارات العسكرية والأمن الميداني ومكافحة التجسس”، الذي أصبح لاحقا “جهاز الاستخبارات العسكرية” (أمان)، والثاني الدائرة السياسية التابعة لوزارة الخارجية وتتولى العمليات الاستخبارية في الخارج، وأصبحت لاحقا جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد).
– أما الثالث فهو جهاز المعلومات الداخلية، ومهمته التعامل مع قضايا الأمن الداخلي “وفي طليعتها مكافحة المؤامرات السياسية والإرهاب”، وقد صار لاحقا جهاز الأمن العام (الشاباك).
– أسس ديفيد بن غوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) الشاباك، إذ جمع عددا من أفراد العصابة الصهيونية المسلحة الهاغاناه، التي شنت عديدا من الهجمات ضد الفلسطينيين والمحتلين البريطانيين منذ نهاية ثلاثينيات القرن العشرين.
– كان أول رئيس لجهاز الشاباك هو إيسار هرئيل، وهو مستوطن يهودي من روسيا البيضاء هاجر إلى فلسطين عام 1930، وقد تولى قيادة الجهاز بين عامي 1948 و1963.
– ترسخ وجود جهاز الشاباك في القانون يوم 18 شباط 1949، علما أنه كان مخفيا عن الرأي العام حتى عام 1957.
– رغم أن جهاز الشاباك هو أصغر الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، فإنه أكثرها حضوراً وتأثيراً في صناعة القرار السياسي والعسكري في إسرائيل، ولا تمكن مقارنة تأثيره الطاغي بتأثير أي جهاز أمني آخر.
– يتبع جهاز الشاباك مباشرة لسلطة وأوامر رئيس الوزراء الإسرائيلي، وحُددت مهماته الرسمية تحت عنوان “حماية الدولة من المؤامرات والتآمر الداخلي وحماية أمنها الداخلي”.
– ينتشر جهاز الشاباك في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة ويعمل فيه المئات من ضباط الاستخبارات الميدانيين والمحققين ورجال العمليات والمتنصّتين ومحللي المعلومات الاستخبارية، وخبراء التكنولوجيا الأمنية، إضافة إلى أفراد الإدارة وضباط الأمن والحراس.
– يتكون جهاز الشاباك من عدة مناطق وأقسام لكل منها وظيفة محددة، وهي:
منطقة القدس والضفة الغربية: وهي أكبر منطقة في جهاز الشاباك، وتتخصص في إحباط العمليات الفلسطينية المنطلقة من المناطق المذكورة.
المنطقة الشمالية: وهي مسؤولة عن مكافحة العمليات السرية والتنظيمات المعادية في المنطقة، وقد تسلم الشاباك مسؤولية منطقة لبنان بالتعاون مع جهات استخبارية أخرى خلال الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.
المنطقة الجنوبية: وهي ثاني أكبر منطقة في الشاباك وتقع قيادتها بمدينة عسقلان، وهي مسؤولة عن إحباط العمليات الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة، وتتضمن مسؤولياتها عدة مهام أخرى.
يضم جهاز الشاباك عدة أقسام متخصصة هي:
القسم العربي: وهو أكبر أقسام الشاباك ومهمته اكتشاف خلايا ومنظمات معادية داخل المجتمع العربي (يقصد به فلسطينيو الـ48) في إسرائيل.
قسم مكافحة التجسس ومنع الاختراقات: ويعرف أيضا باسم القسم اليهودي أو القسم غير العربي، وتراجَع حجم هذا القسم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، لأنه كان متخصصا في مكافحة التجسس اليهودي عموما، وخلال الحرب الباردة خصوصاً.
قسم الحماية: ويضم الوحدة الرسمية لحماية الشخصيات والوفود وحماية الشخصيات والمطارات وطائرات الركاب والسفارات الإسرائيلية.
قسم التحقيقات: ومهمته التحقيق مع المعتقلين داخل أقبية التحقيق الخاصة بالجهاز.
القسم التكنولوجي: ومهمته تطوير وسائل تكنولوجية لمكافحة “الإرهاب” وجمع المعلومات. (الجزيرة نت)