وقالت “ذا ماركر” إنه من الصعب رؤية أحداث ألحقت ضرراً اقتصادياً بإسرائيل مثل المواجهة مع البرنامج النووي الإيراني، نظراً للاستثمار الأكبر في التحضيرات للهجوم على إيران في بداية الولاية الثانية لرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، بين 2010 و2012، وفي هذه السنوات تم تخصيص 11 مليار شيكل للتحضير لمثل هذا الهجوم.
ونقلت الصحيفة عن العميد احتياط ساسون حداد، الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي، والذي شغل منصب المستشار العام لرئيس الأركان بين عامي 2014 و2017، أن هذه السنوات شهدت طفرة في الاستثمار، ولكنها لم تكن جهداً لمرة واحدة فقط، ولكن منذ ذلك الحين، ازداد حجم الاستثمار، ولم تُستبعد قضية إيران أبداً من خريطة بناء القوة.
وأشارت “ذا ماركر” إلى أنه تم تقديم أدلة على المبالغ التي استمرت إسرائيل في تخصيصها للتعامل مع إيران في عام 2021 أيضاً، وعندما تحدث وزير المالية آنذاك، أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع آنذاك بيني غانتس، عن الحاجة إلى 5 مليارات شيكل إضافية سنوياً لمدة 5 سنوات، لغرض مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
تقرير لجنة ناجل
وتقول الصحيفة إن آخر مرة تمكن فيها دافع الضرائب الإسرائيلي من رؤية حجم الأموال التي يستثمرها بسبب التهديد الإيراني، بما في ذلك الاستعداد لهجوم من غير المرجح أن يحدث على الإطلاق، كانت مع نشر تقرير لجنة “ناجل” في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مشيرة إلى أن إيران كانت العامل الرئيسي المقدم في التقرير لزيادة ميزانية الدفاع بمقدار 133 مليار شيكل في العقد المقبل، بالإضافة إلى الزيادة البالغة 82 مليار شيكل التي قدمتها وزارة الخزانة بالفعل لوزارة الدفاع، وزيادة قدرها 60 مليار شيكل في انفاق قسم إعادة الإعمار في العقد المقبل.
وذكرت أن الأمر سواء أكان يتعلق بتوصية بشراء المزيد من أسراب الطائرات المقاتلة بقيمة مليارات الدولارات، أو طائرات التزود بالوقود الجديدة التي تكلف ما يقرب من 200 مليون دولار لكل منها، أو تعزيز ميزانية الموساد الإسرائيلي أو استخبارات الجيش الإسرائيلي، فإن المنطق الذي تكرر في تقرير ناجل هو الحاجة إلى التعامل مع إيران.
ابتعاد سيناريو الهجوم
وترى الصحيفة أنه رغم عشرات المليارات التي استثمرتها إسرائيل خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية في الاستعدادات، فإن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية يبدو الآن أكثر بعداً من أي وقت مضى، ونقلت عن مصدر شارك في خطط الهجوم سابقاً: “كانت الفرصة الوحيدة لمهاجمة إيران في فترة ما بعد الظهر، في الفترة الانتقالية بين إدارتي بايدن وترامب، وفي اللحظة التي أعلن فيها ترامب في خطاب تنصيبه أنه (صانع سلام)، ضاعت تلك الفرصة”.
وقالت “ذا ماركر” إن ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يوم الأربعاء الماضي، والذي جاء فيه أن إسرائيل خططت لتنفيذ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، ولكن ترامب ومستشاريه أوقفوها، لا يجب أن يؤخذ على محمل الجد.
تحسين فرص نجاح الهجوم
وذكرت الصحيفة أن الحرب التي خاضها الجانبان خلال العام والنصف الماضيين قد حسنت بالفعل فرص نجاح مثل هذا الهجوم، لقد تعرضت الدفاعات الجوية الإيرانية لضربة قاسية، كما أن تدمير الدفاعات الجوية السورية، التي كانت تشكل عائقاً أمام مسارات طيران مثل هذا الهجوم ، يزيد أيضاً من فرص نجاحه، فضلاً عن تكاليفه.
الدعم الأميركي
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من ذلك، لا تحتاج إسرائيل إلى الدعم الأمريكي على الساحة الدولية إذا نفذت هجوماً فحسب، بل تحتاج أيضاً إلى المساعدة الأمريكية في تنفيذه، من حيث مستوى الأسلحة والقاذفات والطائرات المقاتلة التي ستستخدمها.
وأضاف المصدر نفسه: “ليس لدينا قنبلة قادرة على القضاء على البرنامج النووي الإيراني، ليس لدينا قاذفات بقوة الأمريكيين، من واقع التجربة، عندما يعتقد الجيش الإسرائيلي أن الأمريكيين يقفون إلى جانبه في هجوم، يكون في مزاج إيجابي، وعندما لا يكون الأمريكيون معنا في الخطة، يكون الجيش أيضاً غير متأكد من موقفنا من الهجوم”. ولفتت الصحيفة إلى أنه بشكل مبدئي، يمكن تنفيذ الهجوم بدون مساعدة أمريكية، ولكن في الوضع الحالي، سيكون ذلك بمثابة مفاجأة حقيقية لهم، حتى لو وُجدت خطة، فلن تكون خطة لتدمير البرنامج النووي الإيراني، بل هجوماً سيؤدي إلى تأخير البرنامج من عدة أشهر إلى عام.