محور الوهم.. تقرير لـThe Hill يكشف كيف تتعاون روسيا وإيران للتلاعب بترامب

13 مايو 2025
محور الوهم.. تقرير لـThe Hill يكشف كيف تتعاون روسيا وإيران للتلاعب بترامب


ذكر صحيفة “The Hill” الأميركية أنه “في الوقت الذي يُعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن طموحاته في السياسة الخارجية لعام 2025، يبرز أمرٌ واحدٌ وهو أنه يؤمن بقدرته على التوصل بسرعة لإبرام صفقات شاملة يُزعم أن سلفه جو بايدن فشل فيها. وسواء أكان ذلك إنهاء الحرب في أوكرانيا “خلال 24 ساعة” أو إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران، فإن ترامب يَعِد بتحقيق اختراقات سريعة من خلال إبرام صفقات “صارمة” ولكن “ذكية”. ولكن خلف الكواليس، يعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقادة الإيرانيون على تشجيع هذا الاعتقاد عمداً، ليس بهدف تمكين السلام، بل لتوريط ترامب في شبكة دبلوماسية تخدم أهدافهم الخاصة”. 

وبحسب الصحيفة، “إن موسكو وطهران تضللان ترامب، وتُوهمانه بالتفاوض من دون نية التنازل. والأسوأ من ذلك، أنهما تُنسّقان هذه الاستراتيجية لتعظيم نفوذهما مستغلّتين حرص ترامب على تحقيق مكاسب سريعة لحصر الولايات المتحدة في مواقف غير مواتية. وفي ما يتعلق بأوكرانيا، تُعدّ تلميحات بوتين حول استعداده للتفاوض مجرد مناورات تكتيكية. فأهداف روسيا المتمثلة بإخضاع أوكرانيا، وتحييد الجناح الشرقي لحلف الناتو، وتعزيز مكاسبها الإقليمية، لا تزال قائمة. وتُعدّ إشارات بوتين حول “محادثات السلام” المحتملة مُدبّرة لإقناع ترامب بأن مصافحة بسيطة قد تُنهي الحرب. في الواقع، أي وقف إطلاق نار تُرحّب به روسيا سيسمح لها ببساطة بإعادة تسليح نفسها وإعادة تنظيم صفوفها”. 

وتابعت الصحيفة، “في غضون ذلك، تتبع إيران نهج بوتين. ففي حين يستكشف حلفاء ترامب إعادة إحياء المحادثات النووية، تُبدي طهران انفتاحًا مُبهمًا، في حين تُسرّع برنامجها النووي وترسّخ وجودها الإقليمي. ولا تسعى إيران إلى المفاوضات لكبح طموحاتها، بل لرفع الضغط، وتقسيم الغرب، وإعادة ضبط الساحة الدبلوماسية دون تضحيات حقيقية. إن الحقيقة الحاسمة، والتي غالبًا ما تُغفَل، هي أن روسيا وإيران لا تعملان منفردتين، بل تُنسّقان تكتيكاتهما. ونظرًا لتنامي علاقاتها الأمنية والاقتصادية مع طهران، شجعت موسكو إيران على الحفاظ على موقف المشاركة الانتقائية. وفي الوقت عينه، وضعت روسيا نفسها كوسيط لا غنى عنه بين الولايات المتحدة وإيران، واقترحت نفسها “كوسيط” يمكنه تسهيل تحقيق اختراقات إذا كان ترامب على استعداد لتقديم تنازلات جيوسياسية أوسع”.

وأضافت الصحيفة، “إن هذه الحيلة تخدم عدة أهداف روسية: إبقاء ترامب مهتما بالنتائج التي تسيطر عليها موسكو، وجعل روسيا تبدو وكأنها لا غنى عنها في كل من أوكرانيا والشرق الأوسط، وتعزيز التبعية الدبلوماسية للولايات المتحدة، وفتح الأبواب أمام تخفيف العقوبات، والاعتراف الإقليمي أو إضعاف وحدة حلف شمال الأطلسي. في الواقع، يستغل بوتين غرائز ترامب المعاملاتية، فيقدم له سراب التقدم في مقابل مكاسب استراتيجية حقيقية. ومما زاد من حدة المخاطر، اختيار ترامب لمبعوثه ستيف ويتكوف، لإجراء مفاوضات سرية مع موسكو وطهران. وباعتماده على شخص موثوق به بدلاً من رجل دولة مخضرم، خلق ترامب فرصةً يستغلها خصومه”. 

وبحسب الصحيفة، “إن ويتكوف، دون قصد، هو الأداة المثالية لاستراتيجيتهم. ومن المرجح أن المسؤولين الروس والإيرانيين يتبادلون الآراء حول أفضل السبل للتلاعب به، محولين الدبلوماسية الأميركية إلى أداة لتحقيق أجندتهم. وفي الواثع، إن المخاطر على الولايات المتحدة جسيمة. فبعد ثلاثة أشهر من رئاسته، يبدو ترامب ملتزمًا بإبرام صفقات سريعة، لكنه يطارد أوهامًا تسيطر عليها موسكو وطهران. أي “اتفاق سلام” يُجمّد المكاسب الروسية من شأنه أن يُقوّض القانون الدولي ويُشجّع على العدوان في المستقبل. أما الاتفاق النووي مع إيران، الذي يُخفّف العقوبات دون قيود قابلة للتحقق، فمن شأنه أن يُؤجج سباق تسلح إقليميًا. والأسوأ من ذلك، أن وهم الزخم قد يُضعف النفوذ الأميركي. سينقسم الحلفاء، وستُصاب أوكرانيا بالإحباط، وستجني إيران الإغاثة وتواصل تقدمها النووي تحت ستار الدبلوماسية. وستستعيد روسيا شرعيتها العالمية بينما تظل أوكرانيا عُرضة للخطر”.

وتابعت الصحيفة، “بوتين يتفهم رغبة ترامب في تحقيق مكاسب سريعة، ويصنع فخاخًا تبدو انتصارات سهلة، لكنها تخدم مصالح الكرملين. وتنضم إيران بحماس إلى هذه المسرحية الهزلية، متعاونةً مع موسكو لتجاوز العزلة الغربية. ومع حلول عام 2025، يجب على فريق ترامب أن يُدرك الفخ. فالدبلوماسية الحقيقية تتطلب الواقعية، لا التمني. إن بوتين والمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، لا يُقدّمان السلام، بل المماطلة والتشتيت والتبعية. لن يكون هناك اتفاق دون ضغط وعزيمة استراتيجية. قد يتصدر السعي وراء اتفاقيات وهمية عناوين الصحف، لكنه سيكلف أميركا غاليًا. إذا كان ترامب يسعى إلى القوة الحقيقية، فعليه أن يتذكر: فن إبرام الصفقات يبدأ بمعرفة متى يُخدع المرء”.