ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أنه “في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، شنّت إسرائيل موجةً مفاجئةً من الغارات على قطاع غزة، مستهدفةً البنية التحتية الرئيسية لحماس وقيادتها. ويأتي هذا التصعيد بعد رفض حماس المتكرر إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بموجب الشروط التي اقترحتها إسرائيل وحظيت بدعم وسطاء أميركيين. ورغم المفاوضات المكثفة، بما في ذلك التدخل المباشر من واشنطن، اختارت حماس رفض كل المقترحات المطروحة، مما دفع إسرائيل إلى استئناف العمليات العسكرية الهادفة إلى إضعاف قدرات الحركة”.
وبحسب الصحيفة، “في حين مثّلت الغارات الجوية الإسرائيلية عودةً فوريةً إلى الحرب، فإن انهيار وقف إطلاق النار كان نتيجةً مباشرة لقرارات حماس نفسها. وقد أوضح متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بشكل قاطع: “كان بإمكان حماس تمديد وقف إطلاق النار بالموافقة على إطلاق سراح الرهائن، لكنها اختارت الحرب بدلاً من ذلك”. وفي الأسابيع الأخيرة، بذلت إسرائيل جهودًا دبلوماسية مكثفة لتأمين إطلاق سراح الأسرى في غزة، بمشاركة ممثلين أميركيين رفيعي المستوى ووسطاء إقليميين. إلا أن حماس رفضت المشاركة بحسن نية، رافضةً مرارًا شروطًا كان من شأنها إطالة أمد وقف الأعمال العدائية. في موازاة ذلك، أشارت تقييمات استخباراتية إلى أن حماس تستغل وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفها وتسليح نفسها، وهو تكتيك دأبت الحركة على استخدامه في صراعات سابقة”.
وتابعت الصحيفة، “وفقًا لمسؤولين إسرائيليين، لم تكتفِ حماس برفض كل مقترحات إطلاق سراح الرهائن، بل أصدرت أيضًا تهديدات جديدة ضد قوات الجيش الإسرائيلي والتجمعات السكانية الإسرائيلية القريبة من حدود غزة. ردًا على ذلك، عقد القادة الإسرائيليون، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، مناقشات أمنية عاجلة في وقت متأخر من ليلة الاثنين، مما أدى في النهاية إلى السماح باستئناف العمل العسكري. وبحلول الساعة الثانية صباحًا بالتوقيت المحلي، وردت تقارير من غزة عن غارات جوية إسرائيلية “في كل أنحاء قطاع غزة”. وأكد الجيش الإسرائيلي لاحقًا أن الهجمات استهدفت قادة عسكريين متوسطي المستوى في حماس، وشخصيات قيادية، وبنية تحتية إرهابية. وصُممت الضربات لتعطيل قدرة حماس على تنفيذ الهجمات، وبناء قوتها، وتجديد مخزوناتها من الأسلحة بشكل استباقي. لم يكن هناك أي شك على الإطلاق: لطالما كانت حماس واضحة تمامًا بشأن نيتها تكرار الهجمات الواسعة النطاق قدر الإمكان على إسرائيل”.
وأضافت الصحيفة، “أوضح المسؤولون الإسرائيليون أن الضربات ليست سوى البداية. وصرح مسؤول كبير بأن هذا الهجوم الاستباقي “سيستمر طالما كان ذلك ضروريًا” وسيتجاوز الغارات الجوية. وأصدر كاتس تحذيرًا صارخًا في أعقاب تجدد الأعمال العدائية، مشيرًا إلى أن رفض حماس إطلاق سراح الرهائن ستكون له عواقب وخيمة. وصرح قائلًا: “إذا لم تطلق حماس سراح جميع المختطفين، فستُفتح أبواب الجحيم في غزة”، متعهدًا بأن يواجه مقاتلو حماس “قوى لم يعرفوها من قبل”. وأعرب وزير المالية وعضو مجلس الوزراء الأمني، بتسلئيل سموتريتش، عن هذا الشعور، مشيرًا إلى أن هجوم الجيش الإسرائيلي المتجدد قد تم التخطيط له بدقة على مدار الأسابيع الأخيرة. وقال: “حتى هذه اللحظة، بقينا في الحكومة رغم معارضتنا لصفقة الرهائن”، مؤكدًا التزامه برؤية حماس “مدمرة”. وبقي حزبه في ائتلاف نتنياهو لهذا السبب فقط”.
وبحسب الصحيفة، “على الرغم من أن القتال يتركز الآن في غزة، إلا أن منطقة الشرق الأوسط الأوسع لا تزال متقلبة. خلال عطلة نهاية الأسبوع، شنت الولايات المتحدة موجة هائلة من الغارات الجوية ضد أهداف حوثية في اليمن، مما أسفر عن مقتل العشرات من العناصر المتورطين في هجمات على الشحن الدولي. وخلال الليل، أشارت التقارير إلى أن القوات الأميركية كثفت ضرباتها على صنعاء، مع صور من وسائل الإعلام التي يديرها الحوثيون تُظهر آثار القصف الأميركي على مواقع حكومية وعسكرية رئيسية. كما يتزايد التأثير الاقتصادي لعدم الاستقرار الإقليمي. أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن الاضطرابات في قناة السويس تكلف مصر ما يقدر بنحو 800 مليون دولار شهريًا من الإيرادات المفقودة. في غضون ذلك، كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن بغداد تلقت معلومات استخباراتية تشير إلى أن إسرائيل تدرس القيام بعمليات عسكرية ضد أهداف مرتبطة بإيران في العراق، وهي خطوة قيل إنها تم تجنبها بعد مناقشات مع واشنطن”.
وتابعت الصحيفة، “تشير شدة الضربات الإسرائيلية الليلية، إلى جانب التصريحات الرسمية لكبار القادة الإسرائيليين، إلى أن هذه قد تكون بداية لعملية عسكرية أوسع وأكثر استدامة. وقد عدّلت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي بالفعل إرشاداتها الأمنية، حيث قيدت النشاط في التجمعات السكنية القريبة من حدود غزة في الوقت الذي بدأ فيه البعض محاولة العودة إلى الحياة الطبيعية، وألغت كل الأنشطة التعليمية في المنطقة، وهي إشارة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يتوقعون صراعًا ممتدًا. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، لم تترك أفعال حماس خيارًا سوى استئناف الأعمال العدائية. وقد أجبر رفض الحركة إطلاق سراح الرهائن، واستمرار استعداداتها العسكرية، ورفضها تمديد وقف إطلاق النار، إسرائيل على التحرك. والآن، مع تكثيف العمليات العسكرية، قد تكون غزة على شفا مرحلة حرب أشد وطأة من أي شيء شهدناه حتى الآن”.