وذكرت “هآرتس” في تحليل أعده المُحلل السياسي جاكي خوري، أنه منذ ورود تقارير عن احتمال مقتل محمد السنوار في هجوم على نفق في خان يونس، تعمل إسرائيل على تغذية وتعزيز الادعاء بأن هذه نقطة تحول استراتيجية في المحادثات للتوصل إلى اتفاق، كما تزعم إسرائيل أن السنوار الأكبر هو “الرجل الصلب”، الذي منع التقدم في المفاوضات، وأن مقتله، إلى جانب قادة كبار آخرين في الجناح العسكري، سيؤدي إلى تفكك ومرونة في حماس، لكن مثل هذه “الآمال” سمعت مراراً وتكراراً منذ بداية الحرب، ولكنها لم تتحقق.
ضربات قاسية وموقف ثابت
وأضافت الصحيفة أن حماس تلقت ضربات قاسية خلال عام ونصف الماضيين، ولكنها لم تغير مواقفها بشكل جذري فيما يتصل بالمطلب النهائي، المتمثل في وقف القتال وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة كشرط يسمح بالإفراج عن جميع الرهائن، وكان أحد نقاط التحول هو مقتل يحيى السنوار، الذي كان الشخصية الأكثر سيطرة وأعلى منصب في حماس.
وسمعت أصوات مماثلة بعد اغتيال رئيس الجناح العسكري محمد الضيف، وبعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وعائلته، ولكن حتى بعد كل هذا، ظلت حماس تصر على نفس المبدأ الواضح “إن التوصل إلى اتفاق شامل لن يكون ممكنا إلا في إطار اتفاق لإنهاء الحرب، وانسحاب إسرائيل”.
وتقول الصحيفة إنه بالنسبة لحماس، هذا المبدأ ليس مسألة تكتيكات أو استراتيجية، بل مسألة بقاء، وأي صفقة تحت النار سوف ينظر إليها في نظرها وفي نظر الجمهور الفلسطيني على أنها استسلام معلن، وفتح المجال أمام استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والسيطرة على القطاع ربما لأجيال.
الضغط على حماس
وذكرت الصحيفة أنه لا يوجد زعيم في حماس يستطيع أن يقبل بهذا، لا فكرياً ولا علناً، موضحة أن الاغتيال كان يهدف إلى الضغط على حماس لكي تكون أكثر مرونة، ولكن حتى الآن لم يؤد الضغط إلى مرونة، بل العكس، ومع تزايد استخدام القوة العسكرية، أصبحت مواقف حماس أكثر تشدداً، وإذا بدأت المناورات العسكرية الواسعة النطاق، فإن الرهائن قد يدفعون الثمن.
وتقول الصحيفة إن هناك عاملاً آخر غالباً ما يتم تجاهله في إسرائيل وهو البنية الداخلية لحركة حماس، مشيرة إلى أن محمد السنوار كان شخصية مهيمنة بعد اغتيال شقيقه، لكن الحركة كانت تعمل بالفعل بطريقة فوضوية، وتم تقسيم آلية اتخاذ القرار إلى قيادة داخلية وقيادة خارجية، مستطردة أن “اغتيال مركز قوة مثل السنوار، لن يؤدي بالضرورة إلى تحويل السلطة إلى عناصر أكثر براغماتية، ولكنه قد يؤدي في الواقع إلى تشتيت خطير لمراكز السيطرة في القطاع”.
وتقول إنه من شأن هذا التشرذم أن يجعل من الصعب اتخاذ قرارات متفق عليها ومركزية.
واستطردت هآرتس قائلة: “من يعلق آماله على الاغتيالات قد يخدع، قد تكون هذه الإنجازات رمزية وإعلامية، ولكنها ليست بالضرورة إنجازاً عملياً، وفي ظل واقع الانقسام وعدم اليقين والقتال المستمر، إذا لم يحدث تغيير جوهري في نظرة إسرائيل إلى الاستيطان، فلن يكون هناك اتفاق، بغض النظر عن عدد كبار المسؤولين الذين سيتم إبعادهم عن الطاولة”. (24)