في أحد مراكز النزوح جنوبي الخرطوم، جلست خديجة تحاول خفض حرارة طفلها بالماء البارد، وقالت “لم ينم منذ يومين… الحمى لا تهبط، ولا نملك ثمن العلاج”.
لكن ما لا تعلمه خديجة أن هذه الحمى ليست من الملاريا المعتادة التي ألفها السودانيون، بل من نوع مختلف يتسلل إلى الكبد ثم يعاود الهجوم متى ضعف الجسد. هكذا، عادت الملاريا لتتحول إلى رعب حقيقي، وهذه المرة باسم جديد: “الملاريا الحبشية”.
فقد عادت المخاوف الصحية لتُخيّم على العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من ولايات الشرق، عقب تسجيل إصابات متفرقة بمرض يُعرف محلياً باسم “الملاريا الحبشية”، وسط تحذيرات من تصاعد وتيرة انتشاره في ظل أوضاع طبية متدهورة، وندرة في الأدوية والمستلزمات التشخيصية.
وبحسب المعلومات، فقد أبلغ عدد من المرضى عن أعراض تشمل ارتفاعاً حاداً في درجة الحرارة، وآلاماً عضلية ومفصلية، إلى جانب غثيان وصداع مستمر، دون أن تُظهر الفحوصات المخبرية مؤشرات إيجابية للملاريا الشائعة أو حمى الضنك أو التيفوئيد، ما أثار الشكوك حول احتمال تفشي نوع آخر من الطفيليات.
ويرجّح مختصون أن يكون المسبب طفيلي Plasmodium vivax، وهو نوع من الملاريا أقل انتشاراً في السودان مقارنة بطفيلي Plasmodium falciparum، إلا أنه يتميز بقدرة فريدة على البقاء في الكبد لفترات طويلة، مما يؤدي إلى نوبات متكررة من الحمى عند أي ضعف مناعي.
ويؤكد الأطباء أن علاج هذا النوع من الملاريا يتطلب مساراً علاجياً مزدوجاً يبدأ بعقار “كوراتيم”، يعقبه تناول أقراص “بريماكوين” بجرعة 25 ملغ يومياً لمدة 14 يوماً، بهدف القضاء على الطفيل في مرحلته الكبدية، ومنع تكرار الانتكاسات الصحية، إلا أن نقص العقاقير في المراكز الصحية يثير مخاوف من تفاقم معدلات الإصابة وارتفاع الوفيات. (العربية)