ذكرت صحيفة “The Telegraph” البريطانية أنه “في اللحظة التي كان الرئيس دونالد ترامب يتفاخر فيها أمام أنصاره بإنجازاته الباهرة منذ توليه منصبه، كانت الطائرات الحربية البريطانية والأميركية تقصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. لا يجب أن ننسى أن التهديد الذي شكّله الحوثيون على ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر، كان من المفترض أن يُلغى بعد أن شنّ الجيش الأميركي موجة من الغارات الجوية في آذار. إن أفضل ما يتذكره الناس عن هذه العملية هو فضيحة مجموعات الدردشة، حيث قام كبار أعضاء فريق الأمن القومي التابع للإدارة بتبادل تفاصيل التخطيط العملياتي السرية بحرية”.
وبحسب الصحيفة، “على الرغم من الضجة التي أحدثتها هذه العملية، أصر فريق ترامب على أن المهمة حققت هدفها المركزي المتمثل في تقليص التهديد الحوثي، في حين أرسل رسالة لا لبس فيها إلى داعميهم في طهران مفادها أنه سيواجه عواقب “وخيمة” إذا لم تتوقف الهجمات على الشحن في البحر الأحمر. ومع ذلك، وبعد أكثر من شهر بقليل، تشارك طائرات تايفون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في غارات جوية مشتركة مع الولايات المتحدة لاستهداف منشأة لإنتاج الطائرات من دون طيار تابعة للحوثيين. بالنسبة لرئيس يقال إنه وضع نصب عينيه الفوز بجائزة نوبل للسلام لجهوده الدبلوماسية، فإن قدرة الحوثيين على مواصلة حملتهم ضد التجارة العالمية تشير إلى أن جهود ترامب في حل النزاعات تفشل فشلاً ذريعاً”.
وتابعت الصحيفة، “على العكس من ذلك، ثمة حجة دامغة مفادها أن البيئة الأمنية العالمية أصبحت أكثر صعوبة بكثير منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني، ولعل هذا يفسر ندرة ذكر مساعيه المزعومة لتحقيق السلام في خطابه في ميشيغان بمناسبة مرور 100 يوم على ولايته الثانية. ويُقدم تهديد الحوثيين مثالاً واضحاً على عدم حدوث أي تغيير يُذكر في ما يتعلق بالتهديد الذي يواجهه النقل البحري في البحر الأحمر، رغم تهديدات إدارة ترامب. حتى أن الحوثيين نجحوا في شن هجوم بطائرة مُسيّرة على حاملة الطائرات القوية يو إس إس هاري ترومان في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما تسبب في سقوط مقاتلة من طراز إف/إيه-18 سوبر هورنت تابعة للبحرية الأميركية في البحر أثناء محاولتها المراوغة. ومن المشكوك فيه أن تزعم مجموعة الدردشة المعنية بالأمن القومي في فريق ترامب الحق في التباهي بهذه الكارثة”.
وأضافت الصحيفة، “يزعم الحوثيون، بالطبع، أنهم يتصرفون تضامنًا مع مقاتلي حماس في غزة، وهو صراع آخر وعد ترامب بإنهائه في الأيام الأولى من رئاسته، لكنه لا يزال قائماً بلا أي بوادر على التراجع. انهار وقف إطلاق النار الذي طُبق عند توليه منصبه، ولا يزال الرهائن الإسرائيليون الباقون في الأسر، بينما يبدو وعد الرئيس بتحويل القطاع المدمر إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” اليوم أكثر سخافة مما كان عليه عندما طُرح لأول مرة. ولا تزال الصورة مُحبطةً حتى الآن في ظل جهود إدارة ترامب لإلغاء التهديد الذي يُشكله البرنامج النووي الإيراني. فبعد أن أشار في البداية إلى أن هدفه الرئيسي من الحوار مع المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي هو تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، تراجع ترامب الآن، مُؤكدًا أن إيران قادرة على مواصلة أنشطتها النووية، طالما أنها لا تهدف إلى إنتاج أسلحة نووية”.
وبحسب الصحيفة، “هذه هي الصيغة عينها التي وضعها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عندما تفاوض على الاتفاق النووي الأصلي المعيب في عام 2015 ثم انسحب ترامب بشكل دراماتيكي منه في عام 2018. في غضون ذلك، زاد الإيرانيون من تخصيب اليورانيوم إلى الحد الذي أصبح لديهم فيه ما يكفي من المواد لإنتاج ستة رؤوس نووية على الأقل. وليس لدى ترامب ما يفخر به في ما يتعلق بجهوده لإنهاء الصراع في أوكرانيا، إذ ثبت أن وعده بإنهاء الأعمال العدائية خلال 24 ساعة من توليه منصبه مجرد تباهي فارغ. وتستمر الحرب بوتيرة متسارعة، ولم يُعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اهتمامًا يُذكر لنداء ترامب الذي وجهه، خلال زيارته للفاتيكان نهاية الأسبوع الماضي لحضور جنازة البابا فرانسيس، لتجنب استهداف المدنيين، حيث كانت منطقة خاركيف الشمالية آخر هدف لغارات الطائرات الروسية من دون طيار”.
وتابعت الصحيفة، “في غضون ذلك، كان الاستهزاء المستمر من جانب إدارته بقدرات أوروبا الدفاعية بمثابة هدية مثالية لبوتين، الذي يدرك جيدا أن حلم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في تجميع “تحالف من الراغبين” للحفاظ على السلام في أوكرانيا بعد الصراع لن يتحقق أبدا لأن أوروبا ببساطة لا تملك القوة البشرية العسكرية المتاحة لدعم مثل هذه المهمة. وليس من المستغرب أن يشعر الكرملين بالتمكين بسبب عدم استعداد أوروبا وعدم رغبة واشنطن في الحفاظ على مظلتها الأمنية الطويلة الأمد في حلف شمال الأطلسي، مما دفع روسيا إلى تهديد السويد وفنلندا بأنهما قد تجدان نفسيهما في مرمى نيران روسيا النووية في حالة نشوب حرب مستقبلية مع أوروبا”.
وختمت الصحيفة، “لذا، وبغض النظر عن ادعاءات ترامب بأنه يجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، فإن الحقيقة الصادمة هي أن العالم اليوم، على جبهات عديدة، أصبح في وضع أكثر خطورة بكثير مما كان عليه عندما بدأ ترامب ولايته الثانية كرئيس”.