نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إن الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، من دون أن يكون رداً على إطلاق صواريخ من حزب الله في اتجاه بلدات الشمال، صدم اللبنانيين الذين أُجبروا، منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، على وداع “لعبة المعادلات” التي كان الجيش الإسرائيلي يديرها على الجبهة الشمالية مدة عقدين من الزمن.
وأضاف: “طوال أعوام، عمل الجيش الإسرائيلي، بتوجيه من المستوى السياسي، ضمن لعبة صفرية باردة، فكانت ردوده على استفزازات حزب الله وإطلاق النار على أراضينا محسوبة دائماً، وتتلاءم مع نتائج الهجمات، وليس مع نية المهاجمين. وخلال أعوام، كان من الواضح دائماً أن صاروخاً طائشاً يصيب روضة أطفال، ويؤدي إلى مجزرة جماعية، هو فقط الذي سيجعل الجيش يتحرك بقوة ضد حزب الله”.
وأردف: “حتى في إبان الحرب، واجه الجيش الإسرائيلي صعوبة في التخلي عن هذه الاستراتيجيا الفاشلة والخطِرة. وحتى المناورة الكبيرة التي انطلقت لاستعادة أمن إسرائيل والأحداث التاريخية التي تضمنت اغتيالات قادة من حزب الله، مع الأسف، أتت بعد الثمن الذي دفعه 12 طفلاً من حياتهم في مجدل شمس، الذين قُتلوا بصاروخ أصاب ملعب كرة القدم كانوا يلعبون فيه”.
وأكمل: “بالعودة إلى نيسان 2025، من الصعب تجاهُل تصميم الجيش الإسرائيلي اللافت خلال الأشهر التي تلَت وقف الحرب في تشرين الثاني 2024. بفضل السياسة الجديدة المدعومة بما يسمى “الوثيقة الجانبية” التي أُلحقت بقرار الأمم المتحدة الفارغ الرقم 1701 لسنة 2006، يثبت سلاح الجو ووحدات سلاح المشاة الهجومية، يومياً، التزامهم بالعقد الجديد بين مستوطني الشمال والجيش، ولا ينتظرون نموّ العشب لإطلاق عمليات جزّ العشب وضرب الأهداف، بل تنفيذ ضربات وقائية تدمّر تحركات حزب الله في نطاق عشرة كيلومترات من الحدود، وحتى نهر الليطاني”.
وأردف زاعماً: “كانت أيام عيد الفصح الأخيرة دليلاً على إصرار الجيش على استعادة الثقة به، بعد أن كان، طوال سنوات، يفضّل تجنُّب أيّ ردّ قد يؤدي إلى تصعيد يضرّ بموسم السياحة، وكذلك رؤساء البلدات وأصحاب المصالح السياحية في الشمال. خلال عيد الفصح، نُفّذ أكثر من 11 غارة على الجنوب اللبناني، وتم القضاء على عناصر كانوا يحاولون إعادة بناء البنى التحتية التي دمّرها الجيش الإسرائيلي خلال أكثر من عام من القتال المكثف”.
واستكمل: “هذه العمليات لاقت دعماً من سكان بلدات الحدود الذين يمنحون الجيش تفويضاً للعمل بحُرية، ومن دون اعتبار للمعادلة، أو نية، أو نتيجة، أو ثمن قد تدفعه البلدات الإسرائيلية، إذا قرر حزب الله الرد بإطلاق النار.
طوال سنوات، حتى في ليلة عيد الفصح 2023، عندما أُطلق أكثر من 34 صاروخاً من لبنان نحو الجليل، اختار الجيش والقيادة السياسية عدم الرد بقوة، وبذلا جهداً لعدم تحميل حزب الله المسؤولية عن الهجوم الذي لم يُسفر، لحسن الحظ، عن خسائر في الأرواح”.
واعتبر التقرير أن “الاختبار الحقيقي الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي ليس بضعة أشهر، ولا حتى سنوات قليلة، بل هو اختبار مستمر منذ عقود من الزمن، ويتطلب الإصرار والقوة ذاتهما لمنع عودة حزب الله وتعاظُمه مجدداً على خط الحدود”، وتابع: “إن هجوم حماس على سكان غلاف غزة أنقذ سكان الحدود الشمالية من مصير مشابه لأنه أجبر الجيش الإسرائيلي على شنّ ضربة استباقية وعدم انتظار اللحظة التي يختارها حزب الله”.
وختم: “حتى بعد سنوات، ستبقى مهمة تأمين حياة مئات الآلاف من سكان الشمال معقدة، وإذا استمر الجيش والمستوى السياسي في تطبيق السياسة الجريئة نفسها، فإن أطفالنا وأحفادنا سيتمكنون من اللعب والضحك بأمان، من رأس الناقورة وحتى قرية الغجر. ومن دون ذلك، فإن الثمن الذي سندفعه معروف ومخيف للجميع”. (مؤسسة الدراسات الفلسطينية)