صناعة السفن في صور تكافح للصمود.. ماذا يقول روادها عنها؟

27 أبريل 2025
صناعة السفن في صور تكافح للصمود.. ماذا يقول روادها عنها؟


نشر موقع “الجزيرة نت” تقريراً تحت عنوان “صناعة السفن في صور تصارع من أجل البقاء”، وجاء فيه:

 

 

على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، تقع مدينة صور جنوبي لبنان، وهي مدينة ذات تاريخ عريق، وقد اكتسبت شهرة واسعة في العصور القديمة على صعيد التجارة البحرية، وخاصة في العصر الفينيقي، إذ اعتُبر بحّارتها من أمهر البحارة في ذلك الوقت، حيث كانت قواربهم تبحر إلى أوروبا والعالم محمّلة بالبضائع.

 

 
وحتمت هذه التجارة البحرية على الفينيقيين التخصص في صناعة السفن والقوارب، فبنوها بإتقان ولا تزال هذه الصناعة حيّة.

حرفة توارثتها الأجيال

 

إلياس بربور وإخوته هم آخر من امتهن هذه الصناعة في مدينة صور، فإلى جانب مرفأ الصيادين في المدينة أسّس جدّه عام 1900، ورشة لصناعة السفن والقوارب، وعلّم هذه الحرفة أبناءَه، وبدورهم علّموها أبناءهم على مر السنين، إلا أن هذه الحرفة مهددة اليوم بالإغلاق النهائي بعد هؤلاء الإخوة، إذ لم يورّثوها أحدا بعدهم.

ويقول إلياس وهو الأخ الأكبر لـ (الجزيرة نت)، إنه وإخوته أمهر من احترفها في لبنان، فالجميع يقصدهم من كل لبنان ومن الدول العربية، وقد انتقل شقيقه إلى قبرص وأسس فيها ورشة لصناعة السفن.

ورغم صعوبة وندرة هذه الصناعة في لبنان، إلا أنها مهملة من الدولة حسب إلياس، الذي أكّد أن أحدًا لا يهتم بهذه المهنة التراثيّة المهددة بالزوال، ويشير إلى أن عمله اليوم مقتصرٌ على إجراء تصليحات القوارب والسفن، أما الطلب على سفن وقوارب جديدة فهو قليل جدًّا لأسباب عدة.

 

مهدّدة بالانقراض

 

والسبب الأول وفق إلياس هو الغلاء الذي طرأ على أسعار المواد الأولية، فأسعار الخشب ارتفعت، وأسعار المسامير الخاصة بالصناعة البحريّة، ومواد الطلاء وغيرها.

أما السبب الأكبر والأخطر بحسب إلياس فهو الفوضى التي يشهدها مرفأ صور، إذ حلّت المراكب السياحيّة مكان مراكب الصيد بطريقة غير قانونية، فلم يعد بإمكان أي صيّاد أن يحصل أو أحد من أبنائه على مركبٍ جديد، نظرا لضيق المساحة.

 

ويحق لأحد شراء مركب دون أن يكون له مرسى في المرفأ، ما أدّى إلى توقّف الطلب على المراكب بشكل كبير جدًّا.

ويقول: “كنا نصنع في السنة الواحدة 4 أو 5 مراكب صيد، أما اليوم ومنذ 4 سنوات لم نصنع قاربًا واحدًا، ونعمل حاليًا فقط في مجال صيانة المراكب السياحية ومراكب الصيد القديمة، وهذا هو مصدر رزقنا الوحيد الآن، وللأسف اليوم هذه الصناعة مهدّدة بالزوال، وقد نكون نحن الجيل الأخير الذي يمارسها إذا لم يتحرّك أحد”.

 

بدوره يشير جورج بربور، شقيق إلياس لـ”الجزيرة نت” إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج نظرًا لارتفاع فواتير الكهرباء، ودفعهم تكاليف المحروقات للمولّد الخاص، خاصة مع الانقطاع الكبير لكهرباء الدولة، وهذا ما يرتّب أعباءً إضافية على المصنّع، الذي يعاني أساسًا من جمود في سوق التصنيع.

ويضيف أن هذه المهنة رغم جماليتها إلا أنها مرهقة، فثمة حسابات علميّة دقيقة يجب أن يعتمدها الصانع وإلا سيفشل في عمله، ويشير جورج إلى أن خطورة إغلاق مشغلهم في صور تكمن في أنهم آخر من احترف هذه المهنة، وعليه ستنتهي إلى غير رجعة.

وعن إمكانية تعليمها أشخاصا جددا يقول: “لا يمكن أن يتعلّمها إلا من يعيشها في المشغل منذ الصغر، ونحن منذ سن مبكرة كنا مع والدنا، وتعلّمنا الحرفة منه عن ظهر قلب، وأصبحنا خبراء، لكن يصعب أن يتعلمها الآن، أي شخص لسبب جوهري، وهو تراجع الطلب كثيرا على قوارب الصيد أو السياحة، وعليه لن يتحمّس أحد إلى حرفة مهدّدة بالانقراض”. (الجزيرة نت)