بـالنار والقصف.. هذه رسائل إسرائيل لأحمد الشرع

3 مايو 2025
بـالنار والقصف.. هذه رسائل إسرائيل لأحمد الشرع

 

 

ويقول التقرير إنه “فجر 2 أيار الجاري، شنّ الجيش الإسرائيلي غارة جوية على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية دمشق”، وأضاف: “قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مشترك مع وزير الدفاع إن الغارة تحمل رسالة واضحة إلى الحكومة السورية مفادها أن إسرائيل لن تسمح بأي تهديد للدروز. على الرغم من رمزية الضربة، فإنّها، من حيث الدلالات، تُعدّ من بين الخطوات الأكثر تصعيداً في التحركات العدوانية الإسرائيلية في سوريا منذ الإطاحة بنظام المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي”.

ورأى التقرير أن ما حصل “يعدُّ رسالة تهديد ضمنية للرئيس أحمد الشرع شخصياً ولإظهار أنه لا توجد خطوط حمراء تردع إسرائيل من الذهاب بعيداً في تقويض الحكم الجديد”، مشيراً إلى أن “استهداف محيط القصر الرئاسي إلى جانب الاستثمار الإسرائيلي في الحالة الدرزية والحديث الإسرائيلي المستمر عن الأقليات في سوريا والحاجة إلى دعمها من جانب المجتمع الدولي، يندرج في إطار نهج أوسع يسعى لاختبار مدى قدرة الرئيس أحمد الشرع على التحرك تحت ضغط الترهيب المادي والمعنوي الذي تُمارسه إسرائيل على سوريا، ولاختبار مدى استعداد السوريين لتحمّل تكاليف مشروع الدولة الموحدة، في وقت تُحاول إسرائيل استخدام “ملف الأقليات” كورقة ضغط على دمشق”.

وأكمل: “لذلك، لا يقتصر التحدي الإسرائيلي لسوريا في الواقع على احتلال أجزاء جديدة من أراضيها، أو على محاولة إحداث شرخ بين الدروز والدولة السورية، وتأليب المكونات السورية المُختلفة على هذه الدولة فحسب، بل أيضاً يُشكل تهديداً وجودياً لسوريا ككيان، ولعملية التحول فيها، كما يُشكل تحدياً كبيراً لتركيا التي تضع كل ثقلها خلف الشرع والحكم الجديد لإنجاحه؛ لأنها ترى في سوريا الموحّدة والمُستقرة حاجة جيوسياسية لها لا تقبل المساومة، وأن نجاح إسرائيل في فرض تصوراتها لسوريا كدولة مقسمة أو فدراليات، يُشكل تهديدًا مباشرًا لتركيا”.

واستكمل: “مع ذلك، لا تعكس التحرّكات الإسرائيلية بالضرورة وضعاً مُريحاً لإسرائيل في سوريا، وهي تكشف نقاط ضُعف في هذا الوضع بقدر أكبر من نقاط قوة. فمن جهةٍ تواجه مُعضلة كبيرة تُضعف استثمارها في الحالة الدرزية وتتمثل في تيار وطني قوي داخل الحالة الدرزية يُعارض الأطروحات الانفصالية والصدام مع الدولة، وأن يكون الدروز أداة لإسرائيل لتفكيك سوريا”.

وأكمل: “هذا التيار عبّر عن نفسه بوضوح في اتفاق وجهاء السويداء في 1 أيار الجاري، والذي يقضي بدخول الدولة إلى المحافظة وإلى منطقتي جرمانا وصحنايا على أطراف دمشق. وبدون بيئة حاضنة لها كما هو الحال، لا تستطيع إسرائيل إنجاح استثمارها في الحالة الدرزية كما تُريد وفرض واقع خاص بها. وهذا الوضع يُوجد مُعضلتين لإسرائيل: أولاهما انكشاف عيوب الاستثمار في قضية تُشكل مدخلًا رئيسيًا لإسرائيل للتدخل في سوريا، والثانية تقويض مصداقية الوعود التي قدّمتها للتيار الدرزي الذي يُظهر في خطابه تماهيًا متكاملًا مع مشروعها في سوريا، ويتنزعمه الشيخ حكمت الهجري”.

وأردف: “من جهة ثانية، يُعزّز الحكم الجديد في سوريا نفسه بشكل متزايد، وأصبح يحظى بقبول دولي واسع مما يدفع إسرائيل إلى تغيير خطابها تجاه هذا الحكم باعتباره نظامًا قائمًا وليس مُجرد سلطة تُديرها هيئة تحرير الشام”.

وتابع: “لقد أصبحت إسرائيل تستخدم هذا الخطاب حتى في رسائل التهديد التي تُرسلها لسوريا. علاوة على ذلك، لا تستطيع إسرائيل تجاهل التوجه الأميركي العام الذي يُبدي ميلًا للتعامل مع الرئيس الشرع، وبدأ بالفعل في سياق تفاوضي معه، كما يولي أهمية كبيرة للتقاطعات الإستراتيجية في الأهداف والمصالح مع تركيا في سوريا”.

واستكمل: “لقد عبّر الرئيس دونالد ترامب بوضوح عن هذه التقاطعات خلال اجتماعه الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في 5 نيسان الماضي، عندما أبلغه بأن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً في تشكيل مستقبل سوريا، وأن على إسرائيل أن تكون عقلانية في التعامل معها، وهذا يعني أيضًا أن على إسرائيل أن تكون عقلانية أيضًا في الأهداف التي تضعها في سوريا كي تكون قابلة للتطبيق”.

وقال: “تجدر الإشارة إلى أنه منذ اجتماع ترامب ونتنياهو وشروع تركيا وإسرائيل في مفاوضات للتوصل إلى آلية لإدارة المخاطر، شهد النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، تراجعاً كبيراً، ولم تُسجل منذ 2 نيسان الماضي أي غارات إسرائيلية حتى الهجومين الأخيرين على دمشق. إن هذه المؤشرات الثلاثة تضغط على الإستراتيجية الإسرائيلية في سوريا، وقد تدفع باتجاه تغيير في هذا النهج يتناسب مع الواقع السوري الحالي”.

 

وأوضح أن “الأهداف المُفرطة في عدم الواقعية، لا تؤدي فحسب إلى إظهار نقاط الضعف في الموقف الإسرائيلي، بل تُخاطر مع مرور الوقت بإفراز نتائج عكسية”، وختم: “مع ذلك، يبقى من الضروري أن يضع الرئيس الشرع وتركيا في حسبانهما أن إسرائيل لن تتخلى بسهولة عن أهدافها في سوريا، حتى لو اضطرت إلى تعديل خطابها أو أساليبها، فهي تسعى إلى إبقاء سوريا ضمن دائرة التوتر والضغط، لتتمكن من التحرك بحد أدنى من التكاليف الإقليمية والدولية”. (الجزيرة نت)