هل سيتوصل ترامب إلى اتفاق نووي مع إيران؟

14 أبريل 2025
هل سيتوصل ترامب إلى اتفاق نووي مع إيران؟


ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أن “يوم السبت، التقى دبلوماسيون إيرانيون وأميركيون في عُمان لمناقشة الاتفاق النووي، واتسمت المحادثات بصراع في الأسلوب والمضمون. في الماضي، أتاحت المحادثات في أماكن مثل فيينا للصحافة العالمية مشاهدة مغادرة الوفدين الإيراني والأميركي ووصولهما إلى فنادق مختلفة، أما هذه المرة، فتُجرى المناقشات بعيدًا عن أعين الصحفيين داخل قصور مسقط. وبدأت وزارة الخارجية الإيرانية بالسعي إلى إحكام السيطرة على الخطاب الإعلامي في بداياته، وصرح دبلوماسيون إيرانيون لوسائل الإعلام بأن المحادثات جرت في أجواء إيجابية. وكانت هذه التفاؤلات الإيرانية شائعة خلال مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني بين عامي 2021 و2022 في عهد الرئيس جو بايدن. وقد أطالت هذه التفاؤلات أمد العملية ومكّنت النظام من دعم عملته المتدهورة”.

وبحسب الصحيفة، “من جهة، يقف وزير الخارجية عباس عراقجي في المحادثات الحالية. ومن جهة أخرى، يقف ستيف ويتكوف، الصديق القديم للرئيس دونالد ترامب والمستثمر العقاري النيويوركي الجديد في الملف النووي الإيراني. شارك عراقجي في المحادثات النووية مع الولايات المتحدة على مدار عدة رئاسات، لكنه معتاد على التفاعل مع مجموعة متناوبة من الوجوه المألوفة في الحكومة الأميركية، وتحديدًا مع مسؤولين تدرجوا في المناصب خلال إدارتي باراك أوباما وبايدن. أما ويتكوف، فهو من طبقة مختلفة. فمثل ترامب، ينتمي إلى عالم الأعمال، ويعقد الصفقات من خلال حشد النفوذ واستخدام التهديدات. وكما ورد في إحدى نبذات ويتكوف، “كان يجمع الإيجارات بنفسه، حاملاً سلاحًا، من مستأجريه في برونكس”.”

وتابعت الصحيفة، “قد يكون استخدام ويتكوف المبتكر للدبلوماسية القسرية مفيدًا ضد الجمهورية الإسلامية. فهذه الديناميكية كانت غائبة في جولات المفاوضات السابقة مع الإيرانيين، الذين تعمدوا إطالة أمد المحادثات لتقليص المطالب الأميركية دون خوف من أي عواقب. في المقابل، فرض ترامب مهلة شهرين للمحادثات، وإذا استُخدم هذا الخيار بذكاء، فقد يكون مفيدًا. ولدبلوماسيي آية الله سجل حافل بالتصريحات والفعل الكافي لكسب لقاء آخر، ولكن ليس بما يكفي للتوصل إلى اتفاق دائم. وأفادت وسائل إعلام إيرانية أن ويتكوف أجرى محادثة قصيرة ومباشرة مع عراقجي في ختام المناقشات في عُمان يوم السبت، لكن هذه كانت لفتة إجرائية، وليست تنازلاً جوهرياً”. 

وبحسب الصحيفة، “من حيث الجوهر، هناك تباين بين المطالب الأميركية والإيرانية. فعقيدة ترامب الحالية تجاه إيران تتركز على منح إيران خيارًا: إما تفكيك برنامجها النووي، أو أن تقوم الولايات المتحدة و/أو إسرائيل بتفكيكه نيابةً عن طهران. وفي مقابلات حديثة، أبدى ويتكوف بعض المرونة في تقديم التنازلات، لكن تعليقاته وتعليقات مسؤولي ترامب الآخرين يشير إلى أن إدارة ترامب تسعى إلى اتفاق أقوى من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) التي توصل إليها أوباما عام 2015. وقد وصف الرئيس ترامب خطة العمل الشاملة المشتركة بأنها “أسوأ اتفاق على الإطلاق” في ولايته الأولى. أما طهران فليست مهتمة بتفكيك أسلحتها، بل تسعى إلى استدراج إدارة ترامب إلى اتفاق قائم على خطة العمل الشاملة المشتركة، مع بعض التعديلات الطفيفة. وباستثناء ذلك، ترغب إيران في اتفاق مؤقت يتضمن قيودًا مؤقتة على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات. وقد دعم الرئيس بايدن هذا النوع من الاتفاق في تفاهم دبلوماسي غير رسمي مع الجمهورية الإسلامية عام 2023 للحد من تخصيبها النووي، إلا أن هذا الاتفاق انهار لاحقًا”.

وتابعت الصحيفة، “قد يتحول الترتيب المؤقت بسرعة إلى ترتيب دائم إذا لم تكن الولايات المتحدة حذرة واستنفدت نفوذها. وإذا منعت إيران فرض العقوبات، وتدهورت الظروف المثالية لتوجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني، فلن تُشكل الولايات المتحدة تهديدًا عسكريًا ذا صدقية للبرنامج النووي. فالاستراتيجية الإيرانية تتمحور حول كسب الوقت والبقاء. ويعتقد بعض الإيرانيين أن بإمكانهم إجبار الولايات المتحدة على الموافقة على ترتيب مشابه لخطة العمل الشاملة المشتركة. في ولايته الأولى، كان ترامب منتقدًا لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، وقد اعتبر الإيرانيون الاتفاقية التي حل محلها، وهي اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، “اتفاقية جديدة لا تختلف جوهريًا عن سابقتها”، وفقًا لتعليق نشرته إحدى وسائل الإعلام الإيرانية. وتُقدّم طهران أيضًا حججًا مُصمّمة لجذب غرائز ترامب التجارية، مُسوّقةً فرصًا استثمارية للشركات الأميركية في إيران. ومع أن المواطنين الأميركيين الذين زاروا إيران بعد توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015 قد أُخذوا رهائن لاحقًا، فمن الصعب أخذ هذه الحجج على محمل الجد”. 

وبحسب الصحيفة، “تتحدث مصادر إيرانية أيضًا إلى وسائل إعلام غربية، مُصوِّرةً نفسها على أنها تُخفِّض التصعيد في المنطقة. يَعِد حزب الله بالتحدث مع الحكومة اللبنانية بشأن نزع سلاحه، وتتعهد الفصائل العراقية بالمثل، وتُشير التقارير إلى أن إيران تُخفِّض دعمها للحوثيين. لكن هذه مجرد حيل تكتيكية وتجميلية، ولا ينبغي خلطها بأي تغييرات في استراتيجية إيران الكبرى المتمثلة في إبعاد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط والقضاء على دولة إسرائيل. هذه الأهداف غير قابلة للتفاوض، ومن المهم أن تُدرك الولايات المتحدة حقيقة هذه الدسائس الإيرانية. والحقيقة المُزعجة هي أن معارضة الجمهورية الإسلامية للولايات المتحدة وإسرائيل أيديولوجية، وليست مبنية على سوء فهم أو مفاهيم خاطئة، ولهذا السبب فشلت الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران على مدى أربعة عقود. لقد استخدم النظام الإيراني العمليات الدبلوماسية كسلاح لاستنزاف القوى الكبرى، كالولايات المتحدة، وتحييد حملات الضغط. ولدى إدارة ترامب الآن فرصة لتُظهر للإيرانيين أن الولايات المتحدة لن تُبتز أو تُستنزف”.